تستعد قطر، لتنظيم أول انتخابات تشريعية في تاريخها لاختيار أعضاء مجلس الشوري ، والتي من المقرر إجراؤها في أكتوبر المقبل ، وسط تتطلع في أن يساهم الفريق الذي ستفرزه الصناديق ، في دعم مسيرة التنمية في البلاد على جميع المستويات.
ويترقب القطريون باهتمام بالغ هذه الخطوة الهامة في حياتهم ، التي تعد محطة فارقة في تاريخ البلاد ، بعد أن أعلن أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ، في شهر نونبر من السنة الماضية ، عن إجراء أول انتخابات لمجلس الشورى ، الهئية التشريعية، التي ستتولى اختصاصات وصلاحيات تهم بالخصوص مراقبة السلطة التنفيذية ومناقشة كل ما يحال عليها من مجلس الوزراء للنقاش والمصادقة.
وتم تحديد ثلاثين دائرة انتخابية ، على أن ينتخب عضو واحد عن كل دائرة ، وأن يتألف المجلس من خمسة وأربعين عضوا، يتم انتخاب ثلاثين عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، فيما يعين الأمير الأعضاء الخمسة عشر الآخرين ، وتنتهي عضوية المعينين في المجلس باستقالتهم أو إعفائهم .
ولا يجيز القانون الانتخابي للوزراء ، وأعضاء الهيئات القضائية ، وأفراد الجيش ، وأعضاء المجلس البلدي المركزي ، الترشح لهذه الانتخابات ، طوال مدة شغلهم لمناصبهم .
وقال أمير قطر لدى إعلانه عن موعد الانتخابات “نقوم بخطوة مهمة في تعزيز تقاليد الشورى القطرية، وتطوير عملية التشريع بمشاركة أوسع من المواطنين”.
ويرجع تاريخ إحداث أول مجلس الشورى في قطر عبر تعيين أعضائه إلى عام 1972، وفق نظام أساسي مؤقت، تم تعديله في 19 أبريل الماضي، لتنظيم هياكل ومؤسسات الدولة الحديثة، من بينها مجلس الشورى الذي سيتحمل مسؤولية اعتماد مشاريع القوانين، وكل جوانب الحياة العامة للدولة ، السياسية والاقتصادية والإدارية، ومشاريع الميزانيات.
وقبل فتح باب التشريح للمجلس في الأسبوع الأخير من شهر غشت الماضي، تم تشكيل لجنة لتلقي الطلبات تضم، وفق قرار لوزيرة الداخلية ، خمسة أعضاء من الوزارة ، وأحد قضاء محكمة الاستئناف ، ومحام عام بالنيابة العامة ، وممثل عن اللجنة الوطنية لحقوق الانسان ، وممثل عن المجتمع المدني.
وقد تولت اللجنة تلقي الطلبات وفحصها، والتحقق من توافر الشروط التي حددها الدستور والقانون ، وإعلان أسماء المرشحين الذين استوفوا شروط الترشح ، واستبعاد الذين ثبت عدم توفرهم على أحد الشروط ، ثم الفصل في الاعتراضات والتظلمات.
ومن شروط الترشح لعضوية مجلس الشورى ، التي حددها القانون ، أن تكون جنسية المرشح الأصلية قطرية، وألا يقل عمره عن 30 عاما ، وأن يجيد اللغة العربية قراءة وكتابة، إضافة إلى ألا يكون قد سبق الحكم عليه نهائيا في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة .
وبعد أن أعلنت اللجنة عن اللائحة النهائية للمتقدمين للانتخابات المجلس والتي ضمت 284 مرشحا من بينهم 28 سيدة ، موزعين على ثلاثين دائرة انتخابية ، انطلقت الحملة الانتخابية التي ستنتهي قبل أربع وعشرين ساعة على بدء عملية الانتخاب ، وفق ما حدده القانون.
كما حدد القانون كحد أقصى لما ينفقه كل مرشح في الحملة ، مليوني ريال قطري (حوالي 550 ألف دولار) ، فيما تحدد البلديات أماكن وضع الإعلانات ، أو الملصقات أو البيانات الانتخابية ، وتخصص مساحات متساوية لكل المرشحين.
ويلزم قانون الانتخابات المرشح خلال حملتة ، بالخصوص احترام حرية الغير في إبداء رأيه، والمحافظة على الوحدة الوطنية ، وصيانة أمن المجتمع، وعدم القيام بأي دعاية انتخابية تنطوي على نزعة قبلية أو طائفية ، وعدم استغلال الوسائل والأدوات المملوكة للدولة في الدعاية ، أو التعدي على وسائل دعاية الغير.
ويأمل القطريون أن تساهم الانتخابات ، في بناء مؤسسات قوية لدولتهم تحافظ على الوحدة الوطنية ، عبر مشاركة إيجابية ، ومنافسة نزيهة وحضارية .
ولم تختلف آراؤهم حول هذه الانتخابات ، التي خصصت لها وسائل الاعلام المحلية ، حيزا هاما من اهتماماتها، بل التقت عند أهمية أن يكون المرشح على قدر من المعرفة ، وأن يتدرب عن كيفية إدارة الحملة الانتخابية لإقناع الناخبين بالتصويت لصالحه ، والاهتمام بتفاصيل البرنامج والشعار الانتخابي ، وعلى طرق إعداد ميزانية الحملة الانتخابية ، والتعامل مع ذوي الخبرة أو شركات متخصصة، تفاديا لإهدار الأموال.
كما يرى المواطنون أن على المرشحين الحرص على تأهيل أنفسهم جيدا ، لتحمل مسؤولية عضوية مجلس الشورى ، لكونهم سيمثلون الشعب ، وسيمثلون وطنهم في المحافل البرلمانية الدولية.
ويستقيم لبعض المحللين اعتبار هذه الانتخابات ، تجربة أولى للمشاركة الشعبية في اختيار من سيتحمل مسؤولية السلطة التشريعية، ونظرا لحداثتها يرون أنه لا يمكن تقييمها ، بما في ذلك تقييم استعداد المواطن القطري لها ، ومدى نجاحها ، إلا بعد دورتين أو أكثر .
وتقع على عاتق المجلس مسؤوليات كبيرة، بالنظر إلى العديد من المهام التي تتطلب الإطلاع والمتابعة الجيدة للقضايا المحلية والدولية ، إذ يعول المواطنون على الأعضاء القادمين ، تسخير قدراتهم في معالجة قضاياهم والاستحابة لانتظاراتهم ،وتمثيلهم في أفضل صورة .
كما سيواجه أعضاء المجلس المنتخب ، عددا من القضايا ذات الأولوية مرتبطة أساسا بالدفع بخطط الدولة ، واستراتيجية رؤية قطر 2030 ، ومناقشة الميزانيات التي تعتبر إحدى أدوات تمكين الدولة من تحقيق أهدافها ومشاريعها.
وبرزت قضية البيئة ، ضمن القضايا التي تستأثر باهتمام المواطن القطري ، حيث سيكون للمجلس فيها دورا هاما ، خاصة فيما يتعلق بمكافحة تغي ر الم ناخ ، وتطوير التشريعات والقوانين ، ونشر ثقافة الاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها والاهتمام بالبحث العلمي .