من حيث المعنى الاصطلاحي تعني المساواة التمتع بجميع الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون التمييز بسبب الدين أو اللون أو اللغة أو الجنس أو الرأي السياسي أو المستوى الاجتماعي، فهل نحظى في المغرب بالحد الأدنى للمساواة؟
أعتقد أنه لا يوجد إطلاقا مجتمع لا يقتضي سيطرة فئات على أخرى واستفادة بعضها أكثر من الاخرى. عموما لا يوجد مجتمع مساواتي، فالمساواة هدف معياري تتصارع من أجله الفئات والشعوب. توجد طبعا مجتمعات تضمن مساواة أكثر أو أقل من غيرها، ولكن التمايز قاعدة عامة. من هنا يبدو دور النخبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية﴿ الحكومة والبرلمان والاحزاب السياسية وباقي المؤسسات الدستورية ﴾،أقول يبدو دورها مهما في تقليص مساحة التمايز بين الأفراد والطبقات في أفق تحقيق رفاه المجتمع من خلال قرارات دستورية او قانونية أو إدارية تنظيمية .فهل لدينا حكومة تدفع في هذا الاتجاه….؟
حسب تقرير التقييم الذاتي السنوي لخطة العمل الوطنية للحكومة المنفتحة والتي تضم 22 التزاما، يشمل مجالات الشفافية، وجودة الخدمات، والمشاركة، والمواطنة، والعدالة المنفتحة، والمساواة والشمولية…. وغيرها من المجالات، فإن نسبة إنجاز محور المساواة على سبيل المثال لم يتجاوز 50%، هنا نتساءل كيف لحكومة تصف المجتمع المدني بالشريك الأساس في إنجاح ورش الحكومة المنفتحة وفي نفس الآن تلغي بجرة قلم، أثناء مشاورات تشكيل الحكومة وزراة كانت تعنى بشؤون المجتمع المدني…؟
إن حضور المجتمع المدني كشريك وكقوة اقتراحية في رسم وتنفيذ السياسات العمومية، عامل حاسم في توسيع مجال المساواة في أبعاده المتعددة والمتنوعة.
وللتاريخ، فإن حكومة العثماني هي من اتخذت قرار الانخراط ((في مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة)) سنة 2018، وهي مبادرة متعددة الأطراف تم الإعلان عنها سنة 2011 من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، نتمنى من حكومة (رجال الأعمال) ان تحافظ على هذا المكتسب وتنخرط فيه بالجدية المطلوبة…
صحيح أن المغرب يحاول الدخول الى نادي المجتمعات المعاصرة، لكن للأسف وفق صيرورتين متعارضتين:
__ صيرورة المزيد من المساواة في المشاركة السياسية والاقتصادية وذلك عن طريق توسيع الحريات الفردية والعامة وتوسيع مجال الممارسات الديموقراطية ﴿ معطيات الوثيقة الدستورية﴾
__ صيرورة تقعيد البيروقراطية ،أو على الأقل تعميم النظام البيروقراطي على مختلف المؤسسات وميادين العمل الاجتماعي ﴿معطيات الواقع ﴾
لكن أمام تغلغل اقتصاد الريع في تمفصلات الدولة والمجتمع عل حد سواء مع صعوبة إخضاع الهيئات المكلفة بتدبير الشؤون العامة الى مقتضيات الصيرورة الاولى تكون النتيجة هي تطور النظم البيروقراطية والتخلص بشكل تدريجي من الرقابة الاجتماعية لفائدة الرقابة الأمنية؛ لهذا بات من الضروري الحاجة إلى إصلاحات هيكلية لملاءمة القوانين مع الاسقف الدستورية خصوصا في مجال المساواة.