سمعت اليوم في نشرة الأخبار أن تلميذاً فرنسياً صفع معلمته في الصف وعمره 16 سنة، وتلميذاً أمريكياً أطلق النار من مسدس على أستاذته في الصف وجرحها جرحاً بليغاً وعمر التلميذ القاتل 6 سنوات!
والمسدس يخص والده؛ ففي U.S.A بيع السلاح مباح. وتلميذ آخر أمريكي أطلق النار في الصف على معلمته وقتلها! وقرأت في مجلة فرنسية راقية أن شابة فرنسية (20 سنة) قتلها شاب في مثل سنها بعد اغتصابها.
وتذكر المجلة أن هذه الجريمة حلقة في سلسلة من جرائم القتل الفرنسية على الطريقة ذاتها، وأن أكثر من 122 شابة فرنسية قتلت في الأشهر الأخيرة للسبب ذاته.
لغة العنف في عالمنا العربي
لا نستطيع أن نبرئ أنفسنا في عالمنا العربي من لغة العنف.
هذا أب مصري دهن جسد ابنه (6 سنوات) بالعسل ثم قيده وتركه عارياً عرضة للدغات الحشرات عقاباً له! وتقدمت أمه بالشكوى. ترى، ألم يكن بوسع الأب محاورة ابنه الصغير بدلاً من تعذيبه ليتوب عن الكسل في المدرسة؟
وقرأت أيضاً في منبر عربي راق أن العنف الأسري مازال متواصلاً في تونس على الرغم من وجود قانون ضده. إنها لغة العنف التي تتغلب على القوانين كلها! وقرأت أيضاً أن الكاتبة الشهيرة ج. ك. رولينغ (مؤلفة سلسلة هاري بوتر) الساحر الصغير، تتولى الدفاع عن النساء ضحايا العنف، وأنها ناشطة نسوية. وليس من الضروري أن تكون المرأة شهيرة لتدافع عن بنات جنسها ضد العنف، وبوسع الرجال والنساء أياً كانوا الوقوف ضد العنف الذكوري غالباً.
اشتكت، وفات الأوان!
ذهبت امرأة أمريكية إلى المخفر لتقديم شكوى ضد زوجها العنيف (المرأة العربية لا تجرؤ على ذلك بل تقدم شكواها للأهل) ورفض الشرطي الأمريكي تسجيل شكواها رسمياً باستخفاف، وطلب منها أن تعود في اليوم التالي لذلك، ولعله توهم أن الصلح سيسود بينها وزوجها ليلاً. وصباح اليوم التالي، علم الشرطي بأن الزوج قتل زوجته التي رفض تسجيل شكواها وحمايتها.. فلغة العنف تتغلب هذه الأيام على لغة الحوار الإنساني فيما يبدو.. وبلادنا العربية لا تخلو من العنف الأسري الذي تتصاعد أرقامه في بلادنا، ولكن الخبر المروع هو أن جدة عربية قتلت حفيدها بحرمانه من الطعام حتى الموت. وثمة والد عربي قتل ابنته بضربها بالعصا على رأسها. ناهيك عن زوجة أب قتلت ابن زوجها الطفل بعد تعذيبه! والعنف الأسري في عالمنا العربي جزء من ظاهرة العنف العالمي، والحل ببساطة العودة إلى لغة الحوار الإنساني بدلاً من لغة العنف والقتل، ولا أريد أن يأتي اليوم الذي نقرأ فيه مقتل أزواج على يد زوجاتهم أو ما شابه. وعسى أن تتوقف الظاهرة هنا وأن تنعكس، وتصير لغة الحوار بديلاً عن لغة العنف العصرية حتى القتل!
مياو.. مياو.. عو..عو
لا أحب تسبيب الغم للقارئ، وكل ما تقدم ينجح في ذلك! لذا أنتقل إلى موضوع آخر.. عن عشق بعض الناس في فرنسا على الأقل لقططهم المنزلية وكلابهم. ومن زمان كنت أسخر من ذلك، فألوم الذين ينفقون المال على القطط والكلاب وأطبائهم النفسانيين ومجوهراتهم وفنادقهم وموسيقاهم وأشرطة الفيديو الخاصة بهم.
اليوم صرت ألوم مجتمعنا المعاصر المتوحش الذي يدفع ببعض الناس إلى البحث عن الأنس والود لدى فصائل غير بشرية. وبوسعك حين تعود مساء إلى البيت أن تشكو همومك لكلبك وبصوت عال، فهو لن يغدر بك ويستغل لحظة ضعفك لابتزازك!
التعاطف البشري
وعسى أن يأتي يوم يجد فيه المرء في قلوب المحيطين به بعض ما يجده في عيون الكلاب والقطط! هل عرفتم لماذا صرت أرضى (بمعاناة) النزهة اليومية مع كلب جارتي التي صارت مقعدة، وأصطحبه في نزهته ليلاً وفجراً، وحتى تحت الثلج، بل وأعترف أنني بدأت أحبه حبي لقطة جارتي الأخرى التي لم تعد تداعب قطتها لأنها مضت إلى (الكوما) بعد حادث سيارة، فصرت أدلل قطتها وأعتني بها رغم مشاكلي، كما كنت أدلل قطة عمتي “فلة” وابنتها (شامة) في دمشق حين كنت بنتاً صغيرة، فبوسع الحيوان الأليف أن يجعلنا نحبه لكنه فيما بعد يستعبدنا كما يحدث في قصص الحب كلها!
مهنة جديدة: جليسة كلاب!
ابنة إحدى صديقاتي الفرنسيات تحلم بزيارة لندن، ولكنها لا تملك المال الكافي لذلك، لذا تجاوبت مع إعلان على الإنترنت لأسرة لندنية تريد قضاء شهر للسفر إلى اليونان في إجازة وتبحث عن شابة تقيم في بيتها وتعتني بكلابها خلال غيابها.
وهكذا وافقت ابنة صديقتي ووجدت في ذلك فرصة لزيارة لندن دون الإقامة في فندق بل في بيت أنيق في حي راق في لندن. وأجابت الأسرة بالموافقة ومضت إلى لندن، وكانت مهنتها لشهر (جليسة كلاب) لا (بيبي سيتر) جليسة أطفال. وكانت الصلة بينها والكلاب ودية في زمن العنف كله لعصرنا.
وحين عادت الأسرة من إجازتها وعادت ابنة صديقتي إلى باريس، كانت صلة ودية قد نشأت بينها والكلاب. هل يعقل أن يكون العنف لغة عصرنا كبشر والمودة حتى بيننا والكلاب؟