في سابقة خطيرة، تحمل بين ثناياها الكثير من الإشارات المقلقة عن طريقة تدبير عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لقطاع حيوي وحساس، أقدم حكيم عبد المومن، رئيس الجمعية المغربية لصناعة وتسويق السيارات، على الاستقالة من لجنة انتقاء رئيس جامعة ابن طفيل بالقنيطرة التي عين أعضائها الوزير نفسه، ليتحاشى بذلك أن يحشر اسمه في ما بات يعرف بفضائح تعيينات ميراوي لأصدقائه ومقربيه، خارج إطار المنافسة الشريفة.
هذا واخبر المرشحون اليوم هاتفيا بتأجيل المباراة ليوم 20 من الشهر المقبل بسبب هذا الانسحاب المفاجئ.
وتأتي استقالة عبد المومن من لجنة القنيطرة بعدما تم الترويج لأسماء أصدقاء الوزير القادمين من فرنسا، بالإضافة إلى إسم “مرشح الوزير” المفضل، محمد العربي كركب، الذي أراد تنصيبه، فور تعيينه وزيراً، كاتباً عاماً للوزارة، لولا اعتراض رئيس الحكومة على طلب الإعفاء الذي تقدم به الوزير في حق الكاتب العام الحالي، بعدما تفطن أخنوش للأسباب غير الموضوعية التي دفعت به للموافقة على طلبات الإعفاء العديدة التي رفعها ميراوي إلى هذا الأخير في حق المسؤولين المركزيين والجامعيين.
وبعدما تبين لميراوي استحالة تعيين كركب كاتباً عاماً للوزارة في الفترة الحالية، لجأ إلى الدفع به على رأس جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، بعدما عينه شهر أبريل الماضي عميداً للكلية متعددة التخصصات بالعرائش، كجزاءٍ لشقيقته، إيمان كركب، التي تولت مهمة إعطاء الصبغة المؤسساتية لإلغاء نظام الباشلور، بصفتها كاتبةً عامةً للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ودون الرجوع إلى هياكل المجلس، في خرق للنظام الداخلي للمجلس، انتصاراً للفرنكوفونية التي يدافع عنها ميراوي بدون حرج.
للإشارة، فقد سبق لميراوي أن استقدم إيمان كركب كاتبةً عامةً لجامعة القاضي عياض بمراكش، لما ترأسها خلال الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى غاية 2019، قبل أن يعفيها الوزير السابق، لحسن الداودي، بعدما ضبطت تتوسط لفرض أخيها، محمد العربي، عميداً للمدرسة الوطنية للهندسة التطبيقية بمراكش، خارج الضوابط القانونية، قبل أن يعمد الوزير آنذاك إلى إلغاء نتيجة المبارة وإعادة فتحها مرة ثانية.
وتعتبر استقالة عضو لجنة الانتقاء تجسيدا للزبونية والمحسوبية وانعدام شروط النزاهة وتكافؤ الفرص التي دأب على الاستناد إليها ميراوي في كل مناصب المسؤولية التي فتحت “للتباري” منذ قدومه والتي خلفت استياءً واسعا داخل الوزارة والجامعات والتي سبقها حملة إعفاءات طغى عليها طابع المزاجية والانتقامية في حق كل من اختلف مع توجهاته.
وقد سمحت هذه السياسية الخطيرة للوزير من “تبليص” مقربيه وأصدقائه على رأس عدد مهم من المديريات المركزية والمؤسسات الجامعية، في ضرب فاضح لكل التوجيهات الملكية السامية والأحكام الدستورية المتعلقة بالنزاهة والكفاءة وحسن الحكامة.