الناصرة -«القدس العربي»: بعد 40 سنة خلف القضبان ألقت سلطات الاحتلال عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس على قارعة الطريق فجر أمس الخميس فوجد نفسه في لحظة تبدو خيالية تزاحمت واختلطت فيها المشاعر وتكثفت الأفكار فعبّر عن بعضها بكلمات عفوية إنسانية مشحونة بدلالة كبيرة بقوله إنه فرح لمشاهدة الشمس للمرة الأولى بعد أربعة عقود متمنيا أن تشرق على آلاف الأسرى من رفاقه ينتظرون معانقة حرياتهم.
وتعمدّت سلطات الاحتلال نقل الأسير الحرّ كريم يونس (64 عاما) بسيارة للشرطة من سجن هداريم إلى محطة للحافلات في مدينة رعنانا. هذه البلدة اليهودية شمال تل أبيب القائمة على أنقاض بلدة تبصر المهجرة منذ نكبة فلسطين التي انضم يونس من أجلها لنضال شعبه وهو في ريعان شبابه وظل يقول طيلة الأسر مواسيا والدته الراحلة صبحية يونس إنه وقع بالأسر كرمى لقضية مشرفة وعادلة.
هناك استعان يونس بهاتف أحد العمال الفلسطينيين للاتصال بأقاربه الذين سارعوا لاستحضاره إلى مسقط رأسه في قرية عارة في شمال منطقة المثلث داخل أراضي 48 حيث تم استقباله والاحتفاء به لساعات طويلة بعدما زار ضريحي والديه اللذين رحلا وهو داخل السجن. وكشف يونس أن المخابرات الإسرائيلية هددته هو وعائلته بعقوبات في حال أقامت احتفالات بالإفراج عنه أو رفعت الأعلام الفلسطينية أمام منزله وهذا ما حصل اذ قامت سلطات الاحتلال باقتحام خيمة استقباله وتفرض قيودا على الاحتفال بتحرره.
وفي أولى كلماته بعد الحرية، قال يونس “أحيي أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم الذي يناضل منذ 100 عام دون أن يرفع الراية البيضاء. وعبّر عن فرحه بأول يوم من الحرية بالقول إنه سعيد برؤيته للمرة الأولى الشجر والشمس والسيارات بعد 40 سنة من رؤية القضبان والأسمنت وجدران السجن”. وأكد يونس أن فرحته بالإفراج عنه منقوصة بسبب بقاء آلاف الأسرى في سجون الاحتلال، لكنه أكد أن ما يعزيه هو أنه ترك الأسرى موحدين في وجه تهديدات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، داعيا الفصائل الفلسطينية للاقتداء بهم والعمل على تحقيق الوحدة الوطنية.
في حديثه لقناة “الجزيرة” وجه كريم يونس التحية لمراسلتها شيرين أبو عاقلة التي اغتالتها قوات الاحتلال العام الماضي، مؤكدا أنها كانت سفيرة فلسطينية وصوتا في كل مكان، وأن اغتيالها كان استهدافا لحرية الصحافة وصوت المقاومة الفلسطينية في وجه السلطات الإسرائيلية التي تستعد الآن لسحب مواطنته وتهدده بالترحيل.
وهنأت الفصائل الفلسطينية كريم يونس والشعب الفلسطيني بهذا الإفراج وأجمعت على كونه مناضلا صلبا ومثقفا لعب دورا مركزيا داخل الحركة الأسيرة طيلة عقود. بدوره، أكد الرئيس محمود عباس أن المناضل كريم يونس “يمثل رمزا من رموز شعبنا الفلسطيني وأحرار العالم في الصمود”، قائلا إن قضية الأسرى هي قضية الشعب الفلسطيني بأسره، وسنبذل كل جهد ممكن لإطلاق سراحهم من معتقلات الاحتلال الإسرائيلي”.
ولد كريم يونس فضل يونس في 24 ديسمبر/ كانون الأول 1956 وفي 6 يناير/ كانون الثاني 1983، اعتقلته قوات الاحتلال من مقاعد الدراسة في جامعة بن غوريون في النقب، ولاحقا أدين مع قريبيه الأسير الراحل سامي يونس وماهر يونس الذي سيفرج عنه بعد أسبوعين بقتل جندي إسرائيلي وبالانتماء لحركة “فتح”.