بمحطة الأداء بوزنيقة على الطريق السيار الرابط بين العاصمة الاقتصادية والرباط، يجد مستعلمو الطريق الذين باغتتهم ساعة الإفطار مجموعة من الشباب النشيطين والمبتسمين في انتظارهم كل يوم جمعة من أجل إمدادهم بعلب تحتوي على وجبات إفطار كاملة تمكنهم من كسر صيامهم وإكمال طريقهم إلى وجهاتهم دون الحاجة إلى البحث عن مكان آخر للإفطار.
ويحرص هؤلاء الشباب القادمين من مدينة المحمدية على توزيع العلب الغذائية التي عكفوا على إعدادها طيلة اليوم على أكبر عدد ممكن من مستعملي الطريق السيار، وذلك بالتنقل بين مختلف مسارات محطة الأداء دون إغفال العربات المتوقفة بجوار المحطة والسهر على تكييف عدد العلب الموزعة مع عدد الأشخاص المتواجدين بالعربة.
ورغم الاندهاش الأولي للبعض من هذه المبادرة إلا أنهم سرعان ما يفتحون نوافذ سياراتهم لاستلام هذه العلب، معربين في الوقت ذاته عن امتنانهم الخالص لهؤلاء الشباب والشابات الذين يساهمون بوقتهم ومالهم ومجهودهم في إعداد هذه العلب الغذائية، ويتكبدون عناء التنقل من منازلهم إلى الطريق السيار مع اقتراب آذان المغرب.
وهذه المبادرة النبيلة الفريدة من نوعها في المملكة هي من تنظيم جمعية “كلنا يد واحدة” التي دأبت كل يوم جمعة منذ بداية هذا الشهر المبارك على إفطار عابري السبيل بمحطة الأداء بوزنيقة، وذلك تجسيدا لقيم التضامن والتآزر التي يتميز بها المجتمع المغربي.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء وقناتها الإخبارية (M24) أثناء عملية إعداد علب الإفطار بمنزل أحد منخرطي الجمعية بالمحمدية، أوضحت رئيسة الجمعية السيدة كريمة الشيكر أن عملية إفطار عابري السبيل هي “مبادرة نابعة من روح المواطنة لمنخرطي جمعية كلنا يد واحدة، حيث يقومون كل يوم جمعة من هذا الشهر المبارك بإعداد مائة إلى مائتي علبة غذائية بغية توزيعها على عابري السبيل بالطريق السيار”.
وأكدت السيدة الشيكر أن هذه المبادرة تلقى تجاوبا كبيرا من طرف مستعملي الطريق السيار بحكم أن هذا هو الخيار الوحيد في بعض الأحيان الذي يكون متوفرا للمسافرين بغية كسر صيامهم مع آذان المغرب.
وبالنسبة لمحتوى علب الإفطار، أشارت إلى أنها تحتوي على جميع أساسيات وجبة إفطار من ماء وتمر وحليب وحلوة “الشباكية” وبيض مسلوق و”مسمن” وخبز وجبن وياغورت، مبرزة أنه يتم إعداد هذه العلب من طرف المنخرطين طيلة اليوم قبل أن يتم نقلها إلى محطة الأداء.
وبخصوص تمويل هذه العملية أوضحت أن المنخرطين والمتعاطفين مع الجمعية هم من يتكلفون بشراء هذه المواد الغذائية، حيث يتم التنسيق بينهم عبر مجموعة على تطبيق “واتساب”، وكل عضو يتكفل بمادة غذائية معينة أو بعدد معين من العلب إن أراد ذلك.
من جانبه أبرز عضو الجمعية السيد خالد بالقائد في تصريح مماثل أن هذه العملية تستهدف جميع فئات مستعملي الطريق بغض النظر عن مستواهم الاجتماعي، “لأن أي إنسان سيجد نفسه في الطريق مع آذان المغرب سيحتاج إلى وجبة إفطار”، مسجلا أن هذه المبادرة “تنبع من القيم النبيلة التي تميز الشعب المغربي وديننا الحنيف”. وأضاف أن الجمعية اختارت هذه السنة تنظيم هذا المبادرة بمحطة الأداء بوزنيقة بعد أن قررت السلطات إعادة ترخيص موائد الرحمان داخل المجال الحضري إثر تحسن الظروف الصحية مما قلص عدد عابري السبيل الذين يحتاجون إلى وجبة الإفطار بمدينة المحمدية.
وعن الأنشطة التضامنية الأخرى التي تقوم بها جمعية “كلنا يد واحدة”، كشف الفاعل الجمعوي أنه يتم خلال رمضان توزيع قفف غذائية على ما يقرب من 50 أسرة معوزة بمدينة المحمدية ومناطقها المجاورة مع تنظيم عملية ”كسوة اليتيم” عند متم الشهر الكريم من خلال توزيع أظرفة مالية على أمهات معوزات لتمكينهن من شراء ألبسة جديدة لأطفالهن بمناسبة عيد الفطر.
وأشار إلى أن الجمعية تقوم بأنشطة خيرية أخرى بمناسبة عيد الأضحى والدخول المدرسي، علاوة على تنظيم قوافل خيرية لفائدة دواوير بمنطقة الأطلس أو الريف.
وبغية تمويل هذه الأعمال التضامنية الأخرى قال السيد بالقائد إن الجمعية تقوم بتنظيم رحلات سياحية وترفيهية لمختلف مناطق المملكة لفائدة أعضائها وكذلك للجمهور الواسع مع الحرص على وضع مداخيل هذه الرحلات رهن إشارة الأعمال التضامنية. يشار إلى أن جمعية “كلنا يد واحدة” هي جمعية مستقلة تأسست سنة 2017 بالمحمدية تروم النهوض بالتنمية الثقافية والأعمال الخيرية والاجتماعية والرياضية.