يبدو حارس الأمن في متحف باربيريني للفنون بمدينة بوتسدام الالمانية في حيرة بسبب عدم معرفته كيف يتصرف.
ثم يتجه نحو لوحة للفنان الفرنسي الراحل، مونيه، حيث من الواضح أن هناك شخصين يرتديان سترات بلون برتقالي واضح للغاية، يحاولان فعل شيء ما، ويبدو أنه غير متأكد من كيفية إيقافهما. ثم يصرخ بلا حول ولا قوة قائلا “مرحبا؟ مرحبا؟”
ثم يرد أحد الناشطين، الذي ربما قد يكون تفاجأ لوهلة، قائلا بنفسه “مرحبا”، وذلك قبل أن يقوما بتلطيخ اللوحة التي تنتمي إلى سلسلة من اللوحات الانطباعية الفرنسية لمونيه، تحمل اسم “هيستيكس” (أي أكوام القش)، بالبطاطس المهروسة. ويدور الموضوع الرئيسي لكل لوحة ضمن هذه السلسلة، حول أكوام الحصاد، التي قد تكون من الشعير أو الشوفان.
جدير بالذكر أن متحف باربيرييني صنع اسما لنفسه بوصفه قبلة للفنون، منذ افتتاحه قبل أكثر من خمسة أعوام في مكان يقع على مقربة كبيرة جدا من برلين، إلا أنه لم يتصدر عناوين نشرات الأخبار المحلية بعد.
وقد تغير الامر حاليا بسبب ما قام به اثنان من نشطاء جماعة “لاست جينيريشن” (أي الجيل الأخير) في تشرين الاول/أكتوبر الماضي. ويقوم حاليا النشطاء التابعون للجماعة المعنية بقضايا التغير المناخي، شأنهم شأن نشطاء الجماعات البيئية الأخرى، بمهاجمة الأعمال الفنية في جميع أنحاء أوروبا، بعناصر مختلفة – والتي غالبا ما تكون من الطعام – للفت الانتباه إلى قضايا تغير المناخ، والضغط من أجل اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
وكان النشطاء قاموا في وقت سابق من تشرين الاول/أكتوبر الماضي، باستهداف عمل كلاسيكي خاص بالرسام الهولندي المعروف، يوهانيس فيرمير، وهو “البنت ذات القرط اللؤلؤي”، في أحد المتاحف بهولندا.
ويظهر في مقطع فيديو تم نشره على موقع “تويتر”، رجلان يقتربان من اللوحة. قم قام أحدهما بلصق رأسه بالغراء على الزجاج أمام العمل الفني، وسكب عليه سائل أحمر. فيما قام الرجل الآخر بلصق يده على الحائط بجوار اللوحة.
ولم يلحق باللوحة – الذي انتهى الفنان الهولندي من عملها خلال الفترة بين عامي 1665 و1667 – أضرار تذكر، بحسب ما قاله متحف “موريتشيوس” الذي توجد به اللوحة الاثرية في لاهاي. وتم غلق بعض قاعات المتحف.
وقد يكون من أبرز مظاهر الاحتجاج حتى يومنا هذا، الواقعة التي قام خلالها مجموعة من نشطاء المناخ برش حساء الطماطم في وقت سابق من تشرين الاول/أكتوبر الماضي على عمل “صن فلاورز” (أي دوار الشمس) للفنان الهولندي الشهير فينسنت فان غوخ، المعروضة في المعرض الوطني بلندن. إلا أن هناك وقائع مماثلة حدثت في مجموعة من المدن الأخرى، من بينها مانشستر وغلاسغو.
وكما هو الحال في بوتسدام، لم يتعرض العمل الفني الموجود في لندن إلى أي أضرار، حيث كان مغطيا بالزجاج.
أما في ألمانيا، فهناك الكثير من المتاحف التي تعيد النظر حاليا في الإجراءات الأمنية التي يتم اتخاذها داخل معارضها الفنية التي عادة ما تكون قيّمة وحساسة، خوفا من حدوث المزيد من وقائع الاحتجاج.
ومن جانبه، قال المدير الإداري لجمعية المتاحف الألمانية، دافيد فويومه، إن هناك الكثير من المؤسسات التي قامت بالفعل بتعزيز إجراءات الحماية التي تتبعها.
ولا يرى فويومه أن مجرد تعيين المزيد من أفراد الأمن هو الحل، حيث يتعرض الموظفون هناك للكثير من الضغط في مثل هذه المواقف.
ويقول فويومه: “نحتاج إلى إعداد الموظفين لمثل هذه الوقائع”، مضيفا أن الاستشارة يجب أن تكون جزءا من العملية.
وقد أظهر الهجوم على لوحة الفنان مونيه، إلى جانب مظاهر الاحتجاج الأخرى التي وقعت في أنحاء متفرقة من أوروبا، أن “المعايير الأمنية الدولية عالية المستوى والتي تهدف إلى حماية الأعمال الفنية، ليست كافية في حال قيام النشطاء بتنظيم هجمات، كما أنها تحتاج إلى تعديل”، وذلك بحسب ما قاله أورترود فيتايدر، مدير باربيريني، بينما كان يوضح أسباب اتخاذ قرار إغلاق المتحف لفترة من الوقت.