بقدر كبير من الارتياب يتداول المغاربة خلال هذه الأيام الأخيرة فيما بينهم الأخبار المتواترة عبر مختلف وسائل الإعلام حول محاكمة عدد من المسؤولين، الذين ثبت تورطهم في قضايا فساد، سواء على خلفية شكايات فردية مباشرة أو تقارير مفتشيات عامة ومؤسسات الرقابة، وجهت لهم على إثرها تهم متعددة، يتمثل بعضها في خروقات إدارية ومالية كالرشوة، التزوير والتدليس، اختلاس وتبديد المال العام، سوء التدبير الإداري والمالي، منح رخص البناء خارج الضوابط القانونية والتلاعب بالصفقات العمومية وغيرها كثير…
ومن غريب الصدف أنه في خضم محاكمة مجموعة من رؤساء جماعات ترابية ومجالس عمالات وأقاليم، طفا على سطح الأحداث مع مطلع شهر يناير 2021 صدور أحكام في حق مسؤولين من الجماعات ومجالس العمالات، حيث أدانت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بفاس وبالرباط لموظفين و منتخبين تورطوا في سرقة مبالغ مالية كبيرة، كما أدانت آخرين بتهمة المشاركة وتبديد أموال عمومية. فيما قضت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بمراكش، بالحكم على مدير الوكالة الحضرية السابق بعشر سنوات حبسا نافذا مع غرامة مالية حددت في مليون درهم، وخمس سنوات نافذة وغرامة مالية بمليون درهم لزوجته ونفس العقوبة السجنية لمهندس، بتهمة تلقي رشوة قدرت بخمسين مليون سنتيم نقدا وشيك بمبلغ 886 مليون سنتيم.
وبموازاة ذلك ننتظر ما سيصد عن تقارير المجلس الأعلى للحسابات، ضد مجموعة من المسؤولين بمؤسسات الدولة ومعاهد التكوين للبث في خروقات وتبديد أموال عمومية دون التقيد بالمساطر القانونية و الإدارية، وتحايلا منهم على عدم الإلمام بالمناهج المتبعة بالمؤسسات الجامعية والمعاهد الغير التابعة للجامعة، تتم برمجة صفقات عمومية دون اللجوء لمجالس المؤسسات، و كذا عدم التقيد بتوصيات اللجن و قرارات مجلس المؤسسة، مما يجعلهم يشتغلون بطرق اقطاعية ولا تمت بصلة لما يتعين على هؤلاء المسؤولين و المدراء المنتظر إحالة ملفاتهم على المحاكم الإدارية بخصوص الكثير من التجاوزات التي ستقف عليها تقارير قضاة المجلس الأعلى للحسابات المتعلقة للفترة الممتدة من سنة 2014 إلى 2019، حيث تم عزل المدير السابق للمعهد و تم تعيين شخصية حسب حكومات الكفاءات التي عرفتها بلادنا ومن المنتظر أن تتم إحالة هذه الملفات و ملفات اخرى على الشرطة القضائية المتعلقة بالمعاهد العليا التي عرفت الكثير من الخروقات منذ تاسيسها ولازال الطريق أمام المفسدين بانتهاز الفوضى و العشوائية في صرف الميزانية العامة للدولة وإهدار المال العام وغيرهما؟ وكيف يمكن تفسير برمجة صفقات عمومية لأجل استشارة هندسية لبناء تمديد لمعهد بغلاف مالي يفوق ما كان مخصصا لتجهيزه وهذا يضع نقطة استفهام أمام الجميع هل نحن بحاجة إلى بناء مرافف جديدة لمعهد فتي تم بناؤه سنة 2013 وان طاقته الاستيعابية تفوق 360 طالب في حين أن المعهد لا يستقبل سنويا سوى 150 طالب هل بالفعل هذه الصفقة المراد منها اضافة مرافق جديدة ام إضافة نفقات التسيير او ان هناك اغراض اخرى نجهلها من هذه الصفقات المشبوهة والتي يستغرب لها الجميع سوى من يسهر عليها، ولا نستطيع أن نعرف موقف القطاعات الحكومية الوصية ولا رئاسة الحكومة ولا المراقبة البرلمانية للتصدي لمثل هذه الخروقات في حين أن المغرب يعرف أزمة مالية بسبب جائحة كورونا.
نتمنى من الوزارات الوصية ان تستدرك الأمر وتقف ضد كل هذا الفساد الذي يسري في شريان المؤسسات التي تفتقد إلى حكامة جيدة وإلى كفاءات لها قدرة وطاقة عالية لتدبير ملفات استراتيجية تنموية ترمي للرفع من إشعاع المغرب و النهوض بمؤسساته.