عرفت شواطئ وسواحل الحسيمة الدريوش، الناظور، تطوان ، طنجة، خلال هذه الأيام انتشارا مكثفا لقناديل البحر، بشكل استرعى اهتمامات كل المواطنين، فهذه الكائنات الرخوية أصبحت تجوب الشواطئ يمينا ويسارا تحملها التيارات البحرية، على شكل كتل كبيرة، مختلفة الأشكال والأحجام، كما أن لونها الذي يميل للبني جعلها تثير انتباه المستحمين الذين يعدلون عن فكرة النزول للبحر، لمجرد أن ترمق عيونهم الأعداد غير المتناهية من قناديل البحر التي جعلت السباحة مستحيلة بشواطئ الشمال الخلابة.
خوف و مخاطر …
على طول سواحل المدن المذكورة، انتشرت القناديل ، مخلفة مساحات مغطاة داخل مياه البحر، كثرتها وكبر أحجامها وأشكالها خلفت مخاوف كبيرة للسياح و الوافدين، الذين يخشون أن تصيبهم لسعاتها أثناء السباحة في البحر، العديد من المواطنين بالحسيمة تناسلت تساؤلاتهم بشأن تزايد أعداد قناديل البحر، وعما إذا كان انتشارها طبيعي أم مرضي، كما لم يخفي الكثير من المستثمرين ممن يراهنون على موسم الصيف للعمل وكسب الرزق، مخاوفهم من أن تبدد قناديل البحر أحلامهم التي راكموها طيلة موسمي الشتاء والخريف، حيث يخشى الوافدون على الشواطئ من السباحة مخافة أن تلمس جلودهم هذه الكائنات، وتحولها إلى بقعة حمراء، مطبوعة بالتهابات حادة قد تتسبب في مضاعفات جانبية يصعب علاجها.
ونظرا لكثرتها وتزايدها المستمر في أعالي البحار، تقوم التيارات البحرية بجرف قنادل البحر باتجاه الشواطئ، حيث تكسوا سطح الماء، وتجعل رؤية الأعماق مستحيلة، كما تقوم هذه الكائنات التي تحملها حركة مياه البحر نحو السواحل بالتزايد يوما بعد آخر، وحسب مصادر جريدة « التبريس »، فإن العديد من البحارة ومهنيي الصيد الساحلي، أصبحوا يجدون صعوبات كبيرة في العمل بعد أن تعلق قناديل البحر بشباك مراكبهم، علاوة على تزايد شكايات البحارة الذين يؤكدون على تناقص المخزون السمكي في الوقت الذي تكاثرت فيه قناديل البحر بشكل كبير، ويربط البحارة والمهنيون على السواء بين هذه الظاهرة البحرية، وما آلت إليه الثروات السمكية من تراجع، فمنذ أزيد من 3 سنوات مضت أصبحت المعالم الطبيعية لسواحل الحسيمة تتغير، خاصة مع تكاثر كائنات بحرية أصبحت سلبياتها أكثر بكثير من إيجابياتها سواء على مستوى البيئة البحرية أو تأثيرها على عمل مراكب صيد الأسماك السطحية.
قناديل البحر و البيئة
وحسب ناشط بيئي فإن “قناديل البحر لها تأثير كبير على المنظومة البيئية للبحر، لأنها تتغذى على جميع الكائنات التي يقل حجمها عن سنتمتر واحد، لهذا فإن السنوات التي تكثر فيها قناديل البحر تعرف نقصا كبيرا في البلانكتون النباتي، و العوالق البحرية مما يؤدي إلى إفقار الوسط الطبيعي من البلانكتون بنسبة قد تصل إلى أربعة أخماس، و هذا ما يؤثر بالتالي على وفرة الأسماك السطحية التي تتغذى على البلانكتون، لهذا نفترض وجود ارتباط بين كثرة قناديل البحر وتراجع المخزون السمكي: ( السردين، الأنشوبة، الشرل…)”.
مصادر علمية أكدت للجريدة أن الانتشار المكثف لقناديل البحر يعود أساسا لارتفاع درجة حرارة البحر الناتج عن التغيرات المناخية، وغياب المفترسين الطبيعيين لهذه الكائنات، بسبب تفشي الصيد الجائر، والتناقص المطرد في كميات الأسماك، علاوة على تدهور البيئة البحرية بسبب الانتشار الموسع للتلوث على طول شواطئ وسواحل الشمال، الكثير من المصادر أكدت للجريدة أن السنوات الأخيرة حملت الكثيرة من الظواهر البحرية الغريبة، والتي يمكن تلخيصها في تراجع الأسماك، والانتشار المكثف لقناديل البحر في المياه القليلة العمق والسواحل.
من جهة أخرى تساءل العديد من المواطنين عن الاحتياطات التي اتخذتها السلطات لحماية المستحمين من لسعات هذه الكائنات، التي يتسبب مجرد لمسها لجلد الإنسان في احمرار والتهاب شديدين، حسب حجم القنديل والمكان الذي يتسبب في إصابته، حيث عادة ما يصاحب لسعات هذه الكائنات البحرية احمرار موضعي في الجلد، وارتفاع في درجة حرارة الجسم.
كما ارتفعت مطالب المواطنين ممن سبق أن تعرضوا للسعات هذه الكائنات البحرية، لوزارة الصحة باتخاذ التدابير اللازمة بالمستشفيات والمراكز الصحية القريبة من الشواطئ، قصد توفير الدواء اللازم للسعات هذه الكائنات البحرية، التي يوجد نوع منها قاتل، وقالوا أنهم سبق أن تعرضوا لهجومها على الشواطئ مسببة لهم في التهابات، مطبوعة باحمرار غير مسبوق، غير أنهم يتفاجأون أثناء زيارتهم للمراكز الصحية بغياب العلاج المناسب الذي يوقف آلامهم ويزيل الالتهابات التي تظل موشومة بجسمهم لمدة قد تصل ل3 و 4 سنوات.
وفي اتصال بأحد مسؤولي مركز صحي قريب من أحد الشواطئ التي تعرف إقبالا كبيرا للمواطنين ( السعيدية )، قال أن وزارة الصحة لم يسبق لها أن أرسلت دواء خاصا لعلاج ضربات هذه القناديل التي تعتبر لسعاتها خطيرة على جسم الإنسان، وأضاف أنه سيقوم بمراسلة الوزارة الوصية في هذا الموضوع للحد من مخاطرها المحتملة.