رحيل أحمد الزفزافي، أو “عيزي أحمد” كما اشتهر، يحمل رمزية مضاعفة: فهو ليس مجرد والد قائد حراك الريف، بل كان صوتًا صادقًا، هادئًا ومؤثّرًا، جعل من معاناة ابنه ورفاقه قضية وطنية وإنسانية.
من زاوية معتقلي الحراك:
غالبًا سيشعرون أن هذا المصاب الجلل يضاعف ألمهم، لأنهم يرون فيه استمرارًا لثمن باهظ تدفعه عائلاتهم.
بالنسبة لناصر الزفزافي نفسه، فالفقد ليس فقط فقد الأب، بل فقد السند الذي كان يصرخ بإنسانيته في وجه الصمت.
المعتقلون يدركون أن الزمن يمضي في الخارج بأحداثه ومآسيه، بينما هم خلف القضبان عاجزون عن مواساة ذويهم، وهذا يضاعف الإحساس بالظلم.
من زاوية من سجنوا الزفزافي ورفاقه:
من الصعب الجزم، لكن مثل هذه الأحداث توقظ لدى بعض المسؤولين إحساسًا بالذنب أو على الأقل بأسئلة مؤرقة: هل كان ضرورياً أن تستمر الأحكام بهذا الثقل؟ هل كان ممكنًا أن يُطوى الملف بشكل يخفف آلام الأسر بدل مضاعفتها؟ هناك من يختار التجاهل، لكن هناك أيضًا من قد يطاله “عذاب الضمير”، خاصة أمام رحيل رجل كان يُنظر إليه كرمز للأبوة الصابرة لا كفاعل سياسي مباشر.
رأيي هو أن وفاة أحمد الزفزافي تكشف هشاشة العلاقة بين السلطة والمجتمع: حين تتحول المطالب الاجتماعية إلى جرح ممتد لعقد تقريبًا، ويغادر الرموز واحدًا تلو الآخر قبل طي الملف، فإن الخسارة لا تُقاس فقط بوفاة شخص، بل بما يترسّب في ذاكرة جماعية من شعور بالحيف والتجاهل.















