إن جولة قصيرة في صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، ستجعلك تعتقد أن المنتخب المغربي ” أضعف منتخب إفريقي” في القارة السمراء، رغم أن كل المؤشرات تؤكد العكس تماما، فهل هو توجه طبيعي تمخض عن تجارب سابقة، يراد من خلالها تجنب التطبيل للمنتخب قبل تحقيق الأهداف المرجوة منه، أم أنه تبخيس مبالغ فيه ؟
بالنسبة لي، أراه تبخيس مبالغ فيه، لأن الكفة أصبحت تميل أكثر لإنعدام التوازن في الحكم على مستوى المنتخب المغربي، وأصبحت لغة ” الساركازم” لا تخدم ما يجب أن يوفره الجمهور وبعض المحللين والصحافيين من دعم وتشجيع وثقة في منتخبه الذي يصول ويجول في القارة السمراء محققا أرقاما كانت بالأمس القريب بعيدة المنال على كافة المستويات .
هذا التوجه الجديد، يدخل الشك المبالغ فيه في نفوس اللاعبين، وبدل أن يشجعهم في الثقة في النفس و التعامل مع المباريات بواقعية، وعدم استصغار للخصوم، جاز له أن يدخلهم في دائرة تبخيس الذات، نعم لا يجب على المنتخب ولا على الجمهور الثقة الزائدة في النفس، كجماعة او كأفراد، ثقة قد تسقطهم في الغرور، إلا أن استصغار الذات أيضا ليس في صالح المنتخب الوطني، ولا يعبر بالضرورة عن رؤية سليمة للوضعيات التواصلية المهنية التي ينافس فيها منتخبنا الوطني، منتخبات ليست بالقوية أكثر من النخبة الوطنية كما يشاع، وليست بالضعيفة كما يمكن لأي منا أن ينظر إليها، سواء إذا تعلق الأمر بمنافسات كأس امم إفريقيا بالكاميرون او بالمباراة الفاصلة للتأهل لمونديال قطر 2022 بقطر ، لكل مباراة تفاصيلها، ومنتخبنا امتلك من النضج ما يكفي ليتعامل بحكمة مع ذلك.
بلغة الارقام، فالمنتخب تأهل في التصفيات المونديالية متصدرا لمجموعته، ورغم أن الظروف خدمته بشكل كبير، ولعب مبارياته داخل القواعد، إلا أن تصدره لم يأتي صدفة، وهو ما يجعلنا مجبرين على الثقة في منتخبنا، ليس من باب التطبيل، ولكن من باب الواقعية، ومن المراكز المتأخرة في التصنيف العالمي والإفريقي، قفز المنتخب المغربي لمراتب متقدمة وأصبح يتربع على وصافة التصنيف الإفريقي بعد السينيغال، هذا التقدم ترجمته النخبة الوطنية، بأداء جيد في كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، وتمكن من تصدر مجموعته، بين منتخبات منحه الحظ فيها اللعب على الوثرين، وثر المنتخبات المتوسطة كجزر القمر وغانا والمنتخبات القوية كمنتخب الجابون، وفي جميع الحالات قدم المنتخب أداء جيدا،بل شاءت الصدف الجميلة أن تمنحه المباراة الاخيرة مع الجابون فرصة للإستفادة من الدروس والعبر والنتيجة أيصا، أي للوقوف بشكل واقعي على إمكانيات المنتخب وتصحيح الاخطاء الممكنة، سواء تعلق الامر بالكان او بتصفيات الحلم المونديالي.
أعتقد وإن كان هذا ” مجرد رأي” مع احترامي الضروري والمبدئي لباقي الٱراء، وباقي المنتخبات، أننا نملك منتخبا قويا يستطيع الذهاب بعيدا في كان الكاميرون وفي المونديال على حد سواء، لقد علمتنا التجارب كيف نتعامل مع منتخب مالاوي في الكان، بناء على ٱخر تجاربنا مع البنين في مصر، وكيف يجب أن نتعامل مع منتخب الكونغو في تصفيات المونديال، ولأن منطق كرة القدم يحتمل الفوز والخسارة، فإن الفوز لا يعني بالضرورة أن منتخبنا أقوى منتخب في إفريقيا، والخسارة لا تعني أنه الحلقة الأضعف، ما يعنيه في كلتى الحالتين اننا نملك منتخبا جيدا، وأن وحيد حاليلوزيتش قام بعمل كبير، تشوبه بعض الاخطاء التواصلية التي جعلتنا نخسر خدمات بعض اللاعبين الكبار كزياش ومزراوي وحمد الله، وهو لا يتحمل المسؤولية لوحده في هذا الشق، بل للجامعة أيضا نصيبها، لكنه والحق يقال، قدم لنا نسخة لا بأس بها للمنتخب، ومهما كانت النتائج، فإن تقدير مجهود الرجل وعدم تبخيس مستوى المنتخب واجب على كل مواطن، وصحافي ومحلل، يحلل و يكتب ويشجع بعقلية متوازنة، لا تغلب عليها العاطفة السلبية او الايجابية، ولا تقتلها الرؤية المغرورة التي لا تقبل بأي نتيجة في كرة القدم غير الفوز، وهذا هو الامنطق في كرة القدم .