كشف تقرير ميداني أنجزه مركز عدالة لحقوق الإنسان عن تردي خطير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بعدد من جماعات إقليم الحاجب، وسط اتهامات لعامل الإقليم بـ«غياب التفاعل» و«تبني مقاربة إقصائية» تناقض التوجيهات الملكية الداعية إلى العدالة المجالية والتنمية المتوازنة.
رصد الوفد الحقوقي شكايات خطيرة من سكان جماعة أيت إيعزم، تتعلق باستفادة أحد كبار الفلاحين من أرض شاسعة من أملاك الدولة، واستعماله أساليب ترهيبية ضد السكان المحيطين الذين يعيشون في فقر وهشاشة.
يتهم السكان هذا المستثمر بـ«احتكار مياه بئر عمومي وفرض رسوم غير قانونية عليهم»، و«تهديدهم بالمتابعة القضائية»، مما دفع عدداً من الأسر للتفكير في مغادرة المنطقة.
في جماعة سبت جحجوح، عاين الوفد ما وصفه بـ«مظاهر فساد وسوء تدبير»، من بينها تشييد منشآت رياضية فوق عقارات تابعة لوزارة التجهيز دون علمها، ومحاولة تحويل مجزرة جماعية إلى مستودع في ظروف «مشبوهة»، فضلاً عن غياب أي لوحة تعريفية للمشروع ووجود اختلالات قانونية واضحة.
ودعا المركز إلى فتح تحقيقات عاجلة حول هذه التجاوزات التي تمس مبدأ الشفافية والرقابة على تدبير الشأن المحلي.
في دوار أيت حدو موسى (جماعة أيت ويخلفن)، استمع الوفد إلى شهادات عن أزمة عطش مزمنة وغياب شبه كلي للكهرباء والطرق، إلى جانب توزيع تجهيزات طاقة شمسية معطلة على بعض الأسر الهشة، ما فاقم معاناتهم اليومية.
دعا مركز عدالة إلى فتح تحقيقات شفافة ومحاسبة المسؤولين عن الفساد وسوء التدبير، ومراجعة صفقات تفويت الأراضي، وتوفير البنيات التحتية الأساسية (الماء، الكهرباء، الطرق)، مؤكداً ضرورة إشراك الساكنة المحلية في اتخاذ القرارات.
وأشار إلى أن هذه الاختلالات تمثل خرقاً صريحاً للدستور المغربي (المادة 31) والاتفاقيات الدولية (المادة 6 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية)، وقانون الجماعات الترابية 113.14.
هدد سبعة مستشارين جماعيين من سبت جحجوح بالاستقالة احتجاجاً على «التضييق» والاختلالات التسييرية، قبل أن يتراجعوا بعد تدخل مركز عدالة.
المستشارون عرضوا لائحة طويلة من الخروقات تشمل ضعف الإنارة العمومية، تردي النقل والخدمات الصحية، تجاوزات مالية في السوق الأسبوعي، استغلال سيارات الجماعة لأغراض شخصية، وسوء تدبير المال العام.
ورغم تقديم شكايات ومحاضر، فإن السلطات المحلية رفضت التفاعل، مما زاد من عزلة الجماعة.
وجه المركز مراسلة إلى رئيسة المجلس الأعلى للحسابات للتحقيق في صفقات مشبوهة بجماعة سبت جحجوح، استناداً إلى القانون 62.99.
كما راسل عامل الإقليم بخصوص أضرار بيئية وصحية ناتجة عن إقامة إسطبل لتربية الدجاج بأيت ويخلفن، شملت التعدي على مقبرة وتحويل مجرى مياه بطرق غير قانونية، في خرق لقوانين البيئة والصحة العمومية.
اتهم المركز رئيس الجماعة بممارسة الشطط في استعمال السلطة عبر رفضه تسلم مراسلة رسمية، في خرق للمادة 23 من قانون المسطرة المدنية والدستور المغربي (المادة 25).
وأكد المركز أن هذه التصرفات تقوض مبدأ الشفافية وسيادة القانون، وتتنافى مع الالتزامات الدولية للمغرب في مجال الحقوق المدنية والسياسية.
يؤكد مركز عدالة لحقوق الإنسان أن الوضع المتدهور في إقليم الحاجب يتطلب تدخلاً فورياً من الجهات المركزية، تفعيلاً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وضماناً لاحترام الحقوق الدستورية للمواطنين، بما ينسجم مع الرؤية الملكية في التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية.















