في مثل هذا اليوم من السنة الماضية ، رحل إلى دار البقاء الدكتور والأستاذ المناضل عبد المجيد بوزوبع ، تاركا حزنا عميقا في نفوس أحبته وأصدقائه ومن عالجهم من مرضاه على امتداد مسيرته المهنية كطبيب مختص في أمراض القلب والشرايين ، وفي أوساط الشغيلة الصحية والطبقة العاملة كمناضل وقائد نقابي، وفي أوساط كل الديمقراطيين كمناضل سياسي ، وفي الحقل الحقوقي كمدافع عن حقوق الإنسان ..
وبهذه المناسبة،تحيي المنظمة الديمقراطية للشغل هذه الذكرى السنوية الأولى باستحضار قوله تعالى ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) . – سورة الأحزاب الآية 23 – و باستحضار خصال الفقيد ، لاستلهامها ، و المنظمة تواصل نضالها من أجل قضايا الطبقة العاملة ، دفاعا عن حقوقها العادلة والمشروعة ، بما يجسد آمال فقيدها ومؤسسها المرحوم سي عبد المجيد بوزوبع .
إن المناضل الشريف السياسي والنقابي والحقوقي الخلاق ، الدكتور عبد المجيد بوزوبع ، الذي انتقل الى رحمة ربه تعالى ، نعتبره فقيد الوطن،لأن حياته كانت حافلة بالعمل والعطاء المشرف والتضحيات من أجل إرساء أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان والنضال والمقاومة الاجتماعية من اأجل صيانة حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة ومن أجل أمن واستقرار الوطن .
وإن إحياء الذكرى السنوية لرحيله،تأتي عرفانا له لما قام به وما قدمه من أعمال جليلة من أجل وطنه وما قدمه من خدمات سخية في عدة واجهات طبية و اجتماعية وسياسية وإنسانية ، ودوره الإنساني والعملي المخضّب بالتضحية ونكران الذات ، وإرادته الصلبة في النضال رغم كل الصعوبات والمحن . .حيث يعد من الأوائل ممن ساهموا في تخليق العمل النقابي و السياسي بالمغرب لما كان يتميز به من نزاهة فكرية وأخلاق عالية وهدوء وسعة صدر، وما نسجه من علاقات جيدة مع مختلف الحساسيات السياسية الوطنية .
إنها فرصة لنحيي ذكرى كبيرٍ من كبار الأطباء و القادة السياسيين والنقابيين الذين بصموا تاريخ العمل السياسي والنقابي ببلادنا .وهب حياته للدفاع عن المظلومين وكان في مقدمة الذين ساهموا في تغيير الممارسة النقابية و أسليب الـتدجين ، ليـحل محلها النضال النقابي الصـادق و الأصيل . و كان ذلك بمساهمته في تأسيس أول بديل نقابي انتصاراً لقضايا العمال والمعطلين والجماهير الشعبية الكادحة .
كان الفقيد العزيز والمتحسس لآلام المرضى والفقراء ومعاناتهم متميزا بثقافتين ، ثقافة الاختصاص في طب القلب والشرايين وفي علم التغيير في الاجتماعي النقابي و السياسي. فكان استاذاً مبرزا في علوم الصحة والقلب والشرايين ،وموجهاً وقائداً جماهيرياً يتصدر صفوف الجماهير العمالية الداعية للتغيير! فكان حكيماً في مداواة المرضى في المركز الاستشفائي الجامعي إبن سينا بالرباط وفي عيادة السياسيين والمعتقلين ، حيث كان يزورهم في منازلهم ، وأحيانا في السجن !! كما كان حكيماً في مقاربة وتحليل الأمراض المجتمعية في كل ابعادهاة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية !
كان لكل تحركاته بُعْداً إنسانياً تجسد في منظومة قِيمية ، أخذت كامل أبعادها عبر سلوكٍ متميزٍ في مجالات العمل الطبي والنقابي والسياسي .وبناءا عليه حضي دوما باحترام وتقدير كبيرين في الأوساط الشعبية ، والسياسية والنقابية الوطنية .
إن الفقيد العزيز البروفيسور عبد المجيد بوزوبع الذي نحيي ذكرى رحيله «الطبيب الانسان »الذي كان بعد صلاة الفجر يتوجه الى مستشفى إبن سينا لعيادة فقراء الأمة من المرضى ، ليلتحق بكلية الطب لتدريس طلبته ، تم التوجه إلى الاجتماعات السياسية والنقابية ليدافع عن حقوق الموظفين والمستخدمين والعمال ، داعياً لتمكينهم من حياة كريمة ، وتحسين مطالبهم الحياتية ، وتوقيف سياسة التهميش الاقتصادي والحرمان الاجتماعي .
من الشخصيات المشهود لهم بمواقفهم الوطنية ، والتي مابخلت يوماً بموقف وتضحية من أجل الانتصار للقضايا الوطنية والقومية ، وخاصة قضية الوحدة الترابية و تحرير سبتة و مليلة والجزر ، والقضية الفلسطينية .
أجل افتقدنا فيه قائداً سياسيا وطنياً جعل من حزبه “الحزب الاشتراكي” في مقدمة الصفوف الأمامية وفي خندق الحراك الشعبي الاجتماعي ، وتعبيراته الديمقراطية السلمية ، ضد منظومة الفساذ والريع و في المطالبة بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة .ناضل من أجل الوقوف ضد الدمار الاقتصادي والانهيار الاجتماعي الناتج عن الاختيارات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و التعليمية الفاشلة .
الدكتور عبد المجيد بوزوبع السياسي والنقابي سيظل فكره وستظل أخلاقه نمودج الإنسان المناضل الشريف ، حاضر في نضالانا اليومي ، و رافعة سياسية للمشروع الوطني الديمقراطي في إقامة دولة المؤسسات و المواطنة، دولة المساواة في الحقوق .
ولتكن هذه الذكرى ، مناسبة نجدد فيها العهد ، ولنبقى أوفياء لفكره وأخلاقه النضالية ، عهد الالتزام بقضايا الجماهير العمالية في نضالها ضد كل اشكال الاستغلال والاستيلاب والظلم والتهميش الاجتماعي ..
تحية لروح فقيدنا ، أستادنا ومعلمنا وقائدنا ، الدكتور عبد المجيد بوزوبع ، وتحية لكل رفاقه الذين عاشوا معه مسيرة للنضال من أجل إقامة دولة المؤسسات والمواطنة ، دولة الحق والعدل والعدالة ،
ووحدة الوطن وسيادته .