مهام و إنجازات الشبكة المغربية للصحافيين الإستقصائيين
بداية، وجب التذكير أن ” الشبكة المغربية للصحافيين الإستقصائيين” هي إطار جمعوي مهني مغربي، مهمته تدريب الصحفيين على منهجيات الصحافة الإستقصائية، و إنتاج تحقيقات استقصائية (مكتوبة و مصورة) حول قضايا تهم الشأن المغربي، في الداخل و الخارج، من قبل صحافيين مغاربة.
كما وضعت ” ميراج” و هو الاسم المختصر للشبكة، ضمن اهتمامها تسهيل عملية التشبيك بين الصحفيين المغاربة المهتمين و الممارسين لصحافة التحقيق، مع نظرائهم من خارج المغرب، بالنظر للعلاقات الواسعة التي تربط “ميراج” بالعديد من المنظمات و الشبكات الدولية المتخصصة.
و بالعودة لسؤالكم حول الحصيلة، يمكن اعتبارها إيجابية، بحكم العدد المهم من اللقاءات و الدورات التكوينية المنجزة خلال هده الفترة و كذلك أخدا بعين الإعتبار عدد المستفيدين من دوراتنا التكوينية.
(قلة عدد الصحفيين المغاربة المتخصصين في مجال صحافة التحقيق و كذلك، ضعف المساحة المخصصة لهذا الجنس الصحفي)
و تجدر الإشارة في هذا الصدد، أنه منذ الإعلان رسميا عن تأسيس “الشبكة” ، لاحظنا أنه هناك معطى أساسي وجب التعامل معه و هو قلة عدد الصحفيين المغاربة المتخصصين في مجال صحافة التحقيق و كذلك، ضعف المساحة المخصصة لهذا الجنس الصحفي داخل مختلف الوسائط الإعلامية، ورقية، إلكترونية أو سمعية بصرية، لذلك وقع الاتفاق بين المؤسسين، على وجوب الإنفتاح على معاهد التكوين الصحفي و الكليات المغربية التي توجد بها مسالك للصحافة، قصد خلق قاعدة واسعة من المهتمين بهذا النوع من الممارسة الصحفية.
وهكذا كان، حيث قمنا بالإنفتاح على هذه الفضاءات الأكاديمية من خلال شراكات معهم كما هو الشأن بالنسبة لكلية الأداب و العلوم الإنسانية بعين الشق، و بعض المعاهد المتخصصة في التكوين الصحفي، حيث شارك طلبتها في مجموع دوراتنا التكوينية التي توزعت بين:
*الموشن جرافيك و الإعلام الرقمي”: بشراكة مع شبكة محرري الشرق الأوسط و شمال افريقيا
*دور الصحافة الاستقصائية في النهوض بخطاب محاربة الرشوة في علاقته بقضية النوع الاجتماعي
بشراكة مع “اترانسبرنسي أنترناسيونال” فرع المغرب و”جمعية قاضيات المغرب.
ورشة “الموجو” صحافة الموبايل لطلبة الماستر بالإعلام وبعض الزملاء الصحفيين المهنيين المغاربة بكلية الآداب عين الشق بالبيضاء في اطار شراكة بين الشبكة المغربية للصحافيين الاستقصائيين و “كود فور افريكا”.
*دورة تكوينية لفائدة أعضاء “ميراج” حول التقنيات الحديثة في التواصل و صحافة التحقيق” بشراكة مع كل من غوغل و البنك الدولي و كلية الآداب و العلوم الإنسانية عين الشق.
هذه فضلا عن العديد من الدورات و الورشات التكوينية الأخرى، التي استفاد منها مجانا حوالي 350 صحافي وطلبة الإعلام.
نشر ثقافة المحاسبة و المسؤولية
نعتقد أنه من خلال الإطلاع على عناوين الدورات المنجزة و كذلك الشركاء الذين استجابوا مشكورين لدعواتنا للتنسيق في إنجاز هذه الدورات التكوينية، سيتضح أننا كنا ملتزمين بما سطرناه في بياننا التأسيسي، وهو نشر ثقافة المسائلة و المحاسبة و المسؤولية، و هذا ما يفسر الشراكة التي تربطنا بترانسبارنسي أنترناسيونال و فرعها بالمغرب، لأننا كنا و لازلنا مؤمنين بأن نشر و اتساع دائرة الإشتغال على صحافة التحقيق، يساهم بشكل كبير في تثبيت الحكم الديمقراطي، لأنها توفر آلية ثمينة لمراقبة أداء المؤسسات الديمقراطية التي تضم حسب المفهوم العام، الهيئات الحكومية و المنظمات المدنية و المؤسسات المملوكة من طرف القطاع العام. كما تساهم الصحافة الإستقصائية في تثبيت الديمقراطية من خلال زيادة منسوب إطلاع المواطنين و معرفتهم.
هل نجحنا في هذه المهمة؟ يكفينا فخرا، أننا ساهمنا في وضع لبنة في سبيل تحقيق هدا المبتغى الذي يبقى عصيا على أن ينفرد إطار واحد بإنجازه لوحده، لأنه مبتغى تتقاطع فيه عدة مبادرات لتنزيله على أرض الواقع.
لكننا مقتنعون، أننا لن ندخر أي جهد للوصول إلى هذا المبتغى النبيل و هو شرط وجودنا.
تراجع فضاء الحريات
لا يمكن إلا لجاحد أن ينكر أن فضاء الحريات قد شهد في السنوات الأخيرة تراجعا، عكسته المنظمات المحلية المتخصصة قبل الدولية ضمن تقاريرها، و هو ما يرفع من منسوب الصعوبات أمام الصحفي بشكل عام و الاستقصائي بشكل خاص، غير أنه وجبت الإشارة هنا إلى بعض المعطيات المرتبطة بممارسة الصحافة الإستقصائية على المستوى الدولي وليس الوطني فحسب:
أولها: أن ممارسة الصحافة الإستقصائية، ليست متاحة أمام جميع الصحفيين، وليست مسألة إرادية من طرف هذا الصحفي(ة) أو ذلك، بل هناك مواصفات معينة وجب توفرها في الصحفي كي يكون صحافيا استقصائيا، نذكر من ضمنها على سبيل الإشارة، التجربة المهنية، التكوين، تملك الأدوات التقنية ثم الجرأة….و هي عناصر تجتمع في عينة دون غيرها من الصحفيين.
ثانيا: وجب التذكير إلى أننا اليوم في القرن 21 و من مميزات هذا القرن، التطور التقني الهائل و خاصة في مجال التقنيات الحديثة للتواصل و التي ما فتئت تتطور يوما بعد يوم حتى لا نقول كل ساعة، و هو ما يجعل ما كان مستعصيا تقنيا بالأمس في المتناول اليوم و أكثر من أي وقت مضى.
ثالثا: عمليات التشبيك المتسارعة، التي نشهدها اليوم بين المنظمات المهنية و الممارسين و هو ما أدى إلى ظهور ما أصبح يصطلح عليه اليوم ب “التحقيقات الصحفية العابرة للحدود” و التي جعلت المعلومات التي كانت توضع في الأمس في دائرة سري جدا، في المتناول و يكفي أن نشير هنا إلى التحقيق الصحفي الدولي الذي شارك في إنجازه حوالي 300 صحفي من أكثر من ثلاثين دولة في إطار ماسمي بتحقيق “الملادات الآمنة للتهرب الضريبي” و الذي زعزع كيان أنظمة و شخصيات نافدة في العالم بعد نشر فصول منه.
رابعا: يجب أن نتذكر أيضا أن أنجح التحقيقات الصحفية، هي تلك التي أنجزت من طرف صحفيين و صحافيات ينتمون لدول تعاني الكثير في مجال التضييق على الحريات، مالطا على سبيل المثال و دول أمريكا اللاتينية ومصر وغيرها كثير.
لذلك، قلنا سالفا أنه من شروط ممارسة صحافة التحقيق وجب توفر بعض الخصائص في هذا النوع من الصحافيين، أشرنا إليها أعلاه.