أصبحت الدار البيضاء، المدينة الصاخبة والقلب النابض للمغرب، تشهد ولادة اتجاه جديد على المجتمع المغربي ألا وهو تربية الحيوانات الأليفة.
اعتاد المغاربة عموما وسكان الدار البيضاء خاصة فتح منازلهم وقلوبهم لهؤلاء الرفاق ذوي الأرجل الأربعة، رحمة وشفقة عليهم خاصة وأن الدين الإسلامي يحث على ذلك .لكن ما باتت تعرفه شوارع البيضاء مؤخرا وما أصبحت تعج به وسائل التواصل الاجتماعي من صور وفيديوهات لأطفال وشباب مغاربة رفقة حيواناتهم الأليفة ، يدعو الى طرح تساؤلات عدة: -هل الطبقة الفقيرة والمتوسطة تريد ان تحذو حذو الطبقة الميسورة للتباهي بحيواناتها من باب التقليد للثقافة الغربية؟
–هل تربية هاته الحيوانات تعد رحمة وشفقة أم تجارة يريدون من ورائها ربحا سهل اامنال؟
لفهم اسرار هذه الموضة الجديدة لتربية الحيوانات التقت لوبوكلاج بشباب برفقة حيواناتهم يتنزهون بحدائق لاكورنيش بالبيضاء . هناك طرحنا سؤالا على ليلى ، فتاة عشرينية ، وهي شابة شغوفة بتربية الكلاب الصغيرة من نوع caniche.قالت “إن تبني حيوان أليف يعني إظهار اللطف والكرم. والرفق به ضرورة إنسانية قبل كل شيء “.
أما علي فقد صرح للجريدة بأن مهمته هي تدريب الكلاب من سلالات نادرة لفائدة زبناء يقومون بتربيتها وبيعها فيما بعد.
أما سعيد فقد اكد لنا أن اقتناء الكلاب والقطط لم يعد حكرا على العائلات الميسورة ، مشيرا الى انه حتى العائلات المتوسطة والفقيرة أصبحت تقوم بتربية حيوانات اليفة داخل بيوتها إما رغبة في أن ينشغل أبناؤهم في اللعب مع هذه الحيوانات عوض مسك الهواتف الذكية واللهو بالالعاب الالكترونية طوال اليوم نظرا لما لهذا من تأثير على عقل الطفل والمراهق معا.
وإما رغبة في الحصول على المال بعد بيعها خاصة اذا كانت سلالتها فريدة وباهظة الثمن.
فيما يقول محسن وهو يداعب كلبه بحنان: “حيواناتنا تستحق الأفضل ونحن ننا لرعايتهم والاعتناء بهم”. الكثير من هؤلاء الشباب يراقبون صحة وسعادة حيواناتهم بدقة، ويرفضون إهمالهم، مثل لبنى وهي طفلة في الثانية عشر من عمرها ، والتي التقينا بها رفقة والدتها في الطريق نحو الطبيب البيطري لتطعيم قطتها.وقد تحدتث إلينا عن أهمية النظافة لذوي الفراء “إن العناية الجيدة ضرورية لرفاهيتهم وكذلك لابد من مراقبة تغذيتهم “
الدار البيضاء، في حداثتها وحيويتها، تتبنى اتجاه تربية الحيوانات الأليفة،حيث خصصت له سوقا أسبوعيا معروف بحي درب السلطان باسم “سوق الكلاب” إضافة الى سوق العيون والذي يعج بأنواع مختلفة من الحيوانات من كلاب ، قطط ، ،طيور وأسماك الزينة . وقد ساهم في التسويق لها البيع عبر التجارة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.
بل وساهمت في استيرادها وتزايد الطلب على تغذيتها من دول شتى أهمها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وايطاليا وروسيا. وقد أضحى انتشار مئات المحلات التجارية الخاصة بلوازم الحيوانات الأليفة وأطعمتهاامرا عاديا في أحياء المدينة إن لم نقل أمرا ملحا نظرا لكثرة الحيوانات التي يتم تربيتها وإيوائها داخل البيوت.
كما عرف الميدان الطبي الخاص بالحيوانات رواجا واصبح يعول على الأطباء البيطريين لضمان رفاهية هؤلاء ذوي الأرجل الأربعة بعد ان كان يقتصر على البوادي والضيعات الفلاحية التي تقوم بتربية الحيوانات والدواجن .
تظل الدوافع وراء انتشار تربية الحيوانات تتأرجح بين الرفاهية والتباهي والتشبه بالغرب وبين تجارة تدر دخلاً جيداً على أصحابها في ظل ظروف صعبة تعيشها البلاد .