كشفت منصة “ديكلاسيفايد” البريطانية، المتخصصة في الصحافة الاستقصائية، أن وكالة الأنباء العالمية رويترز تفرض قيوداً تحريرية على صحافييها خلال تغطية الحرب على غزة، بما يعكس انحيازاً واضحاً للرواية الإسرائيلية.
وكالة بحجم عالمي تواجه اتهامات خطيرة
تأسست رويترز في لندن عام 1851، ويُقدّر جمهورها اليومي بأكثر من مليار متابع. لكن تغطيتها للحرب الإسرائيلية على غزة وضعت سمعتها في دائرة الاتهام، خصوصاً بعد نشرها خبراً عن استشهاد الصحافي الفلسطيني أنس الشريف بعنوان: “إسرائيل تقتل صحافياً في قناة الجزيرة تزعم أنه قيادي في حماس”.
العنوان أثار غضباً واسعاً، لا سيما أن الشريف عمل سابقاً في رويترز، وكان ضمن فريقها الفائز بجائزة بوليتزر 2024.
تحقيق داخلي ورسالة احتجاج
بحسب شهادات صحافيين داخل رويترز، أطلقت الإدارة تحقيقاً داخلياً لمراجعة 499 تقريراً نُشرت بين 7 أكتوبر و14 نوفمبر 2023. النتيجة: تركيز أكبر على القصص الإسرائيلية مقارنة بالفلسطينية.
هذا الوضع دفع مجموعة من الصحافيين إلى صياغة رسالة داخلية انتقدت التحيز التحريري، أبرزها:
حظر استخدام كلمة “فلسطين” في الأخبار.
التردد في وصف ما يحدث في غزة بـ “الإبادة الجماعية”، رغم السماح باستخدام المصطلح بحذر شديد.
معايير مزدوجة
أظهر تحليل “ديكلاسيفايد” أن رويترز استعملت مصطلح الإبادة الجماعية في 14 خبراً فقط من أصل 300 بين يونيو وغشت 2025، بينما استخدمته بسهولة في تغطية أزمات أخرى كالسودان وأوكرانيا.
حتى عندما ورد المصطلح، حرصت الوكالة على إضافة عبارة: “إسرائيل تنكر هذا الاتهام”، في تكرار لنمط إنكاري يوصف بأنه يبرّئ تل أبيب.
تغييب الحقائق وتضخيم الرواية الإسرائيلية
تحقيق الموقع البريطاني أظهر أن تحديثات التحرير الداخلية لرويترز تجاهلت:
تقديرات مجلة ذي لانست التي أشارت إلى أكثر من 186 ألف شهيد في غزة.
حقيقة أن غزة باتت أخطر منطقة نزاع على الصحافيين.
السياق الأوسع لسياسات الاستيطان والأبارتهايد الإسرائيلي.
بينما ركزت التحديثات التحريرية على تفاصيل تخدم وجهة النظر الإسرائيلية، مع تهميش مسؤولية الولايات المتحدة وإسرائيل في إفشال جهود وقف إطلاق النار.
ردود وانتقادات
في رد رسمي، أكدت رويترز أن تغطيتها “عادلة ومحايدة”، لكنها أقرت بتلقيها ملاحظات داخلية وخارجية.
من جانبها، اعتبرت الباحثة عسل راد أن ما تقوم به الوكالة يرقى إلى “إنكار الإبادة الجماعية”، فيما كتب الخبير الأممي السابق كريغ موخيبر أن الإعلام الغربي اتخذ قراراً واعياً بإخفاء فظائع إسرائيل وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم.
أما الصحافي الإسرائيلي جدعون ليفي، فذهب أبعد حين قال إن “إعلاماً شجاعاً كان يمكن أن يمنع الحرب، لكن ما لدينا لا يرتقي إلى هذا الدور”.















