” ما بقا ما يدار في اللقاءات الصحفية ديال الناطق الرسمي باسم الحكومة .. لا معلومات، لا معطيات، لذبلك قررت الا أستمر في الحضور …” هذا عموما ا قاله أحد الزملاء الشاب على الهواء مباشرة في إحدى حلقات برنامجه الذي يحظى بمشاهدات كبيرة جدا.
يبدو ان استنتاج الصحافي الشاب، لقي صدى لدى غالبية الصحافيين المغاربة، الذين بدأ حضورهم في لقاءات بايتاس يتراجع، إلى أن تركوا قاعة الندوة الصحافية خاوية تقريبا، ليبقى بايتاس يتحدث مع نفسه تقريبا والصورة التي تداولها بعض الصحافيين ورواد منصات التواصل الاجتماعي خير دليل على ذاك.
التواصل الحكومي هو مرآة للحكومة نفسها، فإذا كانت قوية، يكون التواصل قويا وإن كانت سيئة، فلا يمكن لتواصلها مع الصحافيين ومن خلالهم المواطنين، إلا أن يكون سيئا.
حكومة رجال الأعمال، أغلب وزراءها يجهلون لغتهم الأم، اللغة العربية، لغة الدستور. ومنهم من لا يستطيع حتى قراءة الدارجة المغربية مثل وزير التربية والتعليم الأولي. بعضهم يحمل الجنسية الفرنسية. حكومة تخصص أحد وزراءها في اتهام المواطنين بالزنى، فضلا عن المتابعات القضائية لرواد التواصل الاجتماعي ومتابعة الصحافيين.
حكومة مثل حكومة أخنوش لا يمكن إلا أن تكون حكومة فاشلة بكل المقاييس.
و إذا كان التواصل الحكومي هو عملية إدارة وتنظيم العلاقات والتفاعل بين الحكومة والجمهور بواسطة الصحافيين أو في بعض الأحيان مباشرة في اللقاءات العامة و الجماهيرية، بهدف نقل المعلومات والسياسات العامة وتعزيز الفهم المتبادل، بغية بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين، وضمان مشاركتهم في صنع القرار والسياسات بطريقة شفافة وشاملة.
فيمكن القول أن هذه الأغلبية اليمينية فشلت أولا في إقناع الصحافيين و من خلالهم عموم المواطنين، كما فشلت ثانيا، في بناء الثقة بينها و بين الذين ” صوتوا ” عليها، و هم قلة، أما اذين لم يصوتوا عليها و هم السواد الأعظم ، فإنهم لم يضعوا أصلا ثقتهم فيها منذ البداية.
فالتواصل الحكومي الناجح يعتمد الوضوح و الشفافية والمصداقية و السرعة والجاهزية في حالة الأزمات أو الطوارئ، فضلا عن التفاعل الإيجابي، عندما يكون هناك استجابة ملموسة لتعليقات واستفسارات المواطنين، سواء عبر اللقاءات المباشرة أو المنصات الرقمية.
التواصل الحكومي الذي يقوم به الناطق الرسمي باسم الحكومة، لا وضوح فيه و لا شفافية و لا مصداقية و لا تفاعل إيجابي مع انتظارات الصحافيين و من خلالهم المواطنين. وهذا ما يمكن أن نصفه بالتواصل الحكومي الفاشل. لأن من بين علامات الفشل:
- ضعف الشفافية: عندما تقدم الحكومة معلومات غير دقيقة، أو تتجنب الإفصاح عن تفاصيل هامة.
- سوء إدارة الأزمات: في حالة الأزمات، إذا كانت الرسائل متأخرة أو غير كافية، مما يثير القلق أو الفوضى.
- غياب التفاعل: إذا تجاهلت الحكومة ملاحظات أو استفسارات الجمهور ولم تستجب لمطالبهم.
- تعقيد الرسائل: عندما تكون الرسائل الرسمية معقدة أو غير مفهومة للجمهور المستهدف.
- تجاهل الاختلافات الثقافية والاجتماعية: إذا لم تأخذ الحكومة في الاعتبار تنوع جمهورها، مما يؤدي إلى استبعاد فئات معينة.
- ضعف استخدام القنوات المناسبة: عندما تعتمد الحكومة على وسائل اتصال لا تصل إلى الجمهور المستهدف بشكل فعال.
فشل الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، السيد مصطفى بايتاس، وفق بعض المراقبين والانتقادات الصحفية، قد يعود إلى عدد من العوامل المتعلقة بأسلوب إدارته للتواصل، وطبيعة التحديات التي واجهها في هذا الدور.
الصحافة الوطنية وجّهت انتقادات حادة لأسلوبه في أداء مهمته، ما أدى إلى تراجع الثقة في دوره من قبل وسائل الإعلام والجمهور. فيما يلي الأسباب المحتملة لهذا الفشل:
* ضعف الوضوح والشفافية في الخطاب: اعتبرت بعض تصريحات السيد مصطفى بايتاس غامضة وغير دقيقة، مما أثار انتقادات من الصحفيين والجمهور.
* عدم تقديم إجابات واضحة على أسئلة حساسة، وترك قضايا مهمة دون توضيح أو تفصيل.
* غياب التفاعل مع وسائل الإعلام: الصحافة الوطنية اشتكت من ضعف التواصل مع الناطق الرسمي وعدم توفير إجابات شافية عن القضايا التي تهم الرأي العام.
* اللقاء الصحفية الأسبوعية أصبحت نمطية، ولم تترك مساحة حقيقية للنقاش المفتوح أو التفاعل مع أسئلة الصحفيين بفعالية.
* في بعض الأحيان، كان خطاب بايتاس يُعتبر دفاعيًا أكثر من كونه توضيحيًا، مما أظهر الحكومة وكأنها تبرر أخطاءها بدلًا من تقديم حلول أو تفسيرات واضحة.
* . قصور في إدارة الأزمات: خلال أحداث وطنية مثل زلزال الحوز في 2023 أو أزمات غلاء الأسعار، لم يكن أداء الناطق الرسمي مرضيًا للكثيرين.
* تأخر تقديم المعلومات أو عدم التعامل الفعال مع الأخبار الزائفة أثر على دوره في طمأنة الجمهور وإدارة المشهد الإعلامي.
* ضعف الانفتاح على الصحافة الوطنية: بعض الصحفيين اشتكوا من أن الناطق الرسمي لا يُعطي الأولوية للإعلام الوطني المستقل، مع التركيز أكثر على البيانات الرسمية بدل النقاش المفتوح.
* تحديات شخصية وأسلوب التواصل: أسلوب التواصل الشخصي للسيد بايتاس وافتقاره إلى مهارات الإقناع والتفاعل الفعّال مع الجمهور قد ساهم في هذه الانتقادات.
في اعتقادي الشخصي، أنه باستثناء، وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد الحسن عبيابة الذي كان ناطقا شبحا، مما سرع في إقالته بعد حوالي ستة أشهرمن تعيينه على رأس وزارة الاتصال ، الناطق الرسمي باسم الحكومة، فإن الحكومات المغربية السابقة شهدت تجارب جد موفقة في إدارتها لمؤسسة الناطق الرسمي الحكومي، سواء في عهد حكومة التناوب التوافقي مع السيد خالد عليوة، أو في عهد محمد نبيل بنعبدالله، أو في عهد حكومة الإسلاميين الأولى مع السيد مصطفى الخلفي .
مثلا محمد نبيل بنعبدالله عُرف بخطاب سياسي متوازن واهتمام بقضايا العدالة الاجتماعية.
كان يتميز بأسلوب مباشر ولبق، مما جعله قادرًا على كسب ثقة الصحافة الوطنية.
اعتمد على خطاب بسيط وواضح، مما ساعد في إيصال رسائل الحكومة بفعالية.
كان قريبًا نسبيًا من الإعلام الوطني ومنفتحًا على النقاشات.
تعامل مع قضايا سياسية واجتماعية بمرونة، ما جعله يحظى بتقدير الصحافة حتى عند وجود تحديات.
أما الوزير مصطفى الخلفي، القيادي في حزب العدالة والتنمية (حزب ذو مرجعية إسلامية).
متخصص في الإعلام وله خبرة سابقة كرئيس تحرير لجريدة “التجديد”، مما أعطاه معرفة بقطاع الإعلام.
تميز بخطاب منظم ومؤسس على لغة الأرقام والبيانات، حيث كان يحاول تقديم معطيات دقيقة لدعم السياسات الحكومية.
حاول بناء علاقة إيجابية مع وسائل الإعلام من خلال لقاءات منتظمة وإجابات مطولة على الأسئلة.
لكن أحيانًا كان يُتهم بالمبالغة في الدفاع عن سياسات الحكومة، مما جعل البعض يعتبره أقل حيادية.
خلال فترة ولايته، واجه تحديات كبيرة مثل الحراك الاجتماعي في الريف وجرادة. ورغم محاولاته لشرح مواقف الحكومة، اعتُبر أداؤه أحيانًا غير كافٍ لتهدئة الشارع.
أما الوزير بايتاس، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار (حزب ليبرالي اقتصادي).
شخصية شابة نسبيًا، مع خلفية أقل خبرة مقارنة بسابقيه في مجال الإعلام أو التواصل السياسي.
يُعتبر أسلوبه أقل وضوحًا وتنظيمًا مقارنة بسابقيه، ما جعل تصريحاته عرضة للانتقاد.
يُتهم بالاعتماد على الخطاب الدفاعي بدل الشرح الواضح للسياسات.
انفتاحه على الصحافة محدود مقارنة بمن سبقوه، حيث يُنتقد لعدم تقديم إجابات شافية في المؤتمرات الصحفية.
خلال فترات مثل جائحة كوفيد-19 أو زلزال الحوز، اعتبر البعض أن أداؤه لم يكن على مستوى التحديات. غياب خطاب واضح ومتماسك أثر على دوره في طمأنة المواطنين وإدارة الأخبار.
شخصيته الشابة لم تُترجم إلى أداء ديناميكي، بل واجه صعوبات في مخاطبة مختلف الشرائح الاجتماعية.