يعد الحق في الحصول على المعلومات إحدى ركائز الديمقراطيات الحديثة في سياق عالمي يتسم بأزمات متعددة. ويحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمي لتعميم الحصول على المعلومات كل 28 شتنبر لدعم فكرة أن كل فرد في العالم يتمتع بالحق الأساسي في البحث عن المعلومات وتلقيها ونقلها.
وينسجم المغرب بشكل تام مع هذا الزخم العام لتكريس الحق في الحصول على المعلومات. وفي هذا الصدد، يسلط رئيس لجنة الحق في الحصول على المعلومات، عمر السغروشني، الضوء في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، على التقدم الذي أحرزته المملكة في هذا المجال.
1. ما رأيكم في الإطار القانوني الذي ينظم الحصول على المعلومات في المغرب؟
ننظر له نظرة إيجابية مع السعي للتحسين في إطار من التناغم. ففي الباب الثاني من الدستور المعتمد سنة 2011، ينص الفصل 27 على أن “للمواطنين والمواطنات حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام. لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي، وخصوصية الأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة”.
وبالتالي، فإن القانون 31-13، الذي دخل حيز التنفيذ في مارس 2019 (باستثناء الفصول الأربعة المتعلقة بالنشر الاستباقي الذي دخل حيز التنفيذ، بعد سنة، في مارس 2020) يحدد، بطريقة عملية، مختلف مكونات الحق في الحصول على المعلومة، من خلال التأكيد، بالأساس، على النشر الاستباقي. إن هذا النشر الاستباقي يجب أن يستبق توافر المعلومات المتعلقة بتدبير الشأن العام، ويساهم بذلك في مبادئ الحكامة الجيدة.
وعلاوة على ذلك، تستعد لجنة الحق في الحصول على المعلومات، خلال الأيام القليلة المقبلة، وحسب الصلاحيات الممنوحة لها بموجب المادة 22 من القانون 31-13، لاقتراح تعديلات على النص القانوني. وتجدر الإشارة إلى أن النسخة الحالية من النص القانوني تتضمن الكثير من العناصر الإيجابية التي يتعين تنزيلها.
2 – يعتبر الحق في الحصول على المعلومات العامة أمرا أساسيا في العملية الديمقراطية. كيف تقيمون التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال حماية المعطيات ومكافحة التضليل الإعلامي؟
كل هذه المفاهيم (الحق في الحصول على المعلومات، وحماية المعطيات الشخصية، ومكافحة المعلومات المزيفة…) ليست متطابقة، ولكنها مرتبطة ارتباطا وثيقا. لا يجب الخلط بين الحق في الحصول على المعلومات ومكافحة الأخبار المضللة، ولكن هذا الحق يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحقيق ذلك. ويتعين تنزيله دون المس بمبادئ احترام الحياة الخاصة وحماية البيانات ذات الطابع الشخصي (التي ينظمها القانون 09-08)، باستثناء، بطبيعة الحال، حالة المسطرة القضائية أو الإجراءات المماثلة.
إن هذه الحقوق حاملة للقيم والالتزامات الديمقراطية، والمغرب يحرص على تنزيلها بشكل عملي. وقد ت ثار تساؤلات لدى بعض الفاعلين، لكن وجود مثل هذه التساؤلات يعكس، في حد ذاته، اهتمام مواطنينا بهذه المواضيع، وكذا بحقيقة أن مقارباتنا ملموسة لأنها تتناول الوقائع اليومية.
فالتعرف على الجهة الفائزة بطلب للعروض سيجنب الإشاعات غير الملائمة. وإذا اطلعنا على ميزانية جماعة ما، يمكننا التعليق بشكل أفضل على برنامجها، كما يمكننا تقديم مقترحات حلول بشأن تدبيرها اليومي. الأهم هو وضع الحق في المعرفة في خدمة الشفافية، والشفافية في خدمة رفاه المجتمع، وذلك “في ظل احترام جملة من المبادئ والقيم الديمقراطية مثل احترام الخصوصية.
3. إلى أي مدى يسهم الحق في الحصول على المعلومات في تحسين الأداء الاقتصادي؟ وكيف يمكن تشجيع مشاركة المواطنين لتحسين جودة الخدمات العمومية؟
الحق في الحصول على المعلومات يمكن المواطنين من فهم أفضل للتدبير اليومي للشأن العام. إنه يشجع المنافسة، وبالتالي يحفز التحسين المستمر والابتكار. وخير مثال على ذلك هو البيانات المفتوحة التي تعد شكلا من أشكال النشر الاستباقي، الذي يحث عليه القانون 31-13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، والذي يشكل، في كافة التجارب التي تم رصدها على المستوى الدولي، حليفا للابتكار ومولدا للقيمة المضافة ورافعة لتحسين الأداء الاقتصادي.
إن المشهد المؤسساتي لبلدنا حافل جدا. فجميع المؤسسات حريصة على خدمة المواطنين. وكل مؤسسة هي قناة مفتوحة للمواطنين للتفاعل معهم واستيعاب احتياجاتهم ودراسة شكاويهم وتكييف الممارسات.
اليوم، تتيح الرقمنة مراقبة أفضل لجودة الخدمات المقدمة والنصوص، مثل القانون 31-13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وتمنح المواطنين القدرة على الاستفادة من هذه الخدمات وتتبع تدبيرها.