تشير التقارير التي أصدرتها مؤخرا المراكز والهيئات التي تعنى بأوضاع الأسرى الفلسطينيين، إلى أن سلطات الاحتلال صعدت خلال العام 2021 عمليات الاعتقال بحق الفلسطينيين، حيث رصدت 8 آلاف حالة اعتقال، بزيادة تشكل 70% عن عام 2020 والذي شهد 4700 حالة اعتقال.
وأوضح مركز فلسطين لدراسات الأسرى، أن الاعتقالات التي تنفذها قوات الاحتلال أضحت جزءاً من العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، وتشكل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، لأنها تتم بطرق غير قانونية، ودون مبرر مقنع، وتخالف القواعد والضمانات التي أقرها القانون الدولي لحماية السكان المدنيين حسب اتفاقية جنيف الرابعة.
وأكد أن الاحتلال يستخدم سياسة الاعتقالات كـ”سلاح وأداة من أدوات القمع التي يحارب بها الوجود الفلسطيني بهدف إخضاعه وتخويفه وإرغامه على التسليم بشرعية الاحتلال، وكذلك وسيلة لاستنزاف طاقاته وتحطيم إرادته، فقد طالت الاعتقالات كل بيت فلسطيني، ووصلت إلى ما يقارب مليون حالة اعتقال منذ عام 1948″.
وأشار إلى أن حالات الاعتقال التي نفذها الاحتلال خلال العام 2021 تعد الأعلى منذ 18 عاماً، موضحا أن ارتفاع نسبة الاعتقالات خلال العام الماضي جاء نتيجة تكثيف حملات الاعتقال لمواجهة الهبة الشعبية التي شهدتها المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية تضامناً مع أهالي الشيخ جراح، وكذلك رفضاً للعدوان الهمجي على قطاع غزة، وخاصه داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
وبيّن المركز أن حملة الاعتقالات التي شهدتها مدن وقرى الداخل الفلسطيني هي الأشرس والأكبر منذ سنوات طويلة، وشارك فيها آلاف من أفراد شرطة الاحتلال وحرس الحدود وعناصر الاحتياط، وهو ما رفع أعداد المعتقلين بشكل كبير خلال العام الماضي.
وأشار إلى أن الاعتقال خلال العام 2021 طال كافة الشرائح والفئات، وأن جميع المعتقلين تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي، والإيذاء المعنوي والإهانة، فيما الغالبية منهم تعرضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب.
وأوضح أن حالات الاعتقال بين الأطفال القاصرين ما دون الثامنة عشر بلغت 1266 حالة اعتقال، منهم 142 طفلا لم تتجاوز أعمارهم الثانية عشرة، بينما حالات الاعتقال بين النساء والفتيات بلغت 178 حالة، بينهن جريحات وقاصرات ومسنات، وأمهات وشقيقات أسرى وشهداء وجامعيات وصحافيات.
كما طال الاعتقال 196 مواطناً مريضاً بعضهم يعاني من أمراض خطيرة كالسرطان، بالإضافة إلى مسنين أبرزهم المسنّ الفلسطيني سليمان عيد الهذالين (70 عاماً) من قرى مسافر يطا جنوب الخليل، والذي اعتقل أكثر من مرة خلال العام الماضي بحجة التصدي لمخططات الاستيطان في الخليل.
وأكد المركز أن سلطات الاحتلال صعدت بشكل واضح خلال العام 2021 من استهداف الأطفال الفلسطينيين بالاعتقال والتنكيل، لترتفع نسبة الاعتقالات في صفوفهم بنسبة 100% عن العام 2020 والذي شهد حوالي 600 حالة اعتقال.
وقال مركز فلسطين إن الاحتلال ضاعف من اللجوء الى استخدام أساليب التعذيب والتنكيل بحق القاصرين خلال العام الماضي سواء في لحظة الاعتقال أو في مراكز التوقيف والتحقيق، التي يمارس الاحتلال بداخلها كل وسائل التعذيب المحرمة دولياً بحق الأطفال، حيث رصدت العديد من الإصابات بالرصاص ونهش الكلاب المتوحشة.
وأكد مدير المركز رياض الأشقر، أن جميع الأطفال المعتقلين تعرضوا للتعذيب والتنكيل منذ اللحظة الأولى للاعتقال باقتيادهم من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل، أو اختطافهم من الشوارع وعلى الحواجز، ويتعرضون لأشكال من التنكيل والإهانة بما فيها الضرب المبرح، وتوجيه الشتائم والألفاظ البذيئة بحقهم، وتهديدهم وترهيبهم، واستخدام الكلاب البوليسية المتوحشة، فيما شهد 2021، إصدار 6 أوامر إدارية بحق الأطفال، لافتا إلى أنه يقبع حالياً في سجون الاحتلال (170) طفلاً موزعين على أقسام الأشبال في سجون “مجدو وعوفر والدامون”، ويعيشون ظروفٍ معيشية قاسية، يحرمون فيها من كل مقومات الحياة البسيطة ومن حقّهم في التعليم، إضافة إلى وجود عدد في مراكز التوقيف لا زالوا يخضعون للتحقيق.
والجدير ذكره أن أربع مؤسسات تعنى بالأسرى ذكرت في تقرير لها إن عدد الأسرى المرضى وصل إلى قرابة 600 أسير، بينهم 4 أسرى مصابون بالسرطان، و14 أسيراً على الأقل مصابون بأورام بدرجات متفاوتة، من بينهم الأسير فؤاد الشوبكي (81 عاماً)، وهو أكبر الأسرى سنّاً.
وذكرت أن عدد شهداء الحركة الأسيرة وصل إلى 227 شهيداً، بارتقاء الشهيد سامي العمور نتيجة لـ”جريمة الإهمال الطبي المتعمد” التي تعد إحدى أدوات “القتل البطيء” خلال 2021، إضافة إلى المئات من الأسرى المحررين الذين استشهدوا نتيجة أمراض ورثوها من السجن ومنهم الشهيد حسين مسالمة.
وأوضحت أن عدد الأسرى المحكومين بالسجن المؤبد وصل إلى 547 أسيراً، أعلاهم حكماً الأسير عبد الله البرغوثي، المحكوم بـ67 مؤبداً، فيما يواصل الاحتلال احتجاز جثامين 8 أسرى استشهدوا داخل السجون.
فيما بلغ عدد الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع “اتفاقية أوسلو” 25 أسيراً، أقدمهم الأسيران كريم يونس وماهر يونس المعتقلين منذ يناير عام 1983م بشكل متواصل، والأسير نائل البرغوثي الذي يقضي أطول فترة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة، ودخل عامه الـ42 في سجون الاحتلال، منها 34 عاماً بشكل متواصل.
وفي السياق، ذكر نادي الأسير، أن العام الماضي شهد تصاعدا في أحكام الاعتقال الاداري، لافتا إلى أن خطوة المعتقلين الإداريين المتمثلة بمقاطعة محاكم الاحتلال وعددهم نحو 500 معتقل إداري، تأتي على ضوء جملة من المعطيات الخطيرة التي واجهوها خلال عام 2021، حيث أصدرت سلطات الاحتلال 1595 أمر اعتقال إداريّ بحق معتقلين سابقين أمضوا سنوات في سجون الاحتلال، إضافة إلى معتقلين جدد، وذلك بذريعة وجود “ملف سري”.