حذر فرناندو كوتشو، محلل الاستخبارات الإسباني، من احتمال التوصل إلى اتفاق بين إسبانيا والمغرب يهدف إلى إرساء سيادة مشتركة على مدينتي مليلية وسبتة بين عامي 2030 و2032.
يؤكد كوتشو أن هذه المبادرة ستحظى بدعم الاتحاد الأوروبي (UE) وخاصة فرنسا.
تجدر الإشارة إلى أن المغرب يسعى منذ أكثر من عقد من الزمن إلى تحويل المبادلات الاقتصادية من الموانئ الإسبانية في الجزيرة الخضراء وسبتة ومليلية لصالح ميناء طنجة المتوسط، بهدف استيعاب جزء كبير من التجارة البحرية.
يصاحب هذا المخطط الطموح أيضًا مناورات عسكرية في المياه المحيطة بجزر الكناري، التي يعتبرها المغرب منطقة ذات أهمية اقتصادية.
وقد لفت العديد من كبار المسؤولين السابقين في الاستخبارات الإسبانية الانتباه إلى أهمية الدعم الذي تقدمه فرنسا والولايات المتحدة للديناميكية المغربية.
تعتبر باريس وواشنطن الرباط حليفًا رئيسيًا لمواجهة النفوذ المتزايد لموسكو وبكين في أفريقيا. في هذا السياق الجيوسياسي، يمكن اعتبار السيادة المشتركة على مليلية وسبتة “خسارة جانبية طفيفة” في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى الحفاظ على المصالح الغربية في أفريقيا.
هذا التحذير له ما يبرره للطرفين، وخاصة للطرف المغربي الذي يعتبر أن المدينتين مغربيتين محتلتين من طرف المملكة الإسبانية ويسعى لاسترجاعهما وليس المشاركة أو اقتسام السيادة عليهما، لأنه ببساطة الطرف الإسباني لا حق له في مدينتين توحدان على أرض مغربية.
السياق التاريخي والاستراتيجي
تعتبر سبتة ومليلية، الواقعتين على الساحل الشمالي لأفريقيا، مدنًا تحت الاحتلال الإسباني منذ قرون، لكنها كانت دائمًا محل مطالبة من المغرب، الذي يعتبرها بقايا استعمارية. هذه المدن لها أهمية استراتيجية كبيرة كونها نقاط دخول إلى أوروبا، وأيضًا للتحكم في تدفقات الهجرة والتجارة في غرب البحر المتوسط. وكان وضعها دائمًا موضوعًا حساسًا في العلاقات الإسبانية المغربية.
إعادة التمركز الاستراتيجي للمغرب
على مدار العقد الماضي، انتهج المغرب سياسة اقتصادية وعسكرية طموحة لتعزيز موقفه في البحر المتوسط وأفريقيا. أصبح ميناء طنجة المتوسط، الذي افتتح في عام 2007، واحدًا من أكبر الموانئ في أفريقيا ومركزًا لوجستيًا رئيسيًا يستحوذ على جزء متزايد من التجارة البحرية، خصوصًا على حساب الموانئ الإسبانية في المنطقة، بما في ذلك ميناء الجزيرة الخضراء وسبتة ومليلية. هذا التطور هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تقليل اعتماد المغرب على البنية التحتية الأوروبية وتعزيز دوره كمركز محوري للتبادلات بين أوروبا وأفريقيا.
المناورات العسكرية والتوترات الإقليمية
إلى جانب هذه التطورات الاقتصادية، عزز المغرب حضوره العسكري، خاصة حول جزر الكناري التي يعتبرها منطقة ذات اهتمام اقتصادي استراتيجي. هذه المنطقة غنية بالموارد البحرية، بما في ذلك الهيدروكربونات، وقربها من المدن الإسبانية يجعلها منطقة ذات أهمية استراتيجية. وقد أثارت المناورات العسكرية المغربية الأخيرة في هذه المياه قلقًا في إسبانيا، واعتُبرت استعراضًا للقوة يهدف إلى تعزيز المطالب المغربية بشأن سبتة ومليلية.
الدعم الدولي والتداعيات الجيوسياسية
تعزز موقف المغرب بدعم من القوى الغربية، وخاصة فرنسا والولايات المتحدة. ترى باريس في الرباط شريكًا رئيسيًا لتحقيق الاستقرار في منطقة المغرب العربي وكبح النفوذ المتزايد لموسكو وبكين في أفريقيا. من جهتها، تعتبر الولايات المتحدة المغرب حليفًا استراتيجيًا في حربها ضد الإرهاب وتأمين الطرق البحرية الدولية. وقد تجسدت هذه العلاقة المميزة في اتفاقيات التعاون العسكري والاستثمارات الاقتصادية الكبيرة.
في هذا السياق، يمكن النظر إلى اتفاق حول السيادة المشتركة على سبتة ومليلية كتنازل بسيط من قبل القوى الغربية، التي تسعى للحفاظ على علاقات جيدة مع المغرب مع الحد من نفوذ روسيا والصين. ومع ذلك، من المحتمل أن تثير هذه الفرضية ردود فعل قوية في إسبانيا، حيث يعد موضوع السيادة على سبتة ومليلية مسألة حساسة للغاية.
ردود الفعل المحتملة والتحديات
أدت مجرد الإشارة إلى فكرة السيادة المشتركة إلى تأجيج التوترات السياسية في إسبانيا. سيكون على الحكومة الإسبانية، بغض النظر عن توجهاتها السياسية، أن ترفض أي اقتراح يُعتبر اعتداءً على “السيادة الوطنية”. الأحزاب السياسية، لا سيما تلك التي تقع على اليمين من الطيف السياسي، بالإضافة إلى سكان المدينتين، الذين يعتبرون أنفسهم إسبانيين بشكل راسخ، من المرجح أن يعارضوا بشدة أي نوع من التنازل في هذا الشأن.
من الناحية القانونية، سيتطلب مثل هذا الاتفاق تعديل الدستور في إسبانيا، إلى جانب مفاوضات معقدة داخل الاتحاد الأوروبي. علاوة على ذلك، قد يؤدي اقتراح مشاركة السيادة إلى خلق سابقة خطيرة لمناطق أخرى متنازع عليها في أوروبا، وهو ما يفسر جزئيًا حذر السلطات الإسبانية والأوروبية في هذا الموضوع.
رغم أن فكرة السيادة المشتركة بين إسبانيا والمغرب على سبتة ومليلية تبقى حتى الآن فرضية، إلا أنها تعكس الديناميكيات الجيوسياسية الحالية والتوترات المتصاعدة في المنطقة. المغرب، بدعم من قوى مثل فرنسا والولايات المتحدة، قد يدفع في هذا الاتجاه، ولكن تحقيق هذا المشروع سيكون بالغ التعقيد ومثيرًا للجدل على المستويين الوطني والدولي. تستدعي هذه المسألة اهتمامًا خاصًا، نظرًا لتداعياتها العميقة المحتملة على الاستقرار الإقليمي والعلاقات بين أوروبا وأفريقيا.
معطيات سياسية و جيو استراتيجية أخرى
هناك العديد من المعطيات السياسية والجيوسياسية الأخرى التي يمكن أن تساهم في فهم أعمق للسياق المحيط بفرضية السيادة المشتركة بين المغرب وإسبانيا على سبتة ومليلية. هذه المعطيات تشمل:
- التغيرات في السياسة الدولية:
التنافس بين القوى الكبرى: تتزايد التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، مما يدفع الدول الغربية إلى البحث عن شركاء إقليميين موثوقين في مناطق استراتيجية. المغرب، بفضل موقعه الجغرافي وارتباطاته التاريخية بأوروبا، أصبح لاعبًا رئيسيًا في استراتيجية الغرب لمواجهة النفوذ الروسي والصيني في إفريقيا.
السياسات الأوروبية الجديدة تجاه إفريقيا: الاتحاد الأوروبي يعيد صياغة استراتيجيته تجاه إفريقيا، مع التركيز على التنمية الاقتصادية والأمن. المغرب، كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا، يلعب دورًا محوريًا في هذه الاستراتيجية، وهو ما قد يدفع الاتحاد الأوروبي لدعم سياسات تعزز استقرار العلاقات بين المغرب وإسبانيا.
- الأوضاع الداخلية في إسبانيا والمغرب:
الوضع السياسي في إسبانيا: إسبانيا تمر بمرحلة سياسية مضطربة، مع صعود الحركات الانفصالية في كتالونيا والباسك، وزيادة الانقسامات داخل الحكومة المركزية. هذه الظروف تجعل الحكومة الإسبانية أكثر حساسية تجاه أي تغييرات محتملة في “سيادتها” على الأراضي.
الدور المتزايد للمغرب في المنطقة:
المغرب يعزز من دوره الإقليمي من خلال مبادرات مثل “الحزام الاقتصادي الأخضر” وتوسيع علاقاته الاقتصادية مع الدول الإفريقية. هذه السياسة تعزز مكانة المغرب كلاعب رئيسي في شمال إفريقيا وتزيد من تأثيره في القضايا الإقليمية، بما في ذلك النزاع حول سبتة ومليلية.
- التطورات في شمال إفريقيا والساحل:
الاستقرار الإقليمي: الوضع في شمال إفريقيا والساحل يتسم بعدم الاستقرار، مع انتشار الجماعات الإرهابية والاضطرابات السياسية في دول مثل ليبيا ومالي. المغرب يعتبر نفسه حاجزًا أمام انتشار هذه التهديدات نحو أوروبا، مما يعطيه نفوذًا إضافيًا في المفاوضات مع الدول الأوروبية حول قضايا مثل سبتة ومليلية.
الهجرة غير الشرعية:
تعتبر سبتة ومليلية نقطتين ساخنتين للهجرة غير الشرعية من إفريقيا إلى أوروبا. أي تغيير في السيادة على هذه المدن يمكن أن يؤثر بشكل كبير على تدفقات الهجرة ويؤدي إلى تعقيدات سياسية وأمنية كبيرة بين المغرب وإسبانيا.
- العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا:
التعاون الاقتصادي والأمني:
على الرغم من التوترات، يتمتع المغرب وإسبانيا بعلاقات اقتصادية وأمنية وثيقة. التعاون في مكافحة الإرهاب، ومراقبة الحدود، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، يعد من الأسس التي ترتكز عليها العلاقة بين البلدين. لذلك، أي اتفاق بشأن سبتة ومليلية يجب أن يأخذ في الاعتبار الحفاظ على هذه العلاقات القوية.
التأثيرات الاقتصادية المحتملة:
المغرب يسعى لتطوير ميناء طنجة المتوسط ليكون مركزًا رئيسيًا في التجارة البحرية، وهو ما يهدد بمنافسة الموانئ الإسبانية. نجاح المغرب في تحويل جزء كبير من التجارة البحرية إلى طنجة قد يقلل من أهمية سبتة ومليلية كأصول اقتصادية لإسبانيا، مما قد يجعل فكرة السيادة المشتركة أكثر قابلية للتفاوض.
- الدور الفرنسي والأمريكي:
فرنسا:
فرنسا لديها مصالح قوية في شمال إفريقيا، وتعتبر المغرب حليفًا رئيسيًا في المنطقة. دعم فرنسا للمغرب في قضايا مثل سبتة ومليلية قد يأتي في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز الاستقرار في منطقة تعتبرها حيوية لأمنها القومي.
الولايات المتحدة:
الولايات المتحدة، خاصة في ظل الإدارة الحالية، تعزز علاقاتها مع المغرب من خلال التعاون العسكري والاقتصادي. الدعم الأمريكي للمغرب في ملف سبتة ومليلية قد يكون جزءًا من استراتيجية أمريكية أكبر لاحتواء النفوذ الروسي والصيني في المنطقة.
- البعد القانوني والدبلوماسي:
القانون الدولي:
أي اتفاق حول السيادة المشتركة على سبتة ومليلية سيتطلب معالجة دقيقة من الناحية القانونية، خاصة فيما يتعلق بحقوق السكان المحليين والقانون الدولي. قد يستلزم الأمر مفاوضات طويلة ومعقدة داخل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
التداعيات الدبلوماسية:
قد يثير الاتفاق المحتمل حول سبتة ومليلية ردود فعل من دول أخرى في المنطقة، مثل الجزائر، التي قد ترى في مثل هذا الاتفاق تعزيزًا لنفوذ المغرب في المنطقة على حساب جيرانه.
هذه المعطيات تضيف أبعادًا جديدة للتحديات التي تواجه تحقيق أي اتفاق حول السيادة المشتركة على سبتة ومليلية، وتجعل من هذا الموضوع قضية شديدة التعقيد تستلزم مقاربة متعددة الأبعاد تأخذ في الاعتبار مختلف العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية والقانونية.
احتمالات نجاح أو فشل مشروع السيادة المشتركة
احتمالات نجاح أو عدم نجاح مشروع السيادة المشتركة بين المغرب وإسبانيا على سبتة ومليلية تعتمد على عدة عوامل معقدة ومتشابكة. سنستعرض الجوانب التي قد تؤثر على هذا المشروع من حيث النجاح أو الفشل.
احتمالات النجاح:
الدعم الدولي:
الدعم الأوروبي:
إذا حصل المشروع على دعم قوي من الاتحاد الأوروبي، خاصة من دول مثل فرنسا التي تعتبر المغرب حليفًا استراتيجيًا، فإن هذا قد يزيد من احتمالات النجاح. الاتحاد الأوروبي قد يرى في السيادة المشتركة حلاً لتخفيف التوترات بين البلدين وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
الدعم الأمريكي:
الولايات المتحدة، التي تعتبر المغرب شريكًا مهمًا في شمال إفريقيا، قد تدفع نحو حل يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية، مما قد يساهم في نجاح المشروع.
المصالح الاقتصادية:
التعاون الاقتصادي:
قد يرى الطرفان في السيادة المشتركة فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي، خاصة في مجالات التجارة والاستثمار والبنية التحتية. إذا تم التوصل إلى اتفاق يضمن المنافع الاقتصادية للطرفين، فقد يعزز ذلك فرص النجاح.
تنمية المناطق الحدودية:
السيادة المشتركة قد تؤدي إلى تحسين التنمية الاقتصادية في سبتة ومليلية والمناطق المجاورة في المغرب، مما قد يجعل الاتفاق أكثر قبولاً لدى السكان المحليين.
الاعتبارات الأمنية:
التعاون في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية:
إذا تم تعزيز التعاون الأمني من خلال اتفاق السيادة المشتركة، فقد يساهم ذلك في تحقيق الاستقرار الإقليمي وزيادة فرص النجاح. التنسيق في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة قد يكون دافعًا قويًا لدعم الاتفاق.
التكيف السياسي:
مرونة الحكومات: إذا كانت الحكومتان في المغرب وإسبانيا مستعدتين لتقديم تنازلات سياسية، والتوصل إلى حلول وسطية تُرضي الطرفين، فإن هذا قد يعزز احتمالات نجاح المشروع. الاستعداد لإعادة النظر في المفاهيم التقليدية للسيادة قد يكون عنصرًا حاسمًا
حلم الراحل الحسن الثاني:
فيما يتعلق بفكرة انضمام المغرب إلى الاتحاد الأوروبي، لم تكن هذه فكرة عملية أو رسمية، بل كانت مجرد تعبير عن رغبة الحسن الثاني في تعزيز علاقات المغرب مع أوروبا وتحقيق مستوى من التكامل الاقتصادي والسياسي مع القارة الأوروبية. كان يرى أن المغرب يمكن أن يكون جسراً بين أوروبا وإفريقيا بفضل موقعه الجغرافي وتاريخه.
الملك الحسن الثاني كان لديه طموح واضح لتعزيز علاقات المغرب مع أوروبا، وكان ذلك جزءًا من رؤيته لجعل المغرب جسرًا بين أوروبا وإفريقيا. في هذا السياق، قام في عام 1984 بتقديم طلب رسمي لانضمام المغرب إلى السوق الأوروبية المشتركة، التي كانت تُعدّ آنذاك نواة الاتحاد الأوروبي.
هذا الطلب كان خطوة جريئة وغير مسبوقة لدولة غير أوروبية، وقد استند الحسن الثاني في هذا الطلب إلى العلاقات التاريخية والثقافية القوية بين المغرب وأوروبا، فضلاً عن الموقع الجغرافي المتميز للمغرب الذي يجعله قريبًا من القارة الأوروبية. كما كان يهدف من خلال هذا الطلب إلى تحقيق تكامل اقتصادي أعمق مع الدول الأوروبية، والاستفادة من الدعم الأوروبي في تحقيق التنمية الاقتصادية في المغرب.
ومع ذلك، رفضت السوق الأوروبية المشتركة طلب المغرب في عام 1987. وكان الرفض قائمًا على أساس أن المغرب ليس دولة أوروبية، وأن عضوية السوق كانت مخصصة للدول الأوروبية فقط. ورغم هذا الرفض، لم تتأثر العلاقات بين المغرب وأوروبا بشكل كبير، بل استمرت في التطور والتعمق في مجالات أخرى، مثل التجارة والاستثمار والتعاون السياسي.
على الرغم من رفض الطلب، ظل الحسن الثاني يسعى لتعزيز الشراكة بين المغرب وأوروبا، وهو ما تجلى في توقيع العديد من الاتفاقيات والشراكات الاقتصادية بين المغرب والاتحاد الأوروبي في السنوات التي تلت ذلك.
طلب انضمام المغرب إلى السوق الأوروبية المشتركة (التي أصبحت لاحقًا الاتحاد الأوروبي) كان خطوة جريئة وغير مسبوقة، وقد قدمها الملك الحسن الثاني في عام 1984. إليك تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع:
خلفية الطلب:
التوجه نحو الغرب:
كان الحسن الثاني يدرك أهمية تقوية علاقات المغرب مع أوروبا، نظرًا للقرب الجغرافي والروابط التاريخية العميقة. في ظل التوترات الإقليمية في المنطقة المغاربية والصعوبات الاقتصادية، رأى الحسن الثاني في الشراكة مع أوروبا فرصة لتعزيز استقرار المغرب وتحقيق نمو اقتصادي.
العلاقات التاريخية والثقافية:
المغرب كان دائمًا مرتبطًا بأوروبا عبر قرون من التفاعل الثقافي والتجاري. الحسن الثاني استند إلى هذه الروابط في طلبه، معتبرًا أن المغرب يمكن أن يكون جزءًا من المشروع الأوروبي.
تفاصيل الطلب:
الهدف الرئيسي:
كان الهدف من الطلب هو تحقيق تكامل اقتصادي أعمق مع أوروبا، مما يسهل وصول المنتجات المغربية إلى الأسواق الأوروبية، ويعزز الاستثمارات الأوروبية في المغرب. كان الحسن الثاني يسعى من خلال هذه الخطوة إلى ضمان دعم أوروبا لمشروعات التنمية المغربية.
الدعم السياسي:
اعتبر الحسن الثاني أن الانضمام إلى السوق الأوروبية المشتركة يمكن أن يعزز من موقع المغرب الدولي، ويجعله شريكًا أكثر أهمية لأوروبا في قضايا مثل الأمن والهجرة والتجارة.
رد السوق الأوروبية المشتركة:
رفض الطلب:
في عام 1987، تم رفض طلب المغرب من قبل السوق الأوروبية المشتركة. السبب الرئيسي للرفض كان أن السوق الأوروبية المشتركة مخصصة للدول الأوروبية فقط، والمغرب بطبيعة الحال ليس دولة أوروبية. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك قلق من تأثير انضمام دولة غير أوروبية على التوازن الداخلي للسوق.
تداعيات الرفض:
رغم أن الطلب تم رفضه، إلا أن هذا الرفض لم يكن له تأثير سلبي كبير على العلاقات بين المغرب وأوروبا. بالعكس، أدى إلى تعزيز البحث عن أشكال أخرى من التعاون. تم التوصل إلى اتفاقيات شراكة وتعاون مختلفة بين المغرب والاتحاد الأوروبي في السنوات اللاحقة.
صحيح أن الراحل الحسن الثاني كان يطمح أن يكون المغرب جزءًا من المشروع الأوروبي. و لكن لم يكن ليقبل أن يكون هذا التقارب أو هذا الانضمام إلى السوق الأوربية المشتركة آنذاك، على حساب وحدته الترابية. فالمدينتين المحتلتين جزء من التراب المغرب و سيعودان إن آجلا أو عاجلا إلى التراب المغربي.
احتمالات الفشل:
المعارضة الداخلية:
المعارضة في إسبانيا:
في إسبانيا، تعتبر سبتة ومليلية جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الوطنية، وأي تنازل عن السيادة قد يواجه معارضة قوية من الأحزاب السياسية، وخاصة من اليمين المتطرف، ومن السكان المحليين في المدينتين. هذه المعارضة قد تجعل من الصعب تنفيذ أي اتفاق.
المعارضة في المغرب:
على الرغم من أن المغرب قد يرى في السيادة المشتركة خطوة نحو تحقيق مطالبه التاريخية، إلا أن بعض الفصائل قد تعتبر الاتفاق تنازلاً غير مقبول. إذا شعرت فئات واسعة من الشعب المغربي بأن الاتفاق لا يرقى إلى طموحاتهم، فقد يواجه المشروع رفضًا شعبيًا.
التعقيدات القانونية والدستورية:
الدستور الإسباني:
أي اتفاق بشأن السيادة المشتركة قد يتطلب تعديلًا دستوريًا في إسبانيا، وهو أمر صعب تحقيقه في ظل معارضة سياسية قوية. التعديلات الدستورية تستلزم توافقًا سياسيًا واسعًا، وهو ما قد يكون غير ممكن في الظروف الحالية.
القانون الدولي:
من الناحية القانونية، قد يواجه الاتفاق تعقيدات في إطار القانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بحقوق السكان المحليين والترتيبات المتعلقة بالسيادة. هذا قد يؤدي إلى طعون قانونية وتعقيدات إضافية.
التوترات الإقليمية:
ردود فعل دول الجوار:
الجزائر، التي تعتبر المنافس الرئيسي للمغرب في المنطقة، قد ترى في الاتفاق تعزيزًا لمكانة المغرب على حساب مصالحها. هذا قد يؤدي إلى زيادة التوترات الإقليمية، مما يعيق تنفيذ الاتفاق.
استغلال القوى الكبرى:
القوى الكبرى مثل روسيا والصين قد تحاول استغلال التوترات الناشئة عن الاتفاق لتعزيز نفوذها في المنطقة، مما قد يعرقل تحقيق الاستقرار المطلوب لنجاح المشروع.
التحديات الدبلوماسية:
صعوبة التفاوض:
التفاوض على تفاصيل السيادة المشتركة قد يكون معقدًا للغاية، خاصة فيما يتعلق بتحديد المسؤوليات، وتقاسم الموارد، وإدارة الحدود. إذا فشل الطرفان في التوصل إلى تفاهم مشترك حول هذه القضايا، فإن الاتفاق قد ينهار قبل أن يتم تنفيذه.
نجاح أو فشل مشروع السيادة المشتركة على سبتة ومليلية يعتمد بشكل كبير على التوازن بين المصالح السياسية، الاقتصادية، والأمنية للطرفين، وعلى قدرة الحكومات المعنية على تجاوز العقبات القانونية والسياسية. في ظل الظروف الحالية، قد تكون احتمالات الفشل أعلى من النجاح، لكن تحقيق تقدم في هذا الملف يتطلب إرادة سياسية قوية، دعمًا دوليًا واسعًا، واستعدادًا للتفاوض وتقديم تنازلات من كلا الطرفين.
قبول المغرب بمشروع السيادة المشتركة على سبتة ومليلية يعتمد على عدة عوامل سياسية واستراتيجية. بالنظر إلى الوضع الحالي، هناك بعض الأسباب التي قد تجعل المغرب يفكر في قبول مثل هذا المشروع، وأسباب أخرى قد تدفعه لرفضه:
أسباب قد تدفع المغرب لقبول المشروع:
تحقيق مكاسب سياسية:
اعتراف دولي:
قبول السيادة المشتركة قد يمثل اعترافًا دوليًا بمطالب المغرب التاريخية بشأن سبتة ومليلية، وهو ما يمكن اعتباره خطوة مهمة نحو استعادة السيطرة الكاملة على المدينتين في المستقبل.
تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي:
إذا كان مشروع السيادة المشتركة مدعومًا من الاتحاد الأوروبي، فقد يعزز ذلك العلاقات الاقتصادية والسياسية للمغرب مع أوروبا، خاصة في ظل دوره كحليف رئيسي في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
المكاسب الاقتصادية:
استفادة اقتصادية:
الاتفاق قد يتضمن ترتيبات اقتصادية تعزز التنمية في شمال المغرب وتزيد من الاستثمارات الأوروبية في المنطقة. هذا يمكن أن يساعد في تحسين الاقتصاد المغربي، خاصة في مناطق تطل على سبتة ومليلية.
تعزيز ميناء طنجة المتوسط:
التعاون مع إسبانيا قد يعزز مكانة ميناء طنجة المتوسط كمركز للتجارة الدولية، مما قد يزيد من النفوذ الاقتصادي المغربي في المنطقة.
المكاسب الأمنية:
تعزيز التعاون الأمني:
السيادة المشتركة قد تتضمن ترتيبات أمنية تتيح للمغرب دورًا أكبر في إدارة الحدود ومكافحة التهديدات الأمنية، وهو ما يعزز الاستقرار في المنطقة ويقلل من المخاطر المرتبطة بالهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.
أسباب قد تدفع المغرب لرفض المشروع:
المطالب التاريخية:
التنازل عن المطالب الكاملة:
قبول السيادة المشتركة قد يُنظر إليه داخليًا كتنازل عن المطالب التاريخية للمغرب باستعادة السيطرة الكاملة على سبتة ومليلية. هذا قد يثير انتقادات من قبل بعض الفئات الوطنية التي ترى أن السيادة المشتركة لا تلبي الطموحات المغربية.
المعارضة الداخلية:
رفض شعبي: يمكن أن يواجه المشروع رفضًا شعبيًا في المغرب، خاصة إذا تم تصويره على أنه تنازل غير مبرر لإسبانيا. الفئات الوطنية والقوى السياسية قد ترى في السيادة المشتركة خطوة غير مقبولة تتنافى مع السيادة الوطنية الكاملة.
مخاطر داخلية: قبول المشروع قد يثير مخاوف من أن يؤدي إلى عدم استقرار داخلي في المغرب، خاصة إذا رأت بعض الجماعات أن الحكومة تتنازل عن حقوق سيادية مهمة.
تعقيدات السيادة المشتركة:
إدارة مشتركة معقدة: السيادة المشتركة قد تتطلب ترتيبات إدارية معقدة وصعبة التنفيذ، ما قد يؤدي إلى توترات ومشاكل في تطبيق الاتفاق على الأرض. قد يجد المغرب أن هذه الترتيبات تضعف سيادته على المدينتين بدلاً من تعزيزها.
العوامل الجيوسياسية:
التأثير على العلاقات مع دول الجوار:
يمكن أن يؤثر المشروع على علاقات المغرب مع دول أخرى في المنطقة، مثل الجزائر، التي قد ترى في المشروع تعزيزًا لمكانة المغرب على حساب التوازن الإقليمي. هذا قد يزيد من التوترات ويعقد الأوضاع الدبلوماسية في المنطقة.
يمكن للمغرب أن يقبل بمشروع السيادة المشتركة إذا تضمن ذلك تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وأمنية واضحة، وشريطة أن يُنظر إليه على أنه خطوة نحو استعادة السيادة الكاملة في المستقبل. ومع ذلك، فإن حساسية القضية وطنياً، والمخاطر المرتبطة بتقديم تنازلات حول المطالب التاريخية، قد تجعل من الصعب على المغرب قبول هذا المشروع بدون ضمانات كبيرة ودعم شعبي قوي.