تفاعلا مع الحدث الابرز، لجلسة الاسئلة الشفوية التي عقدها مجلس النواب بتاريخ 17 يناير 2025, و بخصوص رد الفعل الغاضب للسبد رئيس مجلس النواب على مداخلة النائبة البرلمانية السيدة ريم شباط ، نود المساهمة بتقديم الملاحظات الآتية: للأمانة، فإن مداخلة السيدة النائبة، سبقتها مداخلات متشابهة و في جلسات مغايرة، تتناول نفس الموضوع و من نواب الحزب الحاكم ، و كلها مداخلات يؤطرها الفصل 31 من الدستور.
مما أثار استغراب الجميع هي حالة التشنج التي عبر عنها السيد رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب عندما اعتبر مداخلة السيدة النائبة، هي خرق للدستور في فصليه 135 و 141.

جاء في الفصل 135 ما يلي :
“الجماعات الترابية أشخاص معنوية، خاضعة للقانون العام، وتسير شؤونها بكيفية ديمقراطية. تنتخب مجالس الجهات والجماعات بالاقتراع العام المباشر. تحدث كل جماعة ترابية أخرى بالقانون، ويمكن أن تحل عند الاقتضاء، محل جماعة ترابية أو أكثر، من تلك المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذا الفصل”
و الفصل 141 جاء فيه ما يلي:
“تتوفر الجهات والجماعات الترابية الأخرى، على موارد مالية ذاتية، وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة.
كل اختصاص تنقله الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية الأخرى يكون مقترنا بتحويل الموارد المطابقة له”.
بحثت كثيرا عن معالم الخرق لهذين الفصلين في مداخلة النائبة البرلمانية ريم شباط كما ادعى رئيس الحلسة و لم أهتد لشيء. بل الخرق الوحيد في هذه النازلة هو الذي اقترفه السيد رئيس مجلس النواب في حق الفصل 64 من الدستور : ” لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان، ولا البحث عنه، ولا إلقاء القبض عليه، ولا اعتقاله ولا محاكمته، بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه، ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي، أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك”
كان من الأجدر أن يلجأ السيد رئيس مجلس النواب إلى المادة 396 من النظام الداخلي لمجلس النواب و يذكر السيدة النائبة بمقتضيات هذه المادة، إذا افترضنا أن هناك تجاوزا في مداخلتها.
والواقع أننا لم نلمس أي تجاوز، سواء على مستوى اللغة المستعملة، أو محتوى السؤال. فالقول بأن البرلمان ليس منصة للإحتجاج، قول مخالف للأعراف والقوانين المعمول بها داخل قبة البرلمان منذ تأسيسه سنة 1962, بل كانت هناك دائما دعوة للتنظيمات السياسية إلى خوض الانتخابات و المشاركة في الحياة السياسية . و نقل الإحتجاج من الشارع إلى قبة البرلمان.
و عندما نقول أننا نعارض توجها سياسيا، فمن ضمن صيغ التعبير عن هذه المعارضة ، يكون الإحتجاج. و الاحتجاج لغة هو إقامة الحجة على فشل تدبير ما أو اختيار ما.
باختصار شديد، دعوا المعارضة تعبر بكافة الصيغ المشروعة. وفي هذا الصدد أذكر قولة للراحل الحسن الثاني ، عندما قال ” لو لم تكن هناك معارضة، لخلقتها”.
ومن غريب الصدف، أن حزب التجمع الوطني للأحرار استعمل في هذا السياق.
إن الفصل الذي يفصل في هذه النازلة هو الفصل 145 من الدستور الذي يمنح لولاة الجهات وعمال الاقاليم، السلطة المركزية الجماعات الترابية، و هؤلاء لا يتكلمون إلا باسم الحكومة و تحت الرئاسة الفعلية للسيد وزير الداخلية الذي هو عضو في حكومة السيد أخنوش.
لهذا سيأتي الرد في اليوم الموالي 28 يناير، من السيد وزير الداخلية لتصحيح خرق السيد رئيس محلس النواب. ففي مداخله أمام أعضاء مجلس المستشارين، الثلاثاء الماضي، أشار السبد الوزير إلى التحول المحوري الذي سيشهده قطاع النقل العمومي داخل المدارات الحضرية ( الحافلات فقط).
فالإستثمار سيكون للدولة و التسيير للمقاولات أو الشركات ابتداء من 16 مارس من السنة الجارية؛ جواب السيد وزير الداخلية اعتبره مراقبون صفعة و تصحيحا للمساطر المعمول بها داخل محلس النواب.
ما يثير الاستغراب في هذه الواقعة هو تبادل المواقع. الجهة التي يفترض أن تدافع و تحمي النواب، مما يمس كرامتهم أو يدوس على حقوقهم و هم يمارسون مهامهم الدستورية داخل الررلمان، فهي رئاستهم .
لكن السيد رئيس المجلس كان له رأي آخر و تبنى موقفا لصالح حزبه ممثلا في رئيس الحكومة، و كأننا برئيس المجلس يستجيب للعتاب الذي ابداه السيد عزيز أخنوش قبل أسابيع تجاه فريقه النيابي بتقاعس أعضائه في الدفاع عنه ضد هجمات المعارضة أثناء الجلسات الشهرية التي بحضرها. فالمسألة لا تخرج عن قاعدة ” انصر أخاك ظالما أو مظلوما”.
أما مداخلة رئيس الفريق الاشتراكي في النازلة فنترك التعليق عليها لأعضاء ومنخرطي حزب الوردة قيادة وقواعد ، وبما علقوا فنحن معهم، لأننا نعتقد دائما وابدا ان في ثنايا هذا الحزب مازال خير كثير