
شتان بين الكلمات المعسولة خلال الحملة الانتخابية والتصريحات الرسمية للمسؤولين الجدد.
حيث فجأة صارت الوعود الانتخابية مشروطة وغير محددة الأفق ومرتبطة بلقاءات ومشاورات، ويتعلق الأمر بزيادة صافية قدرها 2500 درهم في أجرة رجل التعليم، هذا الوعد كان عاما ولا يخضع لشروط إلا بعد أن حطت حرب الانتخابات أوزارها وتسلم كل واحد مفتاحه الجديد، فأصبحت تلك الزيادة لا تهم كل العاملين بالقطاع بل فقط الخريجين الجدد، وليس كل الخريجين بل أولئك الحاصلين على شهادة التأهيل في مجال علوم التربية بعد قضاء 5 سنوات بعد البكالوريا.
وهذا الأمر يعتزم المسؤولون الجدد طرحه على طاولة المفاوضات الخاصة بالملفات الاجتماعية بحضور النقابات الأكثر تمثيلية.
وفي رده حول إضراب أطر الأكاديميات قال رئيس الحكومة بأنه ليس على اطلاع جيد بالملف كونه كان مسؤولا عن قطاع الفلاحة وأنه سيعقد جلسة مع وزير القطاع لتدارس ما يمكن فعله مما لا يمكن تحقيقه، وأضاف أن الوقت وقت عمل لا وقت إضراب.
في مقابل ذلك يصر الأطر المعنيون بهذا الملف على مواصلة إضرابهم المحدد في 5 أيام تنتهي بتجمهر بالرباط العاصمة.
ويظهر أن لعبة شد الذراع قد بدأت أطوارها في أول اختبار حقيقي للحكومة المعينة، حيث أن الوعود كانت عالية السقف والانتظارات كثيرة. بمقابل ذلك توجد إكراهات كبيرة أولها الكلفة المادية.

فكيف سيتمكن المسؤولون الجدد من تحسين الوضع المادي للمقبلين على التخرج دون إنصاف القدماء؟ وفقط في التعليم هناك العديد من التنسيقيات والملفات التي تطالب بتحسين الأجر منذ أكثر من 10 سنوات ترأس خلالها حزب المصباح الحكومة لولايتين، ولم يتم حل أي من هذه الملفات. و باقي القطاعات لديها نفس المطالب: الممرضون والأطباء وموظفو الجماعات المحلية وقطاع العدل والقيمون الدينيون ،العاملون بوزارة الأوقاف، وأساتذة التعليم العالي والمتصرفون والمهندسون والدكاترة وغيرهم لكل مطالبه وانتظاراته.
من جهة أخرى لا زالت أفواج الخريجين من الجامعات ومؤسسات التعليم العالي تتكدس وتتزايد، هذه الفئة أيضا نمني النفس بالتغيير وتأمل الحصول على وظيفة تحفظ الكرامة و تحقق المكانة الإجتماعية.
أما القطاع الغير مهيكل فذلك جبل ثلج آخر يخفي أسفله أكثر مما يظهر للعيان، والطبقات المتوسطة والهشة تصارع موجة غلاء الأسعار المستجدة، هؤلاء يحسون بالأيام بكل تفاصيلها ولا يفكرون في الغد بل أملهم تحصيل مكونات الوجبة الغذائية المقبلة لذويهم.
ولعل عبد الإله بنكيران أصاب حين قال بأن المسؤولية كبيرة ويصعب التعامل معها.
مع ذلك يجب التأني والتشبث بهامش من الأمل وتطبيقا لمبدأ حسن الظن لا يجب الحكم على المسؤلين الجدد منذ بداية مشوارهم، على الأقل ننتظر المائة يوم الأولى لعل الله عز وجل يحدث بعد ذلك أمرا.