أثارت وفاة الملكة إليزابيث الثانية التي كانت تحظى بشعبية كبيرة خلال 70 عاماً من الحكم موجة من الثناء، فيما يواجه مؤيّدو إلغاء الملكية صعوبة كبيرة في إسماع أصواتهم.
الاثنين، وقفت متظاهرة معارضة للملكية أمام ويستمنستر حاملة شعارات “ليس ملكًا عليَّ”، “إلغاء الملكية”، خلال الزيارة الأولى للملك تشارلز إلى البرلمان في لندن. ولم تلبث أن أبعدتها الشرطة بسرعة.
وقالت لوكالة فرانس برس “يستقبل البرلمان تشارلز على أنه رئيس جديد للدولة في هذا البلد، من دون أن يكون للشعب كلمة في ذلك”.
في اليوم السابق، قبل وصول نعش إليزابيث الثانية إلى أدنبرة، أوقفت الشرطة الأسكتلندية وسط التصفيق، امرأة تحمل لافتة كتب عليها “إلغاء الملكية”، وذلك لإخلالها بالنظام العام.
تعد الأصوات المعارضة نادرة للغاية في البلاد التي تعيش في حالة حداد على وفاة إليزابيث الثانية عن عمر ناهز 96 عاماً.
وتتواجد صور الملكة في كل مكان في لندن، في محطات الحافلات، في مترو الأنفاق وعلى نوافذ المتاجر.
كما أشار استطلاع للرأي نشره معهد “يوغوف” الاثنين، إلى أنّ 44 في المئة من البريطانيين بكوا على وفاة الملكة.
وينتظر أن يلقي مئات الآلاف النظرة الأخيرة على نعشها قبل جنازتها الاثنين.
حتى حركة الجمهورية، التي تطالب بإلغاء الملكية، أعربت عن “حزنها” لوفاة إليزابيث الثانية في رسالة تعزية قصيرة.
“من دون نقاش”
مع ذلك، تغيّرت النغمة بعد يومين عندما تم تنصيب تشارلز ملكاً بشكل رسمي. فقد اعتبرت الحركة أنّ تولّيه العرش “إهانة للديموقراطية”.
وقالت “تغيّرت بريطانيا بشكل عميق منذ العام 1952″، عندما اعتلت إليزابيث الثانية العرش. وأضافت “في هذا المجتمع الحديث والديمقراطي، لا يمكن لرئيس دولتنا أن يتولّى هذا الدور من دون نقاش أو من دون تشكيك في شرعيته”. ونشرت الحركة على الصفحة الرئيسية لموقعها على الإنترنت، صورة لتشارلز الثالث مع هاشتاغ #notmyking “ليس ملكًا علي”.
نُشرت رسائل مشابهة على وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى صفحته على موقع “تويتر”، قال كيفين ماغواير وهو كاتب في صحيفة “ديلي ميرور” اليسارية، مؤيّد للجمهورية، “تهدف سرعة تولّي (تشارلز للعرش) إلى تجنّب النقاشات حول الملكية المتوارثة”.
كذلك، قال غراهام سميث مدير حركة “الجمهورية” لفرانس برس “انتقاد تشارلز أسهل”. وأضاف “لا يحظى بالدعم نفسه الذي كانت تحظى به الملكة.ليس محمياً بالهالة نفسها”. وأشار إلى أن “الناس بدأوا بالفعل في نقاشات حول الملكية، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماع”.
قرون من التاريخ
يتمتّع تشارلز الذي خلف والدته في سن 73 عاماً بشعبية أقل من إليزابيث الثانية التي كانت محبوبة بشكل كبير. ويأمل مؤيدو النظام الجمهوري منذ سنوات في أن يفتح هذا التغيير على مستوى الملكية ابواباً أمامهم.
لكن شعبية تشارلز الثالث ارتفعت منذ توليه العرش، وفقاً لاستطلاع “يوغوف” الذي صدر الثلاثاء. ويعتقد ثلاثة من كل خمسة أشخاص أنه سيصبح ملكاً جيداً، بينما أعرب 94 في المئة عن تقديرهم لخطابه الأول كملك.
يشكّك روبرت هازل، المتخصّص في الشأن الدستوري في “يونيفرسيتي كولدج” في لندن، في إلغاء الملكية. ويقول “في الأزمنة الحديثة، كان هناك دعم محدود للغاية للجمهورية في المملكة المتحدة. كانت استطلاعات الرأي مستقرّة بشكل ملحوظ خلال الثلاثين أو الأربعين عاماً الماضية”.
في حزيران/يونيو، كان 62 في المئة من البريطانيين يعتبرون أن النظام في البلاد يجب أن يبقى ملكياً، بينما اعتبر 22 في المئة فقط أنه يجب انتخاب رئيس الدولة. وكان الشباب أكثر تأييداً للجمهوريين من الكبار.
وفي هذا السياق، يشير روبرت هازل إلى أنه “طالما لم يخطُ الملك تشارلز خطوات غير محسوبة … أتوقع أن يتمتع هذا الملك بمستوى الدعم ذاته الذي حصلت عليه الملكة إليزابيث، إن لم يكن أكثر”.
تبدو جولي بيشوب وكأنها تلخّص ما تفكّر فيه غالبية البريطانيين. هذه الأخيرة البالغة من العمر 62 عاماً تقول لفرانس برس من أمام قصر باكنغهام “من الصعب جداً تخيّل أيّ شيء آخر بعد كلّ هذه القرون”.