أغراس .. كلمة أمازيغية جميلة، بليغة، حكيمة تعني فيما تُعنيه الجِدِّيَة و”المعقول”. حين يتحدث معك المغربي الأمازيغي يُنْهي كلامه بالتأكيد على هذه الكلمة. يكفي أنّ نطقها يعني في حد ذاته التزام بما تم الاتفاق عليه ولو كان الأمر يتعلق بموعد.
أثارني استعمال هذه الكلمة من طرف بعض الأحزاب التي لا يتردد مُسَيِّرُوها ،حتى لا أقول زعماؤها، ومَن يسير في رِكابهم، مِن ترديدها خلال تجمّعاتهم من أجل طمأَنَة أتباعهم وأتباع الأتباع، أن حزبهم يتكلم بالمعقول؛ وأن برنامجهم سيتم تطبيقه، بالكامل، حين يصبح الحزب في الحكومة ،أي حين يشارك الحزب في الحكومة بوزراء في قطاعات مهمة ؛ وحين يجلسون على الأرائك الوثيرة الجديدة، لأن الكثير من الوزراء الجُدد لا يُطيقون الجلوس على كرسي الوزير السابق ، يأمرون بتغييره وتغيير كل ما في المكتب من أدوات وتجهيزات ، بما في ذلك كاتبته الخاصة ومدير ديوانه…ومن يوجد فيه من “السلعة القدييمة
حين أسمع رئيس حزب، أو أيّ مسؤول في حزبه ، يطلق العنان للسانه بأن حزبه على استعداد أن يجعل المغاربة يعيشون في وضع أفضل ،على جميع المستويات ، أضع يدي على قلبي خاصة حينما يقدّم أرقاما ومبالغ كبيرة .. يقول أنها موجودة ومُخصًّصة لقلب أوضاع المغاربة رأسا على عقب..”وما عليك إلاّ أن تشرع في عملية حساب طويلة ومُمِلّة ومعقَّدة..لدرجة الملل.
لماذا أيها الزعيم لم تفعل شيئا يثير الاهتمام والفضول وأنت ، ومن معك من وزراء وكبار حزبك، تحتلون مواقع مسؤولية في أكثر من حكومة وأكثر من قطاع ..؟ ما الذي حال دونكم وتقديم كل ما ينفع البلاد والعباد طيلة سنوات من التناوب على المواقع ـ الكراسي الحكومية..؟ وحتى على افتراض أنكم لم تشاركوا في الحكومة، فهناك مواقع أخرى يمكن منها تقديم ما ينفع الناس، أبناء شعبكم.. لكن أن تشترطوا إنقاذ البلاد بوصولكم إلى الحُكْم، أي بتصويت المواطنين على حزبكم ،فهذا معناه بالعامِية الفصيحة “طْنِيز”.. لأن من يريد خدمة بلده لا يشترط؛ لا يُقايِض؛ لا يبتز؛ لا يُناور ويحتال.. بل يبدأ “بسم الله ..” ويتوكّل على الله.
ما هكذا تُورد الإبل يامن يدّعُون القيادة والزعامة والحنكة والشهامة ..ثم من أين لكم بتلك الملايير التي تقولون أنها موجودة ،في إطار برنامج استعجالي خاص.. لإصلاح أو تغيير أوضاع المغاربة، وجعْلهم ينتقلون إلى وضْعٍ أفضل وأحسن..؟؟ ما المانع في المساهمة بها في مشاريع اجتماعية عديدة حتى بدون المشاركة في الحكومة، أو بعبارة أوضح في قيادتها..؟؟
ما علاقة هذا التفكير الطُّوباوي بالواقع، وتحديدا بكلمة “أغاراس” العميقة المدلول التي تختصر ،في بساطتها، ثقافةَ وحضارة وأصالة شعب طيّب الأعراق..يامن حوّلتم هذه الكلمة لمجرد شعار لكم فيه مآرب أخرى..؟؟؟ !!!
نَاوِرُوا كيفما شئتم وبما شئتم إلا مسْخ “أغاراس”، لأن هذا الفعل يعني مسخ تاريخ وحضارة بكاملها.. ليحُلّ محل “اغاراس” إشاعةُ بل تكريس التملُّق والتملّص والتّزَلُّف والنفاق..
إنه الضحك على الذقون..بل احتقار ذكاء المواطن..بل استغلال طيبوبته.. باختصار شديد:إنه “طْنِيزْ”..