قرأت كتاب “الكاتبات والوحدة” في لحظة حرجة أتوق فيها إلى الوحدة وإلى الصمت التام وأطرح على نفسي كل يوم أسئلة الأمومة التي لا تنتهي…
أسئلة وجدت بعض إجاباتها في كتاب نورا ناجي وأخرى لا تزال مفتوحة، ومنها ما الوحدة؟ كيف نحدد شكلها؟ هل الوحدة هي غياب الآخرين أم تواجدهم؟ هل الوحدة التواجد في مجتمع غريب، غير عادل تجاه النساء وتجاه قيم أخلاقية وقيم الحرية على الخصوص؟ أم أن الوحدة هي غياب الحب وافتقاده؟
كتاب “الكاتبات والوحدة” والذي كُتب بحب وعناية وحس مرهف وأحيانا بنبرة غضب وألم مبررة، قدم صورا كثيرة ومختلفة لوحدة الكاتبات، وجدت فيها صدى لمشاعر كثيرة أحسها، وأبرزها ذلك الشعور بالذنب الذي تزرعه الأمومة في أرواح الأمهات عموما والكاتبات بشكل خاص.
وهو شعور نابع في اعتقادي من الإحساس الغامر بالنشوة والامتلاء أثناء الكتابة قد لا تمنحه الأمومة بمخاوفها ومتاعبها… استحضر الآن جملة من مسلسل “بورغن” الدنماركي والذي تقول فيه البطلة، رئيسة الوزراء، باكية:” الحقيقة أني أشعر بالسعادة في عملي أكثر من شعوري بالسعادة كأم”. فكرة قد تكون ضد الصور والأفكار النمطية التي يتبناها ما أسمته إيمان مرسال في كتابها ” عن الأمومة وأشباحها ” بالمتن العام.
أحببت طريقة نورا ناجي في تناول البورتريهات والنَفَس السردي فيها لكن أحببت أكثر كيف ربطت نورا حيوات الكاتبات بخيوط من حياتها الشخصية. كنت أنظر للصفحات كخصلات شعر تلتقي لتخلق ضفيرة نصية جميلة.
هذا الكتاب هو في العمق بورتريه عن نورا وعن تجربتها في الأمومة والكتابة ورؤيتها للعالم وما يحيط بها، كما أنه مرآة لكاتبات أخريات قد يجدن فيه تقاطعات مع حياتهن. أما أنا فقد جعلني الكتاب أبدد أفكار التوق إلى الوحدة، أن أستمتع بلحظة الصخب الكبرى التي أعيشها مع طفليّ، وألا أستعجل الوحدة.