حرص جلالة الملك محمد السادس، في استهلال خطاب العرش، على تسجيل أن الذكرى الثانية والعشرين ليست مناسبة للاحتفال بذكرى الجلوس على العرش، بقدر ما هي تجسيد لروابط البيعة المقدسة، والتلاحم بين ملوك وسلاطين المغرب بالشعب؛ ثم إن المغرب دولة عريقة، وأمة موحدة تضرب جذورها في أعماق التاريخ. وهو قوي بوحدته الوطنية، وإجماع مكوناته حول مقدساته؛كما أنه قوي بمؤسساته وطاقات وكفاءات أبنائه ، وعملهم على تنميته وتقدمه، والدفاع عن وحدته واستقراره؛ وهذا بالتحديد هو الذي جعل المغرب، طيلة تاريخه، يواجه مختلف التحديات .
بعد تسجيل التطور الملحوظ في عمل اللجنة الخاصة للنموذج التنموي الذي يرمي إلى تسريع الإقلاع الاقتصادي، وتوطيد المشروع المجتمعي للمغرب، ومشاركة الأحزاب السياسية، و الهیآت الاقتصادية والنقابية والاجتماعية، والمجتمع المدني..اعتبر جلالته أن تنفيذ هذا النموذج مسؤولية وطنية، تفرض “مشاركة كل طاقات وكفاءات الأمة، خاصة تلك التي ستتولى المسؤوليات الحكومية والعمومية، خلال السنوات القادمة”، لأن من شأن الميثاق الوطني للتنمية، الذي يتطلع إليه المغرب، أن يكون قاعدة صلبة لثورة جديدة للملك والشعب.
انطلاقا من حرص المملكة على توطيد الأمن والاستقرار، على المستوى الأفريقي والأورو-متوسطي، خاصة في جواره المغاربي، جدّد جلالته الدعوة للجزائر من أجل العمل “دون شروط” لبناء علاقات تقوم على الثقة والحوار وحسن الجوار، لأن الوضع الحالي لهذه العلاقات، يقول جلالة الملك ، “لا يرضينا، وليس في مصلحة شعبينا، و غير مقبول من طرف العديد من الدول”، وتأكيده أنه إذا كان المسؤولون الحاليون، المغاربة والجزائريون ،غير مسؤولين على قرار الإغلاق،” لكننا مسؤولون سياسيا وأخلاقيا، على استمراره؛ أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام مواطنينا”، علماً أن أسباب إغلاق الحدود “أصبحت متجاوَزَة، ولم يعد لها اليوم، أي مبرر مقبول”؛ ويعود سببها إلى “جسم دخيل ” فرّق بين البلدين الجارين الشقيقين. وأكد جلالته ،بكل وضوح وصراحة، أن الحدود المغلقة لا تقطع التواصل بين الشعبين، بل تغلق العقول..
ولمزيد من التأكيد، طمأن الملك محمد السادس الجزائريين أنه لن يأتيهم من المغرب أي شر أو خطر أو تهديد ،على اعتبار أن المملكة تؤمن أن أمن الجزائر، وطمأنينة شعبها، هو من أمن المغرب واستقراره. وهذا يفرض تغليب منطق الحكمة، والأخذ بعين الاعتبار بالمصالح العليا للشعبين والبلدين ؛ لأن المغرب والجزائر “أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان”.
انطلاقا من هنا، تأتي دعوة الملك محمد السادس للرئيس الجزائري، من أجل العمل معا لتجاوز مختلف المعيقات في أفق تطوير العلاقات الأخوية التي بناها الشعبان، المغربي والجزائري، عبر سنوات من الكفاح المشترك.
هي اليد المغربية الممدودة للأشقاء الجزائريين..فماذا عساهم فاعلين…قبل فوات الأوان..؟؟؟