إن مفهوم الجريمة حسب التشريع المغربي الدي أخد به المشرع المغربي بقوله في الفصل 110 من الفانون الجنائي ” الجريمة هي كل عمل أو امتناع عن عمل مخالف للقانون الجنائي و معاقب عليه بمقتضاه “و عمل المشرع المغربي على تقسيم الجرائم من خلال القانون الجنائي الى ثلاثة أقسام رئيسية و هي الجنايات و الجنح و المخالفات ، و يعود أساس هدا القسيم الى خطورة الجرائم التي تهدد سلامة المواطنين و الامن الداخلي ضمن صنف الجنايات و أفرد لها عقوبات تتناسب كل جريمة و للمزيد من التوضيح يجب الرجوع الى الفصول 16و17و18 من القانون الجنائي التي تخص الجناية و الجنح و المخالفات .اما فيما يخص الموظف.
فقد عرف المشرع المغربي الموظف على أنه ” يعد موظفا عموميا كل شخص يعين في وظيفة قارة و يرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة العامة التابعة للدولة ” . و بالنسبة للنظام الأساسي العام للوظيفة العامة فقد حددها الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر بتاريخ 24 فبراير 1985 و تعتبر هده الأخيرة خدمة عامة يؤديها موظف عام للأفراد و الدولة او احد فروعها او مصالحها العامة في نطاق قانوني معين يحدد علاقة من يؤدي له هده الخدمة و علاقتهم بهم منظما لحقوقه و واجباته.
فعلاقة الموظف و الجريمة هي التي وضع لها المشرع المغربي إطارا خاصا بحكم وضعية الموظف داخل المجتمع و حدد الجرائم في المالية و هي مقسمة الى قسمين : جريمة الاختلاس و الغدر ، وتتحقق جريمة الاختلاس عندما تقع على مال الدولة و تتخذ مجموعة من الصور منها التبديد ،الاختلاس، الاخفاء و الاحتجاز حسب الفصل 241 من القانون الجنائي و يعاقب بالسجن من خمسة عشر الى عشرين سنة و بغرامة مالية من خمسة الاف الى
مئة الف درهم كل قاض او موظف عمومي بدد او اختلس او احتجز بدون حق او اخفى أموالا عامة او خاصة او سندات او عقود او منقولات موضوعة تحث يده بمقتضى و وظيفته او بسببها .و جريمة الغدر و تهم عينة من الموظفين يكلفون بتحصيل ما يجب لفائدة الدولة و تمكنهم من مناصبهم من منح إعفاءات ضريبية او غيرها او من تقديم منتجات او خدمات صادرة عن مؤسسة الدولة بالمجان و حصص لها المشرع الفصلين 243 و 244 من القانون الجنائي و يعاقب بالسجن من سنتين الى خمس سنوات و بغرامة من الف الى مئة الف درهم .
و جمع المشرع الجنائي جريمتي الرشوة و استغلال النفود لإشراكهما في بعض الاحكام مثل ما ينص عليه الفصل 22 من القانون الجنائي . و الرشوة تعد من ابلغ أنواع الفساد و اخطر امراض العصر التي تصيب الوظيفة العمومية فهي سلوك يمس بهيبة الدولة و مصداقيتها و يضيع المصلحة العامة برمتها لدا توجه الاهتمام الوطني الى انشاء جمعية مختصة في مكافحة الجريمة و هي جمعية ” ترانسبرانسي ” دات المنفعة العامة بموجب المرسوم رقم 2.09.391 بتاريخ 11يونيو 2011 و تأسست بتاريخ 6 يناير 1966 من طرف مجموعة من المواطنين لمواجهة الوضعية المقلقة للرشوة .و حدد المشرع الجنائي من خلال الفصلين 248 و 249 الأشخاص الدين يحملون صفة المرتشي عند اقترافهم للأفعال المنصوص عليها و أوردها المشرع على سبيل الحصر و هم الموظفون العموميون ، القضاة ،أعضاء هيئة المحكمة ، المحكمون ،الخبراء ،الأطباء ،الجراحون ،أطباء الاسنان ،المولدات و المسؤولون لمراكز نيابية .
اما جريمة استغلال النفود فقد تحدث عنها المشرع الجنائي في الفصل 250 من القانون الجنائي و يعد مرتكب لجريمة استغلال النفود و يعاقب بالحبس من سنتين الى خمس سنوات و بغرامة مالية من خمسة الاف الى مئة الف درهم و يتوجب لقيام هده الجريمة ان يكون للجاني نفود حقيقي على الموظف الدي يقوم بإنجاز العمل المطلوب .و ارتاينا في الأخير ان نسوق عدد من الجرائم التي ارتكبها مجموعة من الموظفين تطرقت لها مجموعة من الجرائد الورقية و الالكتروني و هي كالتالي :
*اعتقال النائب البرلماني و رئيس جماعة الشراط بتهمة الارتشاء و الابتزاز و حوكم بسنة حبسا نافدا و غرامة مالية قدرها 800 الف درهم .
*محاكمة عميد شرطة متهم بجناية التزوير و طلب رشوة و التهديد بمراكش .
*توقيف موظف بمدينة مراكش و هو متلبس بتلقي رشوة قيمتها 3000 درهم مقابل تمكين احد المواطنين من وثائق إدارية .
*انهى قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة باستئنافية الرباط التحقيق مع المستشار بمحكمة الاستئناف بالبيضاء المتابع على خلفية ملف قضاة البيضاء و قرر احالته على غرفة الجنايات بتهمتي الارتشاء و استغلال النفود .
* قرار وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية ببني ملال متابعة رئيس جماعة و اثنين من نوابه في حالة اعتقال و ايداعهم بالسجن بيتهم تتعلق بالتزوير و الارتشاء و احداث تجزئة و التنازل عن عقارات سلالية .
* وضع عامل الصخيرات تمارة رهن تدابير الحراسة النظرية على خلفية تحقيق وزارة الداخلية بخصوص تورطه في خروقات تعمير و كدلك قائد المقاطعة الأولى و باشا المدينة و قائد المقاطعة السابعة و رئيس دائرة عين عودة و قائد المنزه.
* إحالة مقدمين و شيخ حضري في قضية نصب على العشرات من المواطنين بمعية سيدة على خلفية اتهامهم من قبل ضحاياهم بالنصب و التوسط لهم للحصول على مناصب شغل مقابل مبالغ مالية .
وتجدر الإشارة في الأخير ان أضخم جريمة ترتكب في الوظيفة العمومية هي جريمة الموظفين الاشباح و يقدر عددهم بالألاف و ينهبون أموال الدولة و يستفيدون من الترقية و التقاعد و هم لا يزاولون أي عمل . و يبقى للمشرع المغربي ان يتطرق لهده الجريمة النكراء بوضع قانون جنائي يعاقب به كل من تبث في حقه هدا الجرم.