لقد شاهد العالم أجمع بعد فاجعة الحوز وتارودانت التضامن الشعبي التلقائي (مساعدات عينية ، مواساة ، حملات تنظيف ، تأطير نفسي….)
ووازى هذا التضامن عمل حكومي بإشراف قطاعات وزارية معينة : الإدارة الترابية ،وزارات التجهيز والصحة… مصالح الأمن والدرك والقوات المساعدة والوقاية المدنية ، بالإضافة إلى الدور الكبير للقوات المسلحة.
اليوم ، وبعد شهور على الفاجعة ومن خلال زيارة ميدانية لبعض قرى ودواوير إقليمي الحوز وتارودانت ، يبدو أن معاناة الساكنة مازالت قائمة، وأن الدمار مازال هو المنظر العام لجل المناطق التي ضربها الزلزال لاعتبارات عديدة ، لن أتحدث في هذا المقال إلا عن أبرزها، ألا وهو تغييب الجماعات الترابية في مسألة تدبير المخاطر والأزمات.
صحيح أن الجماعات الترابية شريك أساسي للدولة في تدبير الكثير من المجالات ، كما ينظمها القانونين التنظيميين : الأول رقم 113.14 المتعلق بالجماعات والمقاطعات ، والتاني
رقم 111.14 المتعلق بالجهات،
لكن يبقى من الضروري توسيع المادة 87 من القانون الأول ، والمادة 91 من القانون التاني لتشملا مجال مواجهة الكوارث الطبيعية المختلفة ، والإنخراط
في العمليات والمبادرات التي تقوم بها الدولة.
لقد فرض زلزال الحوز وتارودانت تحديا كبيرا بالنسبة للدولة وجعل من عملية تدبير المخاطر عنصرا اساسيا في السياسات العمومية بشكل يستدعي وضع مخططات للمواجهة من خلال نهج استراتيجيات ومقاربات تشاركية مع جميع الفاعلين بما فيهم الجماعات الترابية والقطاع الخاص والمجتمع المدني وفق حكامة محلية تراعي خصوصية كل منطقة وتضاريسها ، وكذا بنياتها التحتية ، مع تعبئة جميع الوسائل ،والإمكانات المادية والبشرية.
لكن تبقى فعالية ونجاعة الجماعات الترابية ورؤسائها في مجال تدبير الأزمات مرتبطة أساسا بتخليق الحياة الجماعية عبر توفر على نخب سياسية مكونة ومفعمة بما يكفي من روح المواطنة والأخلاق الحميدة ونكران الذات وتغليب المصلحة العامة على التطلعات الشخصية وعلى المصالح الحزبية الضيقة.
عموما إن تطوير تجربة مكتملة تساهم فيها كل المؤسسات بمن فيها *المنتخبون* ،اصبح ضرورة
حتمية ، أما استبعادهم بالشكل الذي رأيناه في كارثة الحوز وتارودانت مثلا ، يجعل من التجربة المغربية في تدبير الكوارث تجربة ناقصة ، وغير مقنعة في أعين المراقبين، ومحبطة من وجهة نظر الساكنة المتضررة