في ظل منظومة صحية تقليدية متهالكة و غياب عدالة توزيع الخدمات الصحية واستمرار المركزية المفرطة الاحادية في التدبير والقرارات ، وغياب الشفافية وضبابية الارقام وتضارب المعطيات ، مع استمرار تسليع الخدمات الطبية بالقطاعين العام والخاص ، من خلال فرض أسعار مرتفعة جدا ، على المصابين بمرض كوفيد -19 وخاصة لدى الحالات الحرجة والخطيرة ، ومحاولة القطاع الصحي العام الصمود امام كل عوامل الانهيار، التي تسببت فيها سوء الحكامة و سوء التدبير والارتجال فضلا عن ملفات الفساد التي كشفت عنها لجنة الاستطلاع البرلمانية .
ان الوضع الصحي بالمغرب بات اليوم في وضع حرج للغاية. وأصبح المستشفيات العمومية مرة أخرى تعيش وضعا صعباً ، بسبب النقص الحاد في اسرة الانعاش والعناية الفائقة والتجهيزات والمستلزمات الطبية الضرورية والادوية وخاصة في الموارد البشرية والاطقم الطبية والتمريضية المدربة على خدمات الانعاش،والعناية الفائقة . كما ان الوضع الوبائي ينذر بالخطر. ومقلق جدا ، حيث تم تجاوز عتبة 10.000 حالة وفاة، وقد تزداد الازمة الصحية حدة في الاسابيع المقبلة اذا استمرت وتيرة التحليلات المخبيرية في ارتفاع لتكشف عن حقائق صادمة ، عن نعدل الانتشار مقابل الحاحيات الحقيقية من الأسرة الطبية بوحدات العناية الفائقة وقاعات الانعاش في المستشفيات العمومية بعد ان اصبحت ممتلئة عن آخرها بالمستشفيات العمومية بالمدن الكبرى : كالرباط والدار البيضاء،وفاس ومراكش وأكادير ……. ويتم تكديس و حشر المرضى الذين هم في حاجة ماسة الى العناية المركزة في منصات التي شيدت أمام أبواب المستشفيات ، تغيب فيها أدنى معايير الأمن والسلامة الصحية . بيئة نشطة لانتشار العدوى في صفوف المرضى واسرهم والعاملين المهنيين على حد سواء .
ان مستشفيات وزارة الصحة ولا المصحات الخاصة في العديد من المدن لم تستطع استيعاب حجم الإصابات المتزايد،يونيا وذلك بسبب النقص الكبير في اسرة الانعاش والعناية الفائقة، وعدم قدرتها على استيعاب كل الطلبات المصابين بفيروس كورونا، فما بالك بالمرضى المصابين بأمراض سارية ومزمنة الدين طالهم النسيان …..
نحن اليوم. امام مؤشرات قوية دالة توكد.على هشاشة النظام الصحي الوطني، رغم كل الدعم الذي قدمته له الدولة لاجل انعاشه وترميم ما يمكن ترميمه بحكم انه غير قادر على تلبية الحاجيات والمتطلبات المستعجلة. من الخدمات الصحية المطلوبة لاستقبال الحالات المرضية الحرجة والخطيرة .
فتسجيل معدل وفيات مرتفعة جدا و عدم قدرة وزارة الصحة على تقليص حجم الإصابات ، باعتمادها على خطة عمل مغايرة واستراتيجية متجددة تتفاعل مع المتغيرات وذلك عبر تنظيم برامج وقائية ، وتحفيز تنظيمات المجتمع المدني للمشاركة
ففي ظل منظومة صحية تقليدية متهالكة و غياب عدالة توزيع الخدمات الصحية مجاليا ومحليا ، واستمرار ثقافة المركزية المفرطة و تسليع الخدمات الطبية بالقطاع الخاص تخت ضغط اللوبيات المتحكمة في الوضع ، خاصة الصناعة الدوائية والمصحات والمختبرات بفرض اسعار مرتفعة جدا ، تؤدى كلها من جيوب المواطنين . المنظومة الصحية لازالت تحاول الصمود امام كل عوامل الانهيار وتسعى الى إقناع صناع القرار بنجاح التجربة رغم ان المؤشرات الوبائية الحالية تقول عكس ذلك .
اننا أمام وضعية صحية تتسم بالضعف والاختلالات المزمنة النقص في الادوية والمستلزمات الطبية.وغياب المخزون الاستراتيجي للادوية و من عدد الأسرّة الذي يبلغ في المعدل 2.5 لكل ألف شخص في المغرب مقابل ستة لكل ألف في فرنسا وثمانية لكل ألف في ألمانيا،. والضعف الكبير. في عدد الأسرّة المخصصة للعناية المركزة والإنعاش الطبي التي يتحدد فيها مصير المرضى المصابين بـ«كوفيد-19» بأعلى درجات الخطورة وقد نسبت مئات الوفيات بمرض كوفيد ١٩. إلى ضعف العناية المستشفيات التابعة للنظام الصحي الوطني بل حتى في المصحات الخاصة التي لا تتوفر ايضا على العدد الكافي من سرير الإنعاش بتجهيزاته الطبية ويتم اللجوء الى الاسرة العادية مع الربط بالاوكسيجين فقط .
ونتيجة.النقص الخطير في الموارد البشرية. حيث ارتفعت حاجيات قطاع الصحة العمومي. الى ما يقارب 100 الف منصب شغل شاغر. حاجيات القطاع الصحي العمومي ى العمومي. معظمها لأطباء وممرضين، خصوصاً في أقسام العناية المركزة والجراحة والولادة منها على 32522 طبيباً وطبيبة و 65044 ممرضاً وممرضة حيث صنف المغرب في المرتب الاولى من بين 75 دولة التي تفتقر تعاني من الخصاص في الموارد البشري. و من حيث عدم تقديم خدمات صحية غير كافية واقل جودة
هجرة الاطباء فضلا عن نزيف هجرة الاطباء للخارج او القطاع الخاص بسبب ظروف العمل القاسية و الأجور الضئيلة.
كما ان القطاع الطبي الخاص يعاني من نفس الخصاص في التجهيزات الطبية و يفرض أسعارًا باهظة .تتنافى والتعرفة المرجعية الوطنية التي حددتها الوكالة الوطنية للصحة بعد فضيحة السنة الماضية ، فضلا عن الأسعار التي يؤديها المواطن للمختبرات بخصوص الفحوصات والكشف المخبري عن الإصابة بفيروس كوفيد – 19 PCR الذي يؤديه المواطن من جيبه ، له ولجميع افراد اسرته ما بين 500 درهم في القطاع العام و700 درهم في القطاع الخاص للكشف الواحد وما يمكن ان يكلف الاسرة الواحدة ميزانية من دخلها المتواضع .
فبناء على المؤشرات والمعطيات التي تعلن عنها وزارة الصحة فنحن أمام عجز كبير للمنظومة الصحية وادارة غير فعالة في محاربة لـ Covid-19 وانقاذ ارواح المواطنين المصابين ، فضعف التدخلات الطبية والرعاية الصحية المتكاملة ادى ارتفاع الوفيات التي تجاوزت العشرة الاف وفاة ، كان من الممكن إنقاذ العشرات منها .
فهناك مؤشرات قوية تدل على وتفيد أنه عندما تكون القدرة على الاستقبال في العناية المركزة أكبر، يسجل معدل وفيات أقل»
و ستستمر الوضعية الوبائية في التدهور على مستويات متعددة؛ كما يعكس ذلك الارتفاع المتواصل في عدد الإصابات، ما يعزز المخاوف من خطر انهيار المنظومة الصحية الوطنية خاصة ان جائحة كوفيد-19 والفيروس المتحور 《 دلتا 》 ينتشر في المغرب.بشكل كبير ومقاوم لبعض الأدوية في وقتٍ يرزح. فيه الاقتصاد الوطني. تحت وطأة العجز والمديونية المفرطة.وهشاشة الاقتصاد والضغوط المالية المتزايدة. ومعاناة المواطنين في كسب قوتهم اليومي ، واغلاق عدد من المقاولات بسبب قيود حالة الطوارئ ، وقد ألحق أضراراً شديدة بسبل عيش الناس من جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية، وبحياتهم.
ففي ظل هذه الوضع المتسم بالتدهور والتردي الصحي وتفشي الجائحة والتردد على المستشفيات ، يعاني مهنيو الصحة ، من الضغط النفسي والإرهاق البدني والعياء و القلق والتدمر من التعامل السلبي لوزارة الصحة فرغم ما يبذلونه من مجهودات مضاعفة ليل نهار ، في غياب اي دعم او تحفيز مادي أو حتى استحقاقهم في التعويض عن العمل الإضافي والساعات الاضافية ، والعمل ايام العطل والاعياد التي تنص عليها مدونة الشغل، لتنفيذ البرنامج الوطني للتمنيع ، تظل وزارة الصحة غائبة سالكة سياسة الهروب الى الامام لا تبالي بمعاناتهم ولا حتى بملفاتهم المزمنة كملف دوي سنتين تكوين، الذي،تملصت منه وبجرة قلم وتركت الحبل على الغارب والضحايا يغادروننا اتباعا …..
كما ظلت تسلك نفس النهج في معالجة المشاكل الصحية في المستشفيات التي تفتقد الى الحد الادنى من وسائل العمل مما يطرح معه اسئلة جوهرية حول مصير الميزانية الكبيرة التي خصصتها الدولة للجائحة ومنها 2 مليار درهم واعانات الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وغيرها من المساعدات الأجنبية والدولية ومن خزينة الدولة وأين صرفت ومن استفاد منها ؟ وفي اي إطار
فبدل ان تقوم وزارة الصحة باعتماد مجانية الكشف المبكر عبر الوسائل السهلة وفي متناول جميع الطبقات الشعبية بالصيدليات باقل من 100درهم
وبدل تقديم علاجات مجانية لجميع المصابين بكوفيد- 19 تتحملها صناديق التأمين الإجباري الأساسي عن المرض و خزينة الدولة لكونها جائحة وحالة طوارئ انسانية
بدل اعداد منصات للتلقيح الجماعي منظمة في مختلف العمالات والاقاليم بتنسيق مع الجماعات المحلية والجهوية والسلطات المحلية
وبدل تمويل وتعزيز قدرات المستشفيات العنومية بافرشة الانعاش لانقاد المصابين في وضعية الخطر .
وبدل توظيف الممرضين والممرضات وتقنيي الصحة والاطباء العاطلين عن العمل و المناداة على المتقاعدين من الاطباء والممرضين لتقديم الدعم والمساندة في المستشفيات المحلية والجهوية ….. تكتفي وزارة الصحة بالبلاغات والبلاغات المضادة وتحاول توجيه اللوم والمسؤولية للمواطنين في انتشار الفيروس والفيروس المتحور ، لعدم احترامهم للاجراءات الاحترازية ، علما ان عددا كبيرا من المواطنين في مستويات اعلى قد اصيبوا بفيروس كورونا رغم التزامهم بالإجراءات والتدابير الاحترازية وانتقلت اليهم العدوى من الوسط العائلي او من الابناء ….. وتحاول بذلك التملص من مسؤولياتها وما اقترفته من اخطاء جسيمة في عدم تقديم المساعدة لشخص في خطر وعدم تقديم الرعاية الصحية للمصابين وانقاذهم من خطر الموت وتركهم يتوجهون للمصحات الخاصة رغم ضعف امكانياتهم المادية .فوزارة الصحة مسؤولة سياسيا وأخلاقيا عن تقديم الرعاية الصحية الكاملة لجميع المواطنين وفق احكام دستور المملكة وصلاحياتها الحكومية ورسالتها .فهي المسؤولة عن العراقيل في ولوج العلاج وضعف الخدمات المقدمة للمرضى المصابين بمرض كوفيد – 19 . وعن الخصاص في اسرة الانعاش وعن ارتفاع اسعار الخدمات الصحية المقدمة للمرضى كوفيد في المصحات والمختبرات
كما انها مسؤولة عن اتخاذ قرارات جائرة ومجحفة في منع وسحب الكشف اللعابي من الصيدليات تحت ضغط اللوبيات وهو كشف عادي معمول به بالعديد من الدولى ومن صنع مغربي .وكما وقع بالنسبة أجهزة التنفس الصناعي، التي قام مهندسون مغاربة بتصنيع أجهزة التنفس الصناعي محليا، ورفضت الوزارة اعتمادها في حين تم تصديرها لدول اخرى .
و عن غياب المخزون الاستراتيجي للادوية والتقصير في تزويد المستشفيات بالجهاز الطبي التنفسي ضعف و القصور في خدمات المستعجلات والطوارى الصحية وغياب الشفافية في مصدر برتكولات العلاج حيث تتنافى احيانا مع مواقف المنظمة العالمية للصحة ، وعدم تقييم التجارب السريرية للبرتكول العلاجي وعدم قيامها بدراسات علمية سريرية على برامج التشخيص والعلاجات واللقاحات .و غياب مشروع ادارة الازمة يضم حميع الفعاليات وغياب التنسيق بين القطاعات العمومية والقطاع الخاص و الافتقار لبرامج التوعية الطبية المجتمعية عبر وسائل الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي و تنظيم البرامج الصحية عبر القنوات الوطنية .كتفادي استعمال الاوراق في الحملات الانتخابية التي قد تكون اكبر مصدر لانتشار الجائحة على سبيل المثال لا لا الحصر للتفكير المسبق في وسائل اخرى اكثر وقاية
لقد كشفت تداعيات فيروس كرونا عن حجم الاختلالات والتواقص لكنها كشفت ايضا عن قدرات مهنيي الصحة وكفاىتهم ووطنيتهم وصمودهم في خطّ الدفاع الأول في التصدي للمخاطر الجائحة المدمرة لءلك تلقوا تشجيعا من جلالة الملك حضورهم القوي في هذه الحرب على الجائحة .
وللتخفيف من التهديد الذي تشكله الجائحة، لا بدّ من اعادة النظر في الاستراتيجية الصحية وخروج اعضاء،وعضوات اللجنة العلمية والتقنية من مكاتبهم الى الراي العام لشرح مواقفهم ومقاربتهم في “الحل والاغلاق ” وتوعية الموطنين في شفافية كاملة بدقة المعطيات واسبابها من اجل تحفيز استمرار الجهود للحدّ من انتقال العدوى ومن أعداد الوفيات في اطار المسؤولية المشتركة حكومة واحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني ومواطنين
وتبقى مسؤولية الحكومة ووزارة الصحة كاملة وقائمة في ضمان توافر الرعاية الصحية . وتوفير العلاجات واللوازم الطبية ورعاية الإصابات، الحرجة ورعاية الصحة النفسية، وتحقيق التمنيع الجماعي بتلقيح كل الفئات العمرية المستهدفة في اقرب وقت وحسب جدول زمني محدد وضمان حصول جميع الناس في جميع جهات المملكة ، على الرعاية الصحية الأساسية، والمنقذة للحياة.
لتفادي ازهاق أرواح الآلاف الناس .لذلك على الحكومة تحمل مجانية الكاملة للكشف وعلاج مرض كوفيد -19 كما هو عليه الامر في عدد من الدول التي تحملت فيها نفقات الكشف والعلاج والوقاية .والتمنيع الجماعي
فعلى الحكومة المقبلة تحديد أوجه القصور والضعف في تجربة منظومتنا الصحية المتهالكة بشكل عام في مواجهة كورونا، ومحاولة إيجاد صيغ مستقبلية من خلال الإطلاع على مختلف التجارب من أجل تفادي ازهاق ارواح الناس .وضمان الامن الصحي لكافة المواطنين
وفي انتظار لدلك ليس امامنا الا الدهاب للتلقيح الجماعي المجاني والمنظم
والتباعد الجسدي واستعمال الكمامات الواقية. والنظافة العامة
عن الشبكة
علي لطفي
الرباط في 5 غشت 2021