عبر المغاربة حكومة وشعبا عن سخط و استنكار واسع بعدما استقبلت اسبانيا المدعو إبراهيم غالي زعيم ميليشيات البوليساريو الانفصالية الأسبوع الماضي من اجل العلاج، و خاصة أنه دخل الأراضي الاسبانية بجواز سفر مزور، وهو ما دفع وزارة الشؤون الخارجية المغربية لاستدعاء السفير الإسباني لاستفساره عن سبب هذه الاستضافة الغير مبررة حسب رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني الذي وصفها بالفضيحة الكبرى للجارة الشمالية.
انتهاك للقانون الدولي
ومن جهة أخرى أكد أكاديميون ومتخصصون في العلوم السياسية والعلاقات الدولية أن ما أقدمت عليه اسبانيا يخالف الأعراف الديبلوماسية وقد يسبب في توتر العلاقات بين بلدين يجمع بينهما حسن الجوار وعلاقات اقتصادية وتاريخية منذ زمن بعيد.
وفي هذا السياق أكد أندريه غاكوايا، الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية والمدير العام لوكالة الأنباء الرواندية، في تصريح نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء أن استضافة إسبانيا بشكل سري لزعيم الانفصاليين، المدعو إبراهيم غالي، المتابع أمام القضاء الإسباني بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإرهاب، يشكل “انتهاكا جسيما” للقانون الدولي ، مضيفا أن “متابعة أشخاص متهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإرهاب هي قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي، لا تقبل أي استثناء”.
واعتبر غاكوايا وفق ذات المصدر أن دخول زعيم الانفصاليين إلى إسبانيا بهوية مزورة وبجواز سفر دبلوماسي أصدرته الحكومة الجزائرية، في انتهاك لقوانينها الخاصة وللقانون الدولي، يشكل أيضا مسا بحقوق ضحايا الجرائم المرتكبة من طرف المدعو ابراهيم غالي. وأشار الخبير الرواندي، وهو أيضا عضو في المنصة الدولية للدفاع ودعم الصحراء المغربية، إلى أن ” الاعتبارات الإنسانية لا يمكنها أن تبرر، بأي حال من الأحوال، مثل هذه المواقف التي تنتهك القانون الدولي ومبادئ العدالة كما هي متعارف عليها عالميا”.
الخاسرون الكبار
ومن داخل اسبانيا نفسها أكد الخبير ، بيدرو كناليس، أن الجزائر المتورطة في دخول المدعو إبراهيم غالي إلى الأراضي الإسبانية بهوية مزورة وجبهة “البوليساريو” وإسبانيا التي سمحت بدخول هذا الشخص الذي هو موضوع مذكرة توقيف أوروبية، هم “الخاسرون الكبار” في هذه القضية. وأوضح كناليس في مقال نشره يوم 28 أبريل 2021 في المجلة الإسبانية (أتالايار)، أن أصل عملية نقل المدعو إبراهيم غالي إلى إسبانيا لتلقي العلاج الطبي، وهو متابع من طرف القضاء بتهمة ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان يوجد في الجزائر.
ويقول كناليس المتخصص في الشؤون المغاربية والمراسل السابق للعديد من الصحف الإسبانية في المنطقة، إن تورط السلطات الجزائرية في هذه القضية يؤكد مرة أخرى أن “الجزائر ليست مجرد متفرج بل لاعب وفاعل رئيسي” في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. مؤكدا أن الجزائر استخدمت هذه القضية لتقويض العلاقات بين المغرب وإسبانيا. وفي رأي كناليس، فإن الاستشفاء الغامض للمدعو إبراهيم غالي في إسبانيا قد كشف مرة أخرى عن عزلة انفصاليي “البوليساريو” الذين ليس لديهم الآن أي دعم دولي.
القفز على دولة صديقة وحليفة
أكد جان إيف دو كارا، رئيس المجلس العلمي لمرصد الدراسات الجيو_سياسية، الذي يعد مركزا للبحوث في القضايا الجيو_سياسية والعلاقات الدولية يتخذ من باريس مقرا له، أن الحكومة الإسبانية، عبر قرارها استقبال المدعو إبراهيم غالي، زعيم ميليشيات “البوليساريو” الانفصالية، تبدو وكأنها لم تقس تداعيات قرارها اتجاه المغرب، الدولة الصديقة والحليفة. وأشار جان إيف دو كارا، وهو أيضا محام بهيئة باريس، أن كشف الصحافة عن وجود زعيم الانفصاليين في إسبانيا، أثار نوعا من الذهول في العلاقات الودية القائمة بين المغرب وسلطات الحكومة الإسبانية.
خطوات خاطئة للنظام الإسباني
وأكد الخبير في تحليل نشر، الأسبوع الماضي ، تحت عنوان “قضية إبراهيم غالي.. الخطوات الخاطئة للنظام الاشتراكي الإسباني”، أنه “من الواضح أن حكومة بيدرو سانشيز الاشتراكية، لم تقس عواقب قرارها استقبال الزعيم المجرم لحركة انفصالية معادية لدولة صديقة (المغرب)، الحليف في مجال التعاون الأمني ومحاربة الإرهاب والمهم أيضا في التعاون الاقتصادي، التجاري، الاجتماعي والثقافي”. وأكد في هذا السياق أن “الحكومات الأجنبية تعترف بقدرة المغرب في مجال التحقيقات والمعلومات وفاعليته في عمليات مكافحة الإرهاب، التي تعترف بها دول كثيرة منها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا. فهذه الأخيرة، التي وجه لها طلب التكفل بالشخص المعني لم تستجب لذلك”. وأشار إلى أن البرلمان الأوروبي شدد على الطابع الاستراتيجي للعلاقات القائمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وأوصى بمزيد من الدعم للمملكة.