ما أشد القسوة حين يصبح طفل يتيم من قرى الحوز مرآة تعكس انهيار حكومة بأكملها.
أيوب، الذي فقد أهله وبيته تحت ركام الزلزال، لم يجد في وطنه سوى الإهمال والوعود الفارغة.
لكنه حين وطأت قدماه ملعب “البرنابيو” في مدريد، وجد حضناً واعترافاً وكرامة لم يجدها في أرضه. هناك، في مملكة إسبانيا، أعيد إليه الأمل، بينما تركته مملكة المغرب لليأس والفقدان.
حكومة بلا قلب
لنقلها بصراحة: ما جرى للحوز هو جريمة سياسية قبل أن يكون كارثة طبيعية.
حكومة عزيز أخنوش فشلت في كل شيء: في إعادة الإعمار، في رعاية اليتامى، في توفير سقف يحمي الأرامل من برد الجبال.
ما قدمه أخنوش هو خطابات خشبية وميزانيات معلّقة وأرقام تتبخر في الهواء. وكأن الحوز مجرد هامش لا يستحق الالتفات إليه إلا وقت الكاميرات.
إسبانيا التي أعطت .. والمغرب الذي أخذ
بينما كانت مدريد تمنح أيوب لحظة اعتراف عالمي، كانت الرباط تقدم لأمثاله سياسة النسيان. الطفل الذي رفعه الإسبان على أكتافهم كرمز للأمل، هو نفسه الذي أسقطه أخنوش من حساباته كأنّه لا يساوي شيئاً.
هل يعقل أن يتيماً من ضحايا الزلزال يجد عزاءه في مملكة أخرى، بينما يُترك في مملكته الأصلية كرقم منسي؟
أخنوش .. الغائب الأكبر
أخنوش هو الاسم الذي يجب أن يُكتب بحروف من عار في هذه القصة. رئيس حكومة يملك ثروة هائلة، يشتري الطائرات الخاصة ويغرق في مشاريع شركاته، بينما المنكوبون من شعبه يبيتون في خيام بالية وينتظرون رحمة الشتاء. أخنوش لم يهمل فقط الحوز، بل أهمل إنسانية الدولة كلها، حين جعلها تبدو عاجزة أمام مبادرة كروية بسيطة في إسبانيا.
بين مملكتين
ها نحن أمام مفارقة جارحة: مملكة أهملت الحوز كله وتركت أبناءه يتجرعون البؤس، ومملكة أخرى أعادت الأمل في قلب طفل واحد. أيوب لم يعد مجرد يتيم من المغرب، بل صار شاهداً على أن الإنسانية يمكن أن تُصنع في الخارج حين يغتالها الإهمال في الداخل.
التاريخ لن يتذكر صور المسؤولين الذين زاروا الحوز لأخذ الصور، بل سيتذكر صورة أيوب وهو يبتسم في البرنابيو، ليقول لنا جميعاً: هنا الحياة… وهناك النسيان.















