في هذا الحوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، يتوقف الشاعر السنغالي، أمادو لامين سال، المتوج بالجائزة الكبرى للشعر الإفريقي، التي نظمت دورتها الأولى من5 إلى 7 ماي المنصرم بالمغرب، عند مصادر إلهامه والمواضيع التي تستأثر باهتمامه الإبداعي. كما يتطرق لعلاقة الصداقة المغربية السنغالية، وأهمية الشعر الذي يعد بمثابة “الأمل بمستقبل أفضل لإفريقيا والعالم”.
* – قصائدك تتغني بالمرأة وجمالها، تصبح المرأة مصدر إلهام وموضوعا شعريا، وهو أمر زاد الاهتمام به في القرن العشرين، خاصة مع الشعراء السرياليين. هل تأثرت بهذا التيار الأدبي؟
قطعا لا، صحيح أن التيارات الأدبية الغربية أثرت بشكل كبير على الشعراء في جميع أنحاء العالم، إلا أنني لم أتأثر بها شخصيا. وقد تطلب الأمر مني الكثير من المطالعة والتعرف على هذه الحركة السريالية، يتعلق الأمر بما يمكن تسميته بأن يمتلك المرء ثقافة وينفتح على العالم ولا ينغلق على نفسه.
بالنسبة لي، انطلقت من وطني ومن القارة الإفريقية ذات المنجز الشعري القوي المستمد من مصادر التقاليد الشفوية. ليس هناك ما نحسد الآخرين عليه، بله أن نستنسخ أشعارهم. كان ليوبولد سنغور (الشاعر والرئيس السينغالي من 1960 إلى 1980) متأثرا جدا بالشاعر الفرنسي الشهير، شارل بودلير (1821-1867)، لكنه لم يكن بودلير ولا يكتب مثله. حاول تجاوزه، ما جدوى أن تخلق نسخة لبودلير؟
لا شيء.ب النسبة لي، كان علي أن أجد لنفسي موطئ قدم في المشهد الشعري العالمي، ولهذا كان علي أن أناضل وأنتج أعمالا أصلية. وجدت الطريق إلى ذلك في وطني، مع والدتي الشاعرة الفولانية. ساعدني شعر الفولاني الشفهي، على العثور على إيجاد موطئ القدم هذا. كان علي الانطلاق من الخاص للوصول إلى العالمية. واجهت السريالية الأوروبية بالسريالية الأفريقية، وأدى هذا إلى ظهور شكل آخر من الشعر.
* – يمثل التحرر شعارا لك في قصائدك إلى حد أنك تلغي علامات الترقيم. ما الذي تنضبط له في ع مليتك الإبداعية؟
نعم، لقد ذكرت للتو كلمة تحرر! سرعان ما حررت نفسي من سجن قراءاتي الأوروبية التي كانت بداية كل شيء. أنا مدين لهذه القراءات بالكثير. وأقول للشعراء الشباب اليوم: اقرأوا واكتشفوا أعظم شعراء الأدب الأوروبي. إنها مفيدون ومؤسسون. وبعد ذلك اقرأوا واكتشفوا أعظم الشعراء العرب واليابانيين والصينيين. اقرأوا واطلعوا واكتشفوا، ثم عودوا إلى أصلكم، إلى ثقافتكم، لتصيروا أنفسكم ولا تصبحوا شخصا آخر. تجنبوا القيود، كونوا أحرار في كل شيء. القيد الوحيد الذي يجب أن ينضبط له المرء هو أن يصبح نفسه وأن يصنع عالمه الشعري من ثروته الثقافية. الأصالة ليست بعيدة أبدا، إنها في أساس ثقافتك، تتغذى بالطبع على ثقافة وأدب العالم.
* – يرتبط الشاعر دائما باليوتوبيا والأحلام. يحتل حلمك لإفريقيا مكانة مهمة في عملك. كيف نمضي قدما نحو هذا الحلم ونحققه؟
الحلم ليس أكثر من الرغبة في شيء آخر غير الواقع. علينا أن نفكر في المستقبل، أن نستبقه. فالشعراء والكتاب والفنانون، بتواضعهم وحساسيتهم، هم الأنسب لتحقيق هذا الهدف بسرعة. لقد فشل رجال السياسة. لا توجد دول متخلفة، فقط رجال ونساء متخلفون، أي بدون ثقافة، بدون أحلام، بدون تكوين. ففي ملتقى الحلم واليوتيوبيا، ينتصر العقل.
ونعم، إفريقيا هي المكان الذي أشعر فيه بالألم أكثر من غيره. لكنني دائما أستعيد ثقتي بسرعة عندما أصل إلى المغرب. المغرب محفل الشباب، بلد يحتل فيه الأدب والفنون مكانة أساسية. وإفريقيا بحاجة إلى العودة إلى الأساسيات. نحن لا نفتقر إلى الثروات، نحن نفتقر لرجال ذوي رؤية مستقبلية. والمطلوب أن لا نورث لأطفالنا منازل ومباني، وإنما وطنا. هذا هو الحلم الذي يجب أن نغذيه إذا أردنا إعطاء فرصة للجميع. وشعري يناضل من أجله.
* – حصلت على العديد من الجوائز في السنغال وفي الخارج، بما في ذلك الجائزة المرموقة إشعاع اللغة والآداب الفرنسية التي منحتها الأكاديمية الفرنسية نظير أعمالك الكاملة. كما حصلت على الجائزة الكبرى لمهرجان الشعر الإفريقي بالرباط بمناسبة الاحتفال بها عاصمة للثقافة الإفريقية. ما شعورك بمناسبة حصولك على هذه الجائزة؟
نعم، إنه أمر مثير جدا، وأنا ممتن للغاية للجنة التحكيم. لقد اتخذت لنفسي شعارا “التميز نفسه سيكون دائما بالكاد كافيا”. وأعني بذلك أنه لا يوجد عمر للتوقف عن العمل، خاصة عندما يتعلق الأمر بالكتابة. عليك دائما أن تسعى جاهدا للتميز والإبهار. أود أن أشكر المغرب، الذي أصبح موطني الثاني. المغرب يقع في قلب السنغال. وجلالة الملك محمد السادس والرئيس ماكي سال يعملان بلا كلل من أجل تعزيز الروابط بين بلدينا وشعبينا.
* – كيف حال الشعر المغربي اليوم برأيك؟
الشعر حي في المغرب، تحس بذلك بمجرد أن تتواصل مع الشعب المغربي المنفتح والمحب للجمال، لقد استمعت إلى العديد من الشعراء المغاربة وقرأت للعديد منهم، من الذين تعرفت عليهم في مدينة أصيلة ثم في الرباط. وفي رأيي المشكلة تكمن في الترجمة، الترجمة الجيدة.