كل ثانية في حياتنا تحتمل عددا كبيرا من المنحنيات في نسيج الزمكان، (وهو دمج الزمان والمكان)، بين الموت أو البقاء على قيد الحياة، أو الصحة والمرض، أو القيام بفعل يحول دون القيام بغيره أو التواجد في مكان دون آخر، وقد يبدو لوهلة أن الإنسان يملك اختياراته لكن، يبقى ذلك نسبيا، وفي نطاق جد محدود. فمثلا، لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عن النوم، أو التنفس، أو الأكل والشرب، أو الاستفراغ، وكلها قيود تحد من الحرية وقدر لا يمكن تجاوزه.
مع ذلك، تجد الناس في سعي حثيث للإمساك بزمام الأمور، وشد لجام الوقت الذي لا يرحم، بل إن وقعه أشد من السيف.
ويرى كل إنسان العالم من زاويته الخاصة، كأنه مركز الكون، وملتقى الأبعاد الأربع، (الطول والعرض والارتفاع والزمان)، وأنه الأجدر بكل المزايا المتوفرة، فيعمل ما بوسعه لتحصيل احتياجاته داخل الخندق الذي أوجدته فيه لعبة الاحتمالات.
ناهيك على أن مسار الإنسان لا يحتمل العودة، كأنه سهم ينطلق من القوس ويظل مبتعدا إلى أن يتهاوى، ويتحول من حالة الحركة إلى السكون.
دائرة المعيقات لا تقف عند ما هو حتمي ومرتبط بالقوانين الطبيعية، بل تنضاف لها القوانين الوضعية، التي طورها الإنسان نفسه لينتظم في العيش المشترك مع بني جلدته، كنظام الأسرة والعشيرة والدولة، وتزيد الدائرة ضيقا إذا أضفنا لكل ذلك القيود النفسية، التي يحشر فيها الإنسان نفسه من قبيل العجز والكسل والخوف والحب…
وسواء كنت تعيش في أمريكا أو بوروندي فإنك ستخضع للقيود، وسواء امتلكت ثروة وشهرة “ميسي” أو كنت عامل توصيل “البيتزا” فستظل إمكانياتك محدودة جدا ببساطة لأنك إنسان.
ولعل أفضل الطرق للتخلص من القيد يبقى الموت أو الجنون، على رأي الكاتب المصري أسعد طه: أكثر الناس سعادة هم المجانين.