لظروف خاصة وأسباب اضطرارية قررت يوم الخامس من رمضان التوجه من مدينة العرفان إلى محطة القامرة في سبيل قضاء بعض ما يشغلني من أغراض… الجو بشكل ما يبدو تعيسا ..مزيج من القيظ والرياح الدافئة تارة والغاضبة تارة أخرى… وأنا حانقة أشد ما يكون على الجو وعلى روحي الهشة التي باتت ترى في كل مشكل صغير مدعاة للحزن والتجهم…كان البحث عن سيارة أجرة أصعب ما يكون.. وقفت على الرصيف أنتظر بصبر فارغ في مواجهة مباشرة مع أشعة الشمس الحارقة…السيارات تروح وتجيء وأنا ساهمة في عوالمي أنتظر دون أن تتوقف لي أي سيارة.. فجأة توقفت سيارة نقل عمومي كبيرة أقلت على متنها الكثير من الركاب ومازالت تقل حتى امتلأت عن آخرها دون مراعاة لأدنى شروط راحة الركاب المساكين… دقيقة وبضع ثوان من التوقف تلتها الكثير من احتجاجات مزامير السيارات التي خلفها ..الكل مسرع وأمارات الكرى بادية على الجميع ترى ماذا يحصل؟
وأنا ساهمة في فسحتي الخاصة توقفت لي سيارة أجرة بعدما أشرت لها مرات قبل أن تصل لي …أخبرت السائق عن الوجهة فقال بوجه لا يشي بأي تعبير وبلهجة آمرة “إصعدي”….صعدت بعد أن تنفست الصعداء وحمدت الله أن أهدى هذه السيارة لتوصلني إلى مكاني المنشود لكن سرعان ما تبددت بسماتي الداخلية بعدما وصلت وأخبرت السائق عن الثمن ليردد بكل برود 10دراهم …كيف له أن يقلني ب 10دراهم أنا التي لم يمض على ركوبي فقط 3دقائق وبضع ثوان؟؟…على أي لم يكن لي من الطاقة ما يكفي لأجادل وأحتج… من دون أن أنبس ببنت شفة رميت القطعة النقدية في يديه ورضخت الباب بعنف. واتجهت الى حال سبيلي لا ألوي على شيء.. وأنا أمضي شعرت بنظرات السائق تتبعني وتخترق أضلعي إثر تصرفي العصبي الأخير ما أشعرني بمزيج من الندم والانتصار في آن…
الساعة تشير إلى 18.20مساء، موعد الفطور الرمضاني يقترب وهذا يعني أنه ينبغي علي أن أسرع في طريق العودة إلى المنزل…على رصيف الانتظار مجددا وقفت أنتظر سيارة أجرة أخرى كما في السابق…وقف لي الكثير سألوني عن الوجهة أخبرتهم بأنها العرفان إلا أن الجميع كان يطأطئ رأسه ويمضي ،فالعرفان قريبة ومنه لن يتسن لهم الحصول على الثمن الذي يبتغونه مني.. وأخيراً وافق سائق على أن يقلني لكن بشرط مسبق وهو أن أمنح لقاء ركوبي 10دراهم … العالم لا يعلم أنني طالبة في المغرب تعاني فأن تكون طالبا مغربيا هذا يعني أن المنحة التي تقدمها لك الدولة تمنح في آخر السنة الجامعية عوض أولها،وان الطلبة مستواهم المعيشي هش جدا اللهم إلا من كان والده مسؤولا أو ذا منصب رفيع…
أطرقت أفكر ثوان قبل أن أصعد باستسلام للسيارة.. بعدها بدأت أحتج على ما يقوم به هؤلاء السائقون من زيادات في أسعار الرحلات و…كما لو أنني لا أعرف ثمن المحروقات في السوق المغربية الذي ارتفع أضعافا مضاعفة…بلهجة منكسرة وحازمة في آن أجاب السائق على احتجاجي بتحليلات سياسية يعتبر أنها المسؤولة عن الأوضاع…حمل في البداية حكومة البيجيدي ما يحصل ثم أخنوش. صندوق المقاصة.. الحرب الروسية الأوكرانية.. الفساد… الاختلاسات… ومواضيع أخرى كان يتنقل فيها بسلاسة وبسرعة انعدم معها تركيزي مع أقواله… وصلت إلى الوجهة … أعطيته 10دراهم كما تم الاتفاق بشفقة ،وقلت له ” الله يعاون”…قال لي في عبارة أخيرة وبنبرة منكسرة “لهم الدنيا ولنا ال