منذُ أن أقرّت المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) 21 مارس يوما عالميّا للشعر استجابةً لطلب من مؤسستنا، وبيت الشعر في المغرب يواظبُ على استكتاب شاعرٍ عالمي ليوقّع كلمةً خاصّة بهذه الاحتفالية التي ينخرط فيها كلّ محبّي الشعر في العالم.
– كلمةُ الشاعر لهذه السنة 21 مارس 2024 من توقيع الشاعر الإيطالي الكبير جوسيبي كونتي، قامت بترجمتها مشكورة الدكتورة سناء درغموني.
كلمة الشاعر جوزيبي كونتي ( إيطاليا)
ماذا يمكنُ للّشعراء أن يقومُوا به في عالمٍ يبدُو متوجّها نحو الكارثة، في حين أنّ حربًا دمويّة تستمرُ في قلب أوروبا، وفي حين يتم افتراض استخدام قنابل ذرية في ظلّ هذيان التهديدات القيّامية، وفي قطاع غزة يستمِرُّ ارتكابُ مجازر وجرائم ضدّ الإنسانية كتلك التي نشهدها كل يوم والتي تزدادُ وحشية وتخريبا؟
أظنّ أنه لا ينبغي للشّعراء أن يستسلموا ويرضخُوا أويعتقدوا أنه لا فائدة من رفْع أصواتهم وأنشوداتهم في وجه المُعاناة والفظائع: على العكس، عليهم الغناء بصوتٍ أعلى، وتمجيد الكرامة والجمال، والرحمة والسلام، والتأكيد على أنّ الشّر والعنف يترسّخان في المجتمع كلما تمّ تهميش الثقافة الإنسانية والشعر، وكلما تُرك المجال مفتوحا للاقتصاد وللتقنية وأخيرا للأسلحة للسيطرة المطلقة.
الشّعر هو جوهرُ الإنساني: جوهر الأخوة بين جميع البشر، وجوهر الأخوة بين جميع البشر والعالم الطبيعي والكوكب. الشّعر هو طاقة اللغة، والروح، والحلم، واليوتوبيا، هو كلّ شيءٍ مقدّس وحُر ظل بيننا. لنحبَّه، ولنحتفيَ به مع وصول الاعتدال الربيعي الذي لا يزال وعْدا دائما بمزيدٍ من الضوء والازدهارات الجديدة. ندعُو إلى وقف إطلاق النار في كلِّ مكان فيه قتل ونرفع علمَ الشعر لنقول:
هنا لا يُمكن ضربُ أي طفل، ولا إطفاء أيُّ حلم بالحياة، ولا إنكارُ كرامة أحد.
أنا أبحثُ دائمًا عن ربيعات جديدة، ولأنني عرفتُ اليأس فإنني أصبحتُ الآن أؤمنُ بالأنشودة وبالزهرة التي تتفتّح وبالأمل. أدعوكم جميعاً، أيها الإخوة الشعراء، وأصدقاء الشعر اليائسين، إلى القيام بذلك.