يأمل رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه أن يعلن تشكيل حكومته قبل يوم غد الأحد، في حين يتظاهر قسم من اليسار مجددا، اليوم السبت، للتنديد بالتوجهات السياسية للحكومة المقبلة.
وعقّدت نتيجة الانتخابات التشريعية التي جرت في يوليوز الماضي تشكيل الحكومة، إذ لم تفض إلى غالبية صريحة في الجمعية الوطنية، الغرفة السفلى للبرلمان المنقسم حاليا إلى ثلاث كتل، هي اليسار الذي تصدر نتائج الانتخابات، ويمين الوسط، واليمين المتطرف.
وكلّف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الخامس من شتنبر الجاري ميشال بارنييه المنتمي إلى حزب الجمهوريين اليميني بتشكيل الحكومة الجديدة، آملا أن ينجح في إخراج فرنسا من المأزق السياسي.
وبعد مرور أكثر من أسبوعين على تكليف كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي السابق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أعلن الوفد المرافق له، مساء أمس الجمعة، أن التشكيلة النهائية للحكومة أُرسلت إلى قصر الإليزيه.
لكن أثارت بعض الأسماء التي أعلنت سابقا القلق في أوساط الغالبية الرئاسية، وندد بها اليسار؛ ومنها ثلاثة وزراء منتمين لليمين، بينهم برونو روتايو، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، والمتوقع أن يتولى حقيبة الداخلية، وفق مصادر يمينية ووسطية، والسيناتورة لورانس غارنييه، عن حزب الليبراليين، التي اختيرت لوزارة العائلة.
ويعرف روتايو المحافظ بمواقفه اليمينية المتطرفة في ملف الهجرة، وغارنييه بمواقفها المناهضة لزواج المثليين وللإجهاض الاختياري.
“مصلحة جماعية”
أكد مصدر وزاري لفرانس برس أن “الأسماء شهدت تغييرات” في الأيام الأخيرة، بينما لم يؤكد حزب “الحركة الديموقراطية” الوسطي، حتى الآن ،مشاركته في الحكومة.
وفي مواجهة التردد، وباسم “المصلحة الجماعية”، دعا ماكرون حلفاءه إلى “مساعدة رئيس الوزراء في تشكيل حكومته”.
وحض النائب السابق الوسطي جان لويس بورلانج “أصدقاءه” عبر موقع “إكس” على “تخطي تحفظاتهم”، لأن “الوضع السياسي والمالي والدولي للبلاد خطير جدا”، لكن يبدو أن أصواتا أخرى داخل المعسكر الرئاسي غير مقتنعة أيضا بهذه الحكومة.
وأعرب أحد زعماء الغالبية السابقة عن أسفه لعدم توضيح “أي غموض” بشأن السياسة التي سيتبعها ميشال بارنييه، معتبرا أن “لا شيء” واضح “في ما يتعلق بالهجرة، والضرائب، والأخلاقيات البيولوجية”، بما يشمل الممارسات الطبية وكل ما له صلة بالممارسات البشرية والتكنولوجيا الحيوية.
وأفاد عدد من المشاركين في اجتماع زعماء أحزاب ستنضوي في الحكومة، بأن بارنييه أكد أنه لن يزيد الضرائب على الطبقات الوسطى.
وأشاد رئيس الحكومة السابق ورئيس كتلة نواب معسكر ماكرون، غابريال أتال، بهذا القرار، بعدما هدد نواب الكتلة بعدم المشاركة في حكومة تخطط لزيادة الضرائب.
“ضغط شعبي”
أعلن بارنييه، في بيان صادر عن مكتبه، أنه يرغب في “تحسين الخدمات العامة، وخصوصا المدارس والصحة، وضمان الأمن، وتنظيم الهجرة وتعزيز الاندماج”.
وأكد المكتب أن بارنييه يعتزم “تشجيع الشركات والمزارعين وتعزيز الجاذبية الاقتصادية لفرنسا وضبط المال العام”.
وأوضح رئيس الوزراء، الأربعاء الماضي، أن الوضع المالي في البلاد “خطر جدا”.
ويصل دين فرنسا إلى 110% من الناتج المحلي الإجمالي. ويقدر العجز العام بنحو 5,5% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين يحدد ميثاق الاستقرار الأوروبي سقف هذا العجز عند 3%، والدين عند 60% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو.
ويعبّر اليسار، الذي تمثله أكبر كتلة في الجمعية الوطنية، عن غضبه من الحكومة المقبلة التي تضم شخصيات يمينية.
ويشارك حزب الخضر واليسار الراديكالي (حزب فرنسا الأبية) في تظاهرات تنظمها جمعيات ومنظمات طلابية وبيئية ونسوية، اليوم السبت، في العديد من المدن الفرنسية ضد تحالف “ماكرون-بارنييه”.
وقالت رئيسة كتلة حزب “فرنسا الأبية” في الجمعية الوطنية ماتيلد بانو: “إنها مسألة كرامة شعب بأكمله، بعد انتخابات نكرها وسرقها الرئيس”، مؤكدة أن التظاهرات تهدف أيضا إلى التنديد “بالتوجهات السياسية” لحكومة بارنييه.
ويعتزم حزب “فرنسا الأبية” “زيادة الضغط الشعبي” بعد تظاهرات في 7 شتنبر الجاري في كل أنحاء فرنسا ضمت بين 110 آلاف شخص بحسب الشرطة و300 ألف بحسب المنظمين.
وكتبت المنظمات في دعوتها إلى التظاهرات أن “ميشال بارنييه رئيس وزراء يميني متشدد، ومعاد للمجتمع، ومعاد للمهاجرين، وله ماض معاد للمثليين”، و”لن يتمكن من الحكم إلا باتفاق دائم مع (زعيمة اليمين المتطرف) مارين لوبن”.