في عالم أضحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي المؤنس في الوحدة والصديق لمن لا صديق له.
فهنا، دون وعي أو إدراك، يصبح المستخدم أسيراً لكم هائل من المحتوى الذي تغلب عليه التفاهة على العمق.
فتحولت هذه المنصات، من منصات للتقارب وتبادل الأفكار والآراء إلى منصات لصناعة التفاهة وتكوين جمهور يعشق الفضائح والبوز.
لكن السر يكمن في الخوارزميات التي تفرض على المستخدم المحتوى السريع كالميمات، والنكت القصيرة، والتحديات، بغض النظر عن جودتها ومدى إفادتها، في حين تبقى النقاشات الجادة والمقالات التحليلية الطويلة في الظل. لكن الأمر لا يعود فقط للخوارزميات، بل المستخدم نفسه يتحمل جزءاً من المسؤولية في المشاركة والإعجاب بهذا المحتوى.
هذا ما يجعل منه محتوى سريع الانتشار، لكن الأمر راجع للضغوط اليومية للمستخدمين ورغبتهم في الانفصال عن واقع يعج بالتحديات والصعاب.
هذا ما يجعلهم يبتعدون عن التأمل والتفكير.
المحتوى التافه ليس مجرد مادة مسلية، بل انعكاس لثقافة استهلاكية سريعة تهدد العمق والفكر.
التحدي الحقيقي هو اختيار ما نستهلك بوعي، ومنح الأفكار الجادة فرصتها لتؤثر وتغير. القرار بين السطحية والعمق بيدنا نحن: هل نواصل الركض خلف الضحكة العابرة، أم نمنح الفكرة مكانها لتصنع تأثيراً حقيقياً؟
رغم سيطرة التفاهة، هناك جهود حقيقية لتقديم محتوى جاد بطريقة جذابة. مقاطع تعليمية قصيرة،
فيديوهات تفاعلية، أو مقالات رأي بسيطة لكنها عميقة تحاول منافسة السطحية، لكنها تحتاج إلى صبر الجمهور وإدراك أن قيمة المحتوى لا تُقاس بعدد المشاهدات، بل بمدى تأثيره على الفكر والعاطفة. مسؤولية مواجهة هذه الظاهرة مشتركة بين المنصات، صناع المحتوى، والجمهور.
كل إعجاب أو مشاركة هو تصويت ضمني لما يستحق البقاء في الفضاء الرقمي. إذا اختار الجمهور التركيز على المحتوى الجاد، حتى لو كان أقل إثارة على المدى القصير، فإن ذلك يخلق توازناً ويعيد للوعي العام مكانته.















