لم تمر سوى عشرين دقيقة على صافرة البداية في مباراة افتتاح الكان، حتى سقط القائد رومان سايس أرضا، لتسقط معه رهانات المدرب وليد الركراكي التي دافع عنها بشراسة أمام انتقادات الشارع الرياضي. هذه الإصابة المبكرة لم تكن مجرد عارض صحي فوق المستطيل الأخضر، بل كانت تجسيدا لسيناريو حذر منه الكثيرون، واعتبروه “قدرا محتوما” للاعب استنزفته السنون والإصابات المتكررة.
دخل الركراكي غمار “الكان” وهو يحمل على عاتقه مسؤولية استدعاء رومان سايس (35 عاما)، اللاعب الذي غاب عن أروقة المنتخب الوطني لسنتين كاملتين، وعانى من تراجع واضح في الجاهزية البدنية والمنافسة الحقيقية. ورغم كل المؤشرات التقنية التي كانت تنادي بضرورة ضخ دماء جديدة، ظل الركراكي وفيا لـ “الحرس القديم”، في إصرار اعتبره المحللون نوعا من “العناد التكتيكي” أو “الوفاء العاطفي” الذي لا مكان له في حسابات البطولات المجمعة الكبرى.
في الوقت الذي كان فيه سايس يغادر الميدان، كانت أصوات الجماهير المغربية تستذكر أسماء استبعدت رغم توهجها؛ فكيف يهمش إسماعيل باعوف، المتوج قبل فترة وجيزة بلقب كأس العالم لأقل من 20 سنة والملقب بصمام أمان المستقبل؟ وكيف يتم تجاهل سفيان البوفيتيني، الذي كان أحد أبرز أعمدة الدفاع في ملحمة كأس العرب بقطر قبل أيام؟ لقد وضع الركراكي نفسه في موقف حرج أمام الرأي العام، الذي يرى في استبعاد هؤلاء “الأبطال الجاهزين” مقابل المراهنة على “قائد مصاب” مخاطرة غير محسوبة العواقب.
إن تكرار إصابة سايس في هذا التوقيت الحساس يطرح أكثر من علامة استفهام حول كيفية إدارة المجموعة؛ فهل فشل الطاقم التقني في استيعاب دروس الماضي المريرة؟ أم أن “الكاريزما” والقيادة في مستودع الملابس طغت على ضرورة الجاهزية البدنية داخل الميدان؟
لقد أثبتت الدقيقة 20 من مباراة جزر القمر أن كرة القدم الإفريقية لا تعترف بالأسماء ولا بالعواطف، بل باللياقة والالتحام والقوة. وبينما دخل جواد الياميق لتعويض الفراغ، ظل التساؤل يتردد في جنبات ملعب مولاي عبد الله: هل سيدفع المنتخب ثمن اختيارات مبنية على “الولاء” في بطولة تحتاج إلى “المحاربين الجاهزين”؟















