كشف زلزال الحوز الذي ضرب عددا من مدن المملكة في 8 شتنبر 2023 وكذا الفيضانات التي شهدها الجنوب الشرقي في مستهل الشهر الجاري عن هشاشة المنظومة السكنية في هذه المناطق النائية التي يصنفها البعض ضمن المغرب ” غير النافع “.
ويبقى السؤال الذي يطرح في مثل هذا السياق هل ينجح إحصاء السكان والسكنى 2024 الذي يأتي بعد مرور عام عن كارثة الحوز في رصد مكامن الخلل في منظومة السكنى لا سيما في المناطق الجبلية والواحات وهي الأماكن التي تضررت كثيرا من الكوارث الطبيعية ولعل أخطرها زلزال 8 شتنبر 2023 الذي خلف خسائر بشرية ومادية كبيرة ؟
فحسب تقارير إخبارية، بلغ مجموع الإنهيارات جراء هذا الزلزال 59647، فيما بلغ عدد الدواوير المتضررة 2930، بينما أعلنت الحكومة أن 2.8 مليون نسمة هو عدد ساكنة الدواوير التي لحقتها أضرار الزلزال.
وسبق للمندوب السامي للتخطيط ،احمد الحليمي، أن كشف أن المندوبية السامية للتخطيط أنجزت، برسم هذا الإحصاء السابع، خريطتين، الأولى للمباني وتهدف إلى ضمان تغطية شاملة للأسر أثناء الإحصاء، دون إغفال أو ازدواجية في العد، مهما كان موقع سكنها، في الجبال أو السهول أو في المناطق الحضرية أو القروية.
كما أوضح السيد الحليمي أن الخريطة الثانية تتعلق بالمؤسسات الاقتصادية والسوسيو-ثقافية (المساجد والمراكز الثقافية وغيرها)، والمرافق الجماعية (الإدارات العمومية والمدارس والمستشفيات وغيرها)، والمؤسسات الجمعوية (الجمعيات والنقابات وغيرها) والأسواق الأسبوعية.
وأضاف أنه “تم تنفيذ هذه العملية باستخدام نظام معلومات جغرافية متنقل، إضافة إلى صور الأقمار الصناعية عالية الدقة ستتيح نتائجها، بعد نشرها، للمستخدمين إنتاج خرائط دينامية وتفاعلية عبر منصة مخصصة، توفر معلومات مفصلة عن التركيبة السكانية وخصائص مختلف الأنشطة الاقتصادية على المستوى الترابي، مع احترام القوانين التي تحكم السرية الإحصائية”.
يواصل المغرب حاليا عملية الإحصاء السابع للسكان والسكنى التي تستمر إلى غاية نهاية شهر شتنبر الجاري، وذلك تفعيلا لتعليمات جلالة الملك محمد السادس الموجهة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
وأكد جلالته في هذه الرسالة أن التنظيم الدوري لعملية الإحصاء على رأس كل عشر سنوات يعد ” اختيارا حكيما يمكننا من الاستعداد الجيد لفهم التطور الديمغرافي والسوسيو – اقتصادي لبلادنا بشكل دقيق، واستشراف الاحتياجات المتغيرة لمواطنينا، وإعداد السياسات الملائمة تبعا لذلك “.
يشارك في إنجاز هذا الإستحقاق 60 بالمئة من حاملي الشهادات والطلبة و32 بالمئة يمثلها نساء ورجال التعليم في حين خصصت حصة 8 بالمئة لموظفي الإدارات والمؤسسات العمومية والعاملين في القطاع الخاص ومتقاعدي الوظيفة العمومية.
وفي ما يتعلق بالميزانية المخصصة لإنجاز هذه العملية فقد تم رصد اعتمادات مالية تقدر ب1,46مليار درهم موزعة بين تعويضات المشاركين (67 في المائة ) والوسائل المادية و اللوجيستيكية (20 في المائة) والوسائل التكنولوجية (13 في المائة).
ووفقا للمندوبية السامية للتخطيط، تشمل عملية الإحصاء مجموع الأشخاص المقيمين بالمغرب كيفما كانت جنسيتهم ووضعية إقامتهم. ويتوزع هؤلاء الأشخاص بين الذين يعيشون في أسر عادية والرحل والأشخاص بدون مأوى والأشخاص الذين يعيشون بشكل جماعي بسبب ظروف العمل أو لأسباب أخرى (الثكنات العسكرية والمؤسسات السجنية والدور الخيرية والمستشفيات وأوراش الأشغال العمومية، …) فيما لا يشمل الإحصاء مغاربة العالم الذين يتم إحصاؤهم في بلدان إقامتهم والأجانب العابرين غير المقيمين بالمغرب و أعضاء هيئة السلك الدبلوماسي المقيمين في السفارات والقنصليات.
إن الاضطلاع أو الحديث عن بناء وتنمية البلدان اقتصاديا واجتماعيا والتخطيط لصنع السياسات يتطلب رؤية عميقة وتصميم خطط استراتيجية من طرف صناع القراروالفاعلين المعنيين ، ولعل البيانات والمعلومات الإحصائية تعد من المقومات والوسائل القادرة على صنع سياسات تنموية مبنية على حجج وبراهين.