نظمت جمعيتا قدماء موظفي البرلمان ووزارة الاتصال لقاء تواصليا مساء السبت المنصرم في إطار المنتدى التفاعلي الثالث عن بعد، كان عنوانه انتظارات المتقاعدات و المتقاعدين من البرنامج الحكومي 2021.وقد شارك في هذا اللقاء التواصلي ممثلون لجمعيات أخرى وأساتذة وخبراء في المجال بهدف تبادل وجهات النظر واستجماع الآراء وتنسيق الخطوات لبلورتها ضمن ملف كامل غير منقوص سيقدم لأعضاء الجكومة المرتقب تعيينها في نطاق اختصاص كل وزير على حدة
الأمل كبير في أطراف العملية السياسية
وقد أبرز رئيس جمعية قدماء موظفي البرلمان،الحسين المتوكل في هذه الندوة التفاعية أن تنظيم هذه التظاهرة التي تهم أوضاع المتقاعدين المادية والاقتصادية والصحية والاجتماعية والخدماتية والترفيهية يأتي بعد الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة التي جاءت بحكومة جديدة ستعمل على إعداد برنامج وِفقاً لوعودها الانتخابية، وكذا بناءً على أرضية النموذج التنموي الجديد التي أرساها جلالة الملك محمد السادس، والتي اعتبرت المحور الاجتماعي وضمنها كرامة المواطن والمواطنة أحد أهم ركائزه.
وأضاف المتوكل أن “الأمل كبير في أطراف العملية السياسية، أغلبية ومعارضة حكومية وتشريعية، للقيام بالأدوار المنوطة بها لتبني القضايا التي تشغل بال الرأي العام” مؤكدا على أن جمعيات المتقاعدين المنظمة لهذا اللقاء باعتبارها طرفا من المجتمع المدني وقوة اقتراحية حسب منطوق دستور 2011 لتساهم في مناقشة السياسات العمومية وتقييمها وتقديم البدائل التي تراها مناسبة في إطار المقتضيات الدستورية وفق قناعاتها.
لا سيما وأن الأمر يتعلق بفئة من المواطنين أفنوا شبابهم في خدمة المؤسسات التي عملوا تحت إشرافها وفي خدمة وطنهم بكل تفان وإخلاص ونكران للذات، و“يجدون أنفسهم في نهاية مسارهم المهني الطويل وبلوغهم مرحلة الشيخوخة في مواجهة العديد من المشاكل والإكراهات والتحديات والمتطلبات الأساسية للعيش الكريم، خاصة في ظل تراجع منظومة القيم والتضامن التي طبعت مجتمعنا عبر تاريخه وحث عليها ديننا الحنيف، مما يدفعنا لمطالبة الحكومة المقبلة بالتفاتات كريمة نحو هذه الفئة التي أصبحت مع توالي السنوات تقتنع أنها عرضة للإقصاء والتهميش”
ويرى المتوكل أن هذا اللقاء الذي يأتي “في هذه الظرفية بالذات و بتأطير من جمعيات وازنة و خبراء و مختصين هو مدعاة للتفاؤل لما هو قادم مادام الأمر يتعلق بثروة وطنية وكنوز بشرية من التجارب والخبرات قامت العديد من الدول بإحاطتها بما يلزم من الرعاية والعناية والاهتمام والاستفادة من تراكماتهم المهنية والمعرفية وإدماجهم في المقاربة التنموية في إطار من التكامل والتداول بين الأجيال”
والجدير بالذكر أن هذه التظاهرة التفاعلية قد شارك فيها كل من السادة دنيا القرشي رئيسة الجمعية الألمانية المغربية للتواصل والتبادل الثقافي (هامبورغ) وسناء رشاد عضوة بهذه الجمعية، والحسين المتوكل رئيس جمعية قدماء موظفي البرلمان، وحسن المرضي عضو المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، وعبد الهادي شقيقة الشياظمي نائب رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المتقاعدين والمسنين، وعبد العزيز الصقلي رئيس جمعية قدماء وزارة الاتصال، ولحسن الإدريسي عن الجمعية المغربية العمر الجميل.كما شارك في هذا اللقاء ضمن فقرة التعقيبات كل من عبد الرحيم فكاهي فاعل حقوقي و جمعوي رئيس المركز المغربي من أجل الحق في الحصول على المعلومات، وعبد الغني القاسمي خبير ومحلل سياسي، ومحمد رضوان مسؤول صحيفة “صوت المتقاعد”
وقد ثمن العديد من المتابعين هذا اللقاء وتفاعلوا معه عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي
جمعيات المتقاعدين قوة اقتراحية
وللتذكير أيضا،فإن قدماء موظفي وزارة الاتصال قد اضطلعوا بأدوار جد هامة خلال مسيرتهم الوظيفية من أجل النهوض بقطاع الإعلام والاتصال بالمغرب ،وذلك عبر إشرافهم على هيكلة القطاع لمدة طويلة،إذ ساهموا في بلورة عدد من القوانين التي تنظم هذا المجال،هذا دون إغفال الأدوار الاستراتيجية التي قام بها قدماء موظفي البرلمان،من خلال مشاركتهم في تنظيم العمل البرلماني وضبط شؤونه وكل ما يتعلق بهاته المؤسسة التشريعية الوطنية
وتعد هاتان الشريحتان من متقاعدي الوطن وغيرهم من أعضاء الجمعيات الفاعلة في الميدان ،كنزا ثمينا لا غنى عنه بالنظر للخبرات والتجارب المكتسبة طيلة مسارهم المهني،مما يؤهلهم -دون أدنى شك – لتشكيل قوة اقتراحية فاعلة في أفق المساهمة في إبداء الرأي وتفعيل عدد من المشاريع التنموية في ظل التعبئة الوطنية الشاملة لإقرار النموذج التنموي الجديد الذي طالب به قائد الأمة جلالة الملك محمد السادس نصره الله والذي هو في حاجة ماسة إلى انخراط شامل من جميع مكونات و كفاءات ومؤهلات الوطن بغية إنجاحه خلال السنوات القادمة
وبالعودة إلى وضعية المتقاعد ببلادنا،لابد أن نعترف بأننا لم نكافئ المحال أو المحالة على التقاعد بما يستحقانه من تقدير وتكريم،نظير ما قدماه للوطن من تضحيات وخدمات طوال فترة العمل بل بالعكس من ذلك،عاملناهما بالنكران و بالجحود و أوصدنا أبواب الرزق والعيش الكريم في وجهيهما.
إن المتقاعد لا يأخذ إلا راتبه التقاعدي المتآكل بعد حرمانه من كل المزايا والمنح والزيادات وهناك أيضا عدد من الأنظمة التي تحاصر المتقاعد وكأنها صدرت خصيصا لتعاقبه على الخدمات الجليلة والمتعبة التي قدمها لمجتمعه ووطنه طوال مساره المهني، ومنها نظام التقاعد و نظام التأمين الاجتماعي اللذين يتسمان بالشح في راتب المعاش لفئة عريضة من المحالين عليه مع خصم الضريبة على المعاش لفئة مهمة منهم رغم أنهم قد أدوها أقساطا تلو أقساط خلال فترة عملهم. ومن الأنظمة الضارة بوضعية المتقاعد أيضا،نظام القروض البنكية الذي لا يقر تسهيلات وامتيازات خاصة بالمتقاعد وما نعرفه يقينا أن دول الغرب في معظمها تميز المتقاعد بكثير من المزايا والعطايا ولا تتركه يغرد وحيدا في العوز والفاقة والحرمان..
نحن هنا نتمنى ألا ينظر إلى المتقاعد على أنه شريحة من خارج النظام الاقتصادي الوطني،بل هو جزء لا يتجزأ من نسيج الاقتصاد الوطني،ولذلك فإن تحسين أوضاع المتقاعد من شأنه أن يرفع مستوى معيشة المواطن ككل. فأبسط قواعد العدل والمساواة تقتضي بالضرورة وضع صيغ مناسبة لتحقيق العدل بين كافة المواطنين، وإذا كانت الحكومة تقر زيادة رواتب الموظفين والأجراء بين سنة وأخرى في إطار الحوار الاجتماعي،فإنها مسؤولة أيضا عن رعاية حقوق مواطنيها من المتقاعدين أيضا وملزمة بزيادة رواتبهم وإلغاء الضريبة على معاشهم،لأن الزيادة هنا لا تبنى على قاعدة الانتماء الوظيفي،وإنما تبنى على قاعدة المواطنة والمصلحة العليا للوطن و للاقتصاد الوطني
إعادة النظر في تضريب معاشات المتقاعدين
وبخصوص قضية تضريب معاشات المتقاعدين بالمغرب ،فقد سارع العديد من النشطاء في مرات متتالية إلى إطلاق عريضة وطنية تسعى إلى إعفاء معاشات المتقاعدين من اقتطاع الضريبة على الدخل بالمغرب،مشددين على أن الضريبة “غير قانونية”؛ لأن رواتب هذه الفئة قد خضعت للتضريب أثناء مزاولة العمل، و مؤكدين على أن المتقاعد قد أدى ما يكفي من الضرائب للدولة ومنهم أيضا من طالب باستفادة المتقاعد من نسبة الأرباح السنوية لأمواله ومدخراته التي تستثمر في مشاريع متعددة من طرف صناديق التقاعد علما بأن معاشات أعضاء الحكومة والبرلمان هي معفاة من الاقتطاع الضريبي بنص القانون،وهي المفارقة العجيبة والغريبة التي تجري تحت أنظار الحكومات المتعاقبة
افضل الدول لعيش المتقاعدين حول العالم لعام 2021
حسب موقع “أرقام”ووفقًا لتصنيف مجلة “إنترناشونال ليفينج” الذي شمل 25 دولة، فقد تصدرت كوستاريكا قائمة أفضل دول العالم للتقاعد،إذ حصلت على نقاط عالية في كافة فئات التقييم.واعتمدت المجلة على 10 عوامل للمساعدة في تحديد أفضل الدول للتقاعد؛ منها تكلفة المعيشة والإسكان والرعاية الصحية، ومزايا المتقاعدين، والترفيه، والمناخ والحوكمة، والتي تم تحديدها بناءً على الإحصاءات والبيانات المرسلة من صحفيين حول العالم
جدير بالذكر أن المجلة تعمدت إبقاء الولايات المتحدة خارج تصنيفها لأن الغالبية العظمى من قرائها أمريكيين، وهم بالفعل على دراية بالحياة هناك
وذكرت رئيسة التحرير التنفيذية للمجلة “جينيفر ستيفنز” لموقع “ياهو فاينانس”: يعكس اختيارنا للبلدان مجموعة كبيرة من أنماط الحياة والأماكن، فتلك المواقع التي نعتقد أنك ستجد فيها أفضل مزيج من العوامل التي تناسب التقاعد في الخارج
وتصدرت “كوستاريكا الترتيب، إذ يمكن لزوجين العيش بشكل مريح مقابل 2000 دولار شهريًا، يشمل ذلك استئجار منزل مكون من غرفتي نوم، بالإضافة إلى الإنفاق على منتجات البقالة والترفيه والرعاية الصحية
وتبقى أفضل الدول التسع الأوائل في العالم من حيث جودة التقاعد بعد كوستاريكا- حسب نفس المجلة- هي على التوالي: بنما والمكسيك وكولومبيا والبرتغال والإكوادور وماليزيا وفرنسا ومالطا و فيتنام
امتيازات التقاعد بالدول الراقية
نأتي هنا للتذكير ببعض الامتيازات التي تتمتع بها المتقاعدات ويتمتع بها المتقاعدون بالدول المتقدمة الراقية مثل اليابان وألمانيا والسويد والولايات المتحدة الأمريكية أو بدول خليجية كالسعودية والإمارات وقطر منها
توفير بطاقة تأمين صحي شاملة مدى الحياة للولوج لكل المؤسسات الصحية في الدولة
امتيازات الرفاهية بخصم 50% من قيمة تذاكر السفر برا وبحرا وجوا
منح بطاقة اشتراك في النوادي والمنتجعات الحكومية بالمجان
إمكانية الحصول على القروض بدون فوائد
تنظيم رحلات سياحية بأسعار تفضيلية داخل وخارج البلاد
مجانية الولوج أو بأسعار في المتناول للمتاحف والمنتزهات والمحميات الطبيعية وحدائق الحيوانات والمسابح العمومية
مجانية التنقل أو بأسعار خاصة بالمتقاعد عبر الحافلات والقطارات ووسائل النقل العمومية الأخرى
الاستفادة من تخفيضات تجارية خاصة مراعاة لسن المتقاعد
طرح بطاقة مزايا خاصة بالمحالين والمحالات
على المعاش تهم خصما مهما قد يصل إلى النصف في كافة المشتريات
معاملة تفضيلية خاصة وإنسانية من قبل الأسواق التجارية الكبرى والأندية والشركات والأبناك لكل من تجاوز سن الخمسين أو سن الستين حسب معايير كل بلد يقدر متقاعديه
إعفاءات ضريبية عند اقتناء بقعة أرضية أو مسكن أو سيارة أو أي شيء من أساسيات العيش
إنشاء جامعة خاصة بالمتقاعدين باليابان ليقدموا من خلالها دراساتهم وبحوثهم والانخراط بدورات تدريبية من أجل خدمة المجتمع والزيادة في تدليل المتقاعد لحمايته من الكآبة ومن الفراغ القاتل،وغيره كثير من الامتيازات الممنوحة للمتقاعد
فهلا تأسينا بمن سبقونا في التطور بحفظ كرامة متقاعدينا والاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم المختزنة وتحويلهم من “موتى قاعدين” إلى مواطنين منتجين ومشاركين في دورة الحياة المجتمعية المتعددة ونقلهم من خانة الموت البطيء المترهل إلى عالم العمل المثمر المتجدد،ففيه متعة الذات والحياة والواجب الوطني.يقول الفيلسوف البريطاني الساخر جورج برنارد شو “الحياة المليئة بالعمل أكثر نفعًا وجدارة بالاحترام من حياة فارغة من أي عمل”
من أقوال متقاعدين وما قيل عنهم
لقد كان اليوم الذي تحاصرت الدموع في عيني فهربت ابتسامة على وجهي، هكذا كنت ما بين الفرح والحزن وما بين الضحك والبكاء
مبارك علي الآن ،أستطيع قضاء وقتي بما تمليه علي نفسي
إنّه اليوم الذي أخشاه، وكأنّي سأفقد أثمن الأشياء في حياتي، ترعبني قضية التقاعد
التقاعد والعمل الجماعي مع الفريق هو أساس الأداء الأفضل لنا جميعا، وقد أثبتم جميعا أنكم أهل لتلك المسؤولية، وأنكم من أفضل العاملين، فلولا أمانتكم وتضافر جهودكم لم نكن لننجح في عملنا، فشكرًا لكل متقاعد، وشكرا عن كل قطرة عرق أسقطوها هنا
عبدالفتاح المنطري
كاتب صحافي