هناك من يصنع كتاب ، وآخر يؤسس مكتبة وثالث يقرأ و رابع يناقش.
كما من يخرج النهار من الليل و الحي من الميت، أخرج كوكاس الكتاب و الكاتب، القارئ والمقروء من زمن الورق إلى زمن اللا ورق. إلى الرقمي الذي لا يمكن أن تقوم قائمة لأي شيء إلا بإذنه .
عبدالعزيز كوكاس يعرفه المبدعون والمثقفون و الفنانون والسياسيون و يحترمه كثيرا الإعلاميون والصحفيون.
امتهن الصحافة، مستشارا للإعلام و رئيسا للتحرير و مديرا للنشر بمهنية و جرأة كادت أن تدخله السجن.
و كتب و الف كثيرا حتى وصل إلى ( حضرة الإمبراطور المعظم كوفيد التاسع عشر ).
منذ مدة ليست بالبعيدة، أسس كوكاس(العظيم) مجموعة ثقافية للنقاش و تبادل التميز و الإستثناء من الكتب والمؤلفات، على أقوى منصة رقمية لتبادل الرسائل و المعلومات الخاصة حسب آخر الإحصائيات الرقمية: منصة واتساب، تحت عنوان (كتب استثنائية في التاريخ ) التي تلقى حاليا اهتماما كبيرا من طرف رواد هذه المجموعة.
و بمناسبة هذا التأسيس الجميل، تواصل موقع ” لوبوكلاج ” مع الإعلامي والكاتب الأنيق، في شكله ومضمونه وأجرى معه الحوار القصير التالي: لنقرأ.
- الهدف من إنشاء هذه المجموعة ؟ هل هناك حاجة؟
مبادرة إنشاء مجموعة كتب استثنائية في التاريخ، تأتي في سياق الوعي المتزايد بأهمية استثمار وسائط التواصل الاجتماعي للإشعاع الثقافي، ولدت الفكرة مع تراكم كبير في خزانتي الإلكترونية، فقلت لم لا أشرك الإخوة ونفيد ونستفيد.
تقوم فكرة مجموعة “كتب استثنائية في التاريخ” أساسا على تبادل كتب كان لها تأثير كبير في تغيير وجه التاريخ، أو كتب في شتى مجالات الفنون والآداب والعلوم التي كان لها تأثير كبير على تطوير باب من أبواب المعارف الإنسانية، إما بما حملت من طروحات أو ما قدمته من جديد المعارف أو من زوايا نظر جريئة غير معتادة أو مألوفة، وبعضها قلب تاريخ البشرية ومعارفها رأسا على عقب.
بما يعني أن المجموعة ليست خزانة لتداول الكتب الإلكترونية، إذ هناك مجموعات كثيرة خاصة بهذا الأمر، طموحنا هو التداول حول الكتب الاستثنائية، المؤسسة، التي شكلت فاصلا بين مرحلة معرفية أو ثقافية أو فنية وأخرى، والتفاعل داخل المجموعة الذي يغني النقاش ويرسخ بعد التعاون الثقافي، حتى لا نظل نلعن الرداءة والظلام الزاحف،.
إنها مبادرة بسيطة تستهدف تبادل الكتب الاستثنائية في مختلف مجالات الفكر والثقافة والآداب والفنون.. إنه أقل ما يمكن أن نقوم به كمثقفين ومبدعين.. فالحاجة ملحة لاستثمار الإلكتروني والرقمي في الإشعاع الثقافي، نحن لا نحلم سوى بفتح زاوية، أو كوة صغيرة للضوء.. لنقول نعم نستطيع أن نقدم خدمة إيجابية نصنعها بشكل مشترك
- دور منصات التواصل الاجتماعي في إشاعة الثقافة؟
– بالتأكيد هناك دور كبير لمنصات التواصل الاجتماعي في إشاعة الثقافة، التطور الرقمي حقيقة اليوم، إنه العلامة البارزة للإنسان المتصل بعد الإنسان الصانع والإنسان العاقل.
إننا أمام ثورة كوبرنيكية توشم انتقال زمننا من العصر الكوتنبرغي أو الورقي، إلى العصر الرقمي الذي يتحكم اليوم في كل أنشطتنا، وعلينا أن نعي أن التأسف على نهاية عصر الورقي، والشكوى المتزايدة من حجم التفاهة و الرداءة التي جرفها معه سيل الاكتساح الرقمي، لن يقدم أي فائدة تذكر.
نحن ورقيون ومتعة الورقي لدينا بلا حدود، لكن علينا الوعي أنه كما حدث للمخطوطات حين ظهرت المطبعة، يحدث اليوم مع المطبوعات بعد ظهور الإنترنت.
وهنا علينا استثمار الإمكانيات الكبرى التي تسمح بها منصات التواصل الاجتماعي لنشر الثقافة والتعريف بالكتاب و المنتوجات.
إننا لن نكتفي بلعن الظلام، بل علينا العمل على توظيف هذه المنصات في التواصل الثقافي.. فقد انتهى الحامل الورقي ولكن الإبداع في كل مجالات الفكر والفنون الإنسانية ستظل ما بقي الإنسان على البسيطة.
الثقافة والكتب كانت دوما امتيازا، ولم تكن في كل العصور البشرية معممة ومتاحة وسهل الولوج إليها، إن ديمقراطية الفكر والثقافة وجماهيريتهما، تبدو مثل اليوتوبيا أو الشعارات التي تصلح مع التيارات الاجتماعية التي تراهن على العموم، بالنسبة لي يشكل هذا مطلبا رومانسيا وحلما جميلا.
لكن الواقع هو أن هناك خاصة وعامة في كل المجتمعات، ليس كل الناس لهم اهتمامات فكرية وثقافية.
نحن ما يجب أن نعمل عليه هو رفع الحواجز بين عامة الناس والولوج إلى الحقل الثقافي وحتى المساهمة في هذا الإنتاج إبداعا ونقدا واستهلاكا، بحيث يصبح سائق طاكسي أو ماسح الأحذية أو سجين سابق من العامة على قدر يسير من التعليم قادرا حتى على كتابة سيرته الخاصة، أو الحديث بشكل ممتع ومقنع عن تجربته الإنسانية المتميزة أمام وسائل الإعلام، نعلم الناس فن القول وتأسيس بلاغتهم الخاصة.
- هل هناك أمل في العودة للثقافة؟ للقراءة؟ أم أن البحث عن الخبز أكبر من البحث عن كتاب؟
الإنسان مرتبط بشرطه الثقافي، والثقافة موجودة ولم تنقرض من العالم لتعود إليه، حتى نتحدث عن أمل في العودة للثقافة..
أما البحث عن الخبز فأكيد أكبر وأسبق في الوجود من البحث عن الكتاب.. وأعتقد أن نضالنا كمثقفين وإعلاميين وسياسيين يجب أن ينصب على تخليص عامة الناس من الارتهان إلى القيود التي تشدهم إلى الحاجيات الأولية للوجود، مثل الأكل واللباس والصحة والسكن اللائق..
فكلما تحرر الإنسان من البحث والتفكير في ضمان فقط مسألة وجوده، كلما تسامى وعيه وأصبحت مطالبه ليس فقط الخبز وإنما الحرية، العدالة، التحرر، المساواة، الإبداع…
تعجبني عبارة “البطون الجائعة لا تفهم المنطق”، فالاستبداد يتسيد بالجهل والأمية والجوع والفقر… تحرير الناس من الصراع في وجودهم فقط من أجل تلبية حاجيات البطن والسكن والشغل، معناه سموهم ولجوؤهم إلى الإبداع والثقافة والآداب وترقية حسهم ووعيهم بالعالم من حولهم..
الحديث اليوم عن العودة إلى القراءة بمفهومها التقليدي، الكتب والجريدة الورقية هذه مجرد نوستالجيا، اليوم كل شيء يمر عبر الرقمي، لذلك نعتبر أن مثل هذه المبادرات في مجال استغلال منصات التواصل الاجتماعي هي تجسيد للوعي بأهمية الثقافة في حياتنا ووجودنا..