يبدو أن العالم لم يعد يتسع لأحلام الشباب الطموحين، حتى قرر أسترالي يُدعى دانيال جاكسون أن يخترع بلداً من العدم، فوق قطعة غابة عالقة بين كرواتيا وصربيا، لا هذه أخذتها ولا تلك اعترفت بها. فبدلاً من أن يزرع الأشجار أو يبني كوخاً، أعلن تأسيس “جمهورية فيرديس الحرة”.
ولأن أي “دولة” تحترم نفسها لا بد أن تملك مؤسسات، فقد أبدع الرجل علماً وطنياً، وحكومة، ومجلس وزراء، وعملة خاصة، وحتى جواز سفر. والنتيجة؟ حوالي 400 “مواطن” افتراضي صدّقوا الحلم من وراء الشاشات، ربما لأنهم وجدوا فرصة ليصبحوا وزراء أو سفراء بين ليلة وضحاها.
لكن العالم الواقعي لا يعترف بكثرة الألوان على الأعلام ولا بكثرة اللايكات على الفيسبوك. فبمجرد أن اشتهرت قصته، جاءته السلطات الكرواتية، لا لتقديم التهنئة على “الاستقلال”، بل لترحيله فوراً مع ختم حظر مدى الحياة. وهكذا انتهى “الحلم الجمهوري” بسرعة تفوق سرعة تشكيل أول حكومة في العالم الثالث.
القصة مضحكة بقدر ما هي كاشفة: يبدو أن تأسيس دولة صار أسهل من تأسيس شركة ناشئة، لكن الاعتراف الدولي أصعب من جمع المتابعين على تيك توك. وربما كان على “الرئيس” جاكسون أن يبدأ بشكل أبسط: تأسيس فريق كرة قدم، أو على الأقل فرقة موسيقية. فهما أسرع طريق للحصول على علم ونشيد واعتراف عالمي… وحتى جماهير حقيقية!















