
استتباعا لما طرحناه سابقاً حول موضوع الجبهة الداخلية التي أشار إليها خطاب غشت الماضي، نؤكد أن من أسسها تعزيز الصرح الديمقراطي من خلال تقوية العمل المدني ومشاركة المواطنين،
فالإدارة الترابية أو على وجه الدقة بعض موظفيها (لقلة التجربة أو ضعف التكوين أو هما معا) يجدون صعوبة في إزاحة ضعف الثقة بينهم وبين الجمعيات من خلال الاستقطاب مرة والسيطرة أخرى والقمع مرة ثالثة لأن هدف بعض موظفي الإدارة الترابية الذي لا يتمتعون بكاريزما القيادة عادة ما يكون فرض التبعية او ممارسة المنع وبالتالي يساهمون في تعطيل عجلة التنمية لحساب هواجس أمنية،
رغم أن استقلالية العمل الجمعوي هي شرط ديموقراطي بما يستتبعه من حق التنظيم (الحصول على الوصولات) والحق في إقامة الأنشطة في الفضاءات العمومية وما إلى ذلك مما يرفع من مستوى تأطير المواطنين ،لأنهم في نهاية المطاف هم حـمــــاة الــوطــن ضد كل ما يهدد كيانه السياسي أو هويته الثقافية .
نطرح هذا ونحن نعلم أن أدوار الجمعيات تمت مأسستها بظهير 1958 وأقرها دستور 2011، ومع ذلك هناك صعوبة في تنزيل مقتضياته على أرض الواقع، ومرد ذلك في الغالب الأعم ضعف التكوين وغياب التكوين المستمر لفئة من الموظفين والموظفين السامين لدرجة تبدو المناصب المسندة لهم تتفوق على قدراتهم القيادية وتغدو العلاقة مع المجتمع المدني وعموم المواطنين تتسم باللامردودية.
ومن أسس جبهة داخلية قوية كذلك، إعادة تحديد الاولويات التي يجب ان تستجيب لمطالب واهتمامات السكان الأكثر هشاشة بشكل توافقي وليس بالشكل الذي اختارته عمالة القنيطرة على سبيل المثال في معالجتها للعديد من الملفات لعل أبرزها ملف إعادة إيواء قاطني دور الصفيح وملف الاراضي السلالية الذي لنا عودة اليه بشكل مفصل من خلال شهادات متضررين
ومن خلال وثائق تثبت غياب النجاعة والحكامة الجيدة في تدبير الملف بما يصون حقوق ذوي الحقوق وفق ظهير 1919 وما انبثق عنه من قوانين على مدى قرن من الزمان لعل ابرزها القوانين الثلاثة التي تبنتها حكومة العثماني المنتهية ولايتها