نظمت النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطنجة، يوم السبت 01 فبراير 2025،بشراكة مع البيت المغربي للمواطنة والتنمية، ندوة فكرية موسومة بعنوان: قيم المواطنة عند المغاربة، الانتفاضات الشعبية لأيام 29،30و 31 يناير 1944 نموذجا -مقاربة إعلامية قانونية-.
أطرها ثلة من الباحثين والمتخصصين في القانون وعلوم الإعلام والاتصال، حيث قدموا مقاربة إعلامية قانونية تقاطعت مع حقول معرفية متعددة منها التاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس.
وهو ما أكده السيد النائب الجهوي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطنجة الأستاذ حسن بن يوسف في تصريح خص به موقع لوبوكلاج، حيث قال إن تنظيم هذه الندوة العلمية يأتي في سياق تثمين الذكرى 81 للانتفاضات الشعبية لأيام 29،30،31 يناير 1944 بمدن الرباط وسلا وفاس، معتبرا أنها محطة فاصلة ونوعية في مسار كفاح الشعب والعرش المغربي من أجل الحرية والاستقلال،
وأنها كانت من نتائج وتبعات المواقف الثابتة لبطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، وأضاف أن حصيلتها كانت الزج بزعماء الحركة الوطنية في غياهب السجون وإبعادهم إلى المنافي، إضافة إلى عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
وفي ذات السياق صرحت السيدة حميدة الجازي القيمة على فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بطنجة، لموقع لوبوكلاج أن النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطنجة، حرصت على تنظيم هذه الندوة بحضور ثلة من الأساتذة والباحثين
لمناقشة هذه الذكرى الهامة في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر والتي يعتبرها الباحثون والمؤرخون من الإرهاصات الأولى لثورة الملك والشعب، ضد عدد من الممارسات القمعية التي انتهجتها سلطات الحماية الفرنسية منذ التوقيع على معاهدة الحماية سنة 1912 ومن بينها العقوبات بسجن التظاهرين والمحتجين في إطار قوانين تعسفية أرادت من خلالها سلطات الحماية الفرنسية إجبار المغاربة على قبول الوضع على حاله والاستسلام وهو ما لم يحدث واربك حسابات المستعمر لما تحلى به المقاربة من قيم الوطنية والمواطنة الحقة وهو موضوع نقاشنا اليوم.
تضيف الأستاذة الجازي أن هذه القيم هي مربط الفرس وهي أساس الأنشطة التي تسهر على تنفيذها فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير من خلال أنشطتها المختلفة لا سيما تلك التي تستهدف الناشئة.
وفي ذات السياق اعتبر الأستاذ الحسين قرمان وهو باحث في القانون الدستوري والتراث ومتخصص في الاعلام الرقمي، أن المناسبة شرط للحديث عن القوانين التعسفية التي انتهجتها الإدارة الاستعمارية الفرنسية لمصادرة حقوق المغاربة في التجمع والتظاهر وحرية التعبير، منذ التوقيع على معاهدة الحماية سنة 1912،
حيث استخدمت تلك القوانين بمنطق “حق يراد به باطل” للتنكيل بالمغاربة وترهيبهم. ومنعهم من شتى أنواع التعبير بما فيها تأسيس الجمعيات بفرض شروط صارمة وتعجيزية وعقوبات سجنية وأخرى على شكل غرامات ومختلف أساليب التضييق.
وتتمة لمداخلة الأستاذ الحسين قرمان اعتبر الأستاذ محمد رضا الزوجال. وهو أستاذ مادة الصحافة وباحث في الاعلام والقانون ورئيس النادي الدولي لصحافة المستقبل ان التضييق الذي انتهجته سلطات الحماية الفرنسية على المغاربة كان كذلك بعدم السماح بدخول الجرائد والمجلات من المشرق بدرجة أكبر إلى المغرب واستثنت من هذه العملية الصحف والمجلات المؤيدة لفرنسا وبالتالي فكل هذا التضييق زاد من حالة الاحتقان لدى المغاربة إلى أن تفجر الوضع في انتفاضات 29 و30 و31 يناير 1944 بمدن الرباط وسلا وفاس.
مستشهدا في هذا السياق بمداخلة للسيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الدكتور مصطفى الكثيري حيث قال: أن اسرة المقاومة وجيش التحرير تقف على مألوف العادة عند هذه الذكرى للوفاء للمناضلين الوطنيين الذين خرجوا في مدينة الرباط بتاريخ 29 يناير 1944 لتأييد وثيقة المطالبة بالاستقلال والتنديد بالممارسات القمعية لسلطات الحماية الفرنسية تجاه المتظاهرين والمحتجين،
وأشار الى ان هذا الحدث الوطني التاريخي، عرف مشاركة جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه حينما كان طالبا في المدرسة المولوية، كما تحدث الأستاذ محمد رضا الزوجال عن كلمة للمقاوم احمد تنان في تصريح خص به وكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه المحطات تعكس استمرار كفاح المغاربة من اجل التحرر واسترجاع ارضهم وان هذا اليوم يعد امتدادا لحدث 11 يناير وبالتال
سير أشغال هذه الندوة الفكرية الإعلامي الأستاذ أحمد أكزناي الذي أكد بدوره على أهمية هذه الذكرى كمحطة فاصلة ونوعية في تاريخ الوطن، مثمنا مجهودات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في صيانة الذاكرة الوطنية وايلاء هذه الذكريات الكثير من العناية والاهتمام على غرار غيرها من الذكريات الوطنية الكبرى، وهو ما اعتبره الأستاذ اكزناي عملا جبارا وجهدا كبيرا يجب أن تتظافر كل الجهود لدعمه مؤكدا على ضرورة العناية بهذه الذكريات ودمجها ضمن المقرر الدراسي بمساحة كافية تليق بها.
وهو ما اتفق معه فيه السيد محمد الدراوي رئيس البيت المغربي للمواطنة والتنمية- المكتب التنفيذي المركزي- الذي اعتبر أن هذه الذكرى هي محطة نوعية تبرز التلاحم العجيب الذي خاضه الشعب والعرش من أجل التحرر من براثن المستعمر،
وبأنها أبرزت بما لا يدع مجالا للشك تلك العروة الوثقى التي تجمع بين الشعب المغربي وملوكه وهو ما يجب أن يفهمه خصوم الوحدة الترابية في قضية الصحراء المغربية فالمغاربة منذ الازل وإلى يومنا هذا كالبنيان المرصوص على متشبثين بأهداب العرش العلوي المجيد دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية
خرجت الندوة الفكرية بمجموعة من التوصيات التي نصت على ما يلي:
الدعوة إلى تكاثف جميع الجهود لدعم مجهودات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير فيما تقدمه من أنشطة تعنى بصيانة الذاكرة الوطنية وتثمين الذكريات الوطنية وترسيخ قيم المواطنة والوطنية في نفوس الناشئة.
ضرورة الضغط كمجتمع مدني وفاعلين في القطاع العمومي والخاص على تخصيص حيز أكبر وأكثر فعالية لقيم المواطنة والوطنية في الكتاب المدرسي.
دعوة المثقفين والباحثين إلى إنجاز بحوث تعنى بدراسة قيم الوطنية لدى المغاربة استنادا إلى تاريخنا الحافل بالتضحيات.
يذكر أن هذه الندوة تأتي في سياق احتفالات الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بذكرى انتفاضات 29 و30 و31 يناير 1944 بمدن الرباط وسلا وفاس، والتي جاءت على خلفية تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، وشكلت منعطفا مهما في مسار النضال الوطني من أجل الحرية والاستقلال كما جَسَّدَت أسمى صور التلاحم الوثيق والترابط المتين بين العرش والشعب من أجل الحرية والاستقلال والوحدة الوطنية.