من الأمثال الشعبية التي يتداولها المغاربة عن الشخص الذي يتقن أكثر من عمل أو صنعة، ومع ذلك فهو يعاني الفقر وقلة الرزق: ” سبع صنايع والرزق ضايع “. لا ندري هل هذا المثل المغربي الدارج يجري على الوزير محمد المهدي بنسعيد الذي يجمع ثلاث حقائب دفعة واحدة: الشباب والثقافة والتواصل؟
لأن ما قام به الوزير الحامل للجنسية الفرنسية أمام ضيوفه، ممثلي اللجنة اليهودية / الأمريكية، لا علاقة له بالقطاعات الثلاث التي أمنه عليها العاهل المغربي محمد السادس حفظه الله، (وزارة الشباب والثقافة والتواصل).
وزير من المفروض أن يكون متشبعا بسمو الشباب وبآداب الثقافة وبتقنيات وأساسيات التواصل، لكن للأسف الطريقة التي ظهر بها أمام الوفد الأمريكي / اليهودي لا تليق بمن وضع فيه العاهل المغربي ثقته لكي يكون قدوة في المعاملة والتواصل.
التواصل غير اللفظي، هو عملية تواصلية من خلال ارسال واستقبال رسائل دون كلام، وذلك من خلال لغة الحركة ولغة الجسد، لأنه وسيلة لنقل المعلومات والأحاسيس والمواقف.
قد يؤدي عدم توافق الرسالة اللفظية مع لغة الجسد إلى إيصال رسالة خاطئة للمتلقي. يؤدي التواصل غير الكلامي عادة إلى تقوية الانطباع الأول في الكثير من الحالات.
الطريقة التي جلس بها السيد الوزير المحترم، غالبا ما تكون قد أرسلت رسائل خاطئة وإن كانت بحسن نية.
فالوزير الذي يتحمل حقيبة التواصل لابد أن يكون على دراية بأنواع التواصل (التواصل اللفظي، غير اللفظي الأفقي والعمودي…)، حتى لا يقع فيما وقع فيه لدى استقباله لممثلي اللجنة الأمريكية / اليهودية.

من بين تقنيات التواصل غير اللفظي، شكل اللباس، وقد كان وزير التواصل موفقا كثيرا في شكل اللباس.
فالملابس تعد الوسيلة الأكثر شيوعا من ضمن وسائل التواصل غير الكلامي. حيث يعبر شكل الملابس التي يرتديها الشخص بشكل لا لفظي عن شخصيته، خلفيته، وحالته المادية، و حالته النفسية رغم أن الفرنسيين يقولون” إن اللباس لا يصنع عابدا أو راهبا”
نأتي الآن إلى الحركة غير اللفظية التي أثارت استفزاز الصحافة والشعب، وهي حركة الرجل فوق الرجل أمام ضيوف أجانب. خبراء التواصل يجمعون على أن القدم أو الرجل هي أكثر أجزاء الجسم صدقاً، فهي الجزء الذي يكشف المقاصد الحقيقية للشخص، وبالتالي يكون مكاناً رئيسيا للبحث عن الإشارات غير الملفوظة التي تعكس بدقة ما يفكر فيه صاحب هذه الحركة غير الأنيقة، و بالتالي قد تفسد تلك الحركة الزائدة العملية التواصلية برمتها، و هو وزير التواصل، بمعنى آخر، يجب أن يكون وزير التواصل مرجعا في طرق و تقنيات التواصل ، سواء كان هذا التواصل لفظيا أو غير لفظي.
صحيح أن معظم الأشخاص يبدؤون بملاحظة الجزء الأعلى من جسد الشخص (الوجه بالدرجة الاولى) ثم يحولون طريقهم للأسفل. وصحيح أيضا أن الوجه هو الجزء الرئيسي من الجسد الذي يستخدم غالبا للتحايل في التواصل اللفظي وغير اللفظي، لكن عندما يكون الإنسان جالسا، كما كان وزير التواصل، و يضع رجلا فوق الرجل الأخرى، تتيه نظرات و اهتمام الضيف و يذهب رأسا إلى الرجل أو القدم لأنها تكون قريبة من الوجه، و تصبح بالتالي لغة القدم هي اللغة الطاغية و المهيمنة على العملية التواصلية برمتها.
قد يعتبر البعض، أن الحركة التي قام به وزير التواصل تعبر عن سلوك نفسي باطني لا علاقة له إطلاقا بالتواصل غير اللفظي، عبر عنه بتلك الطريقة المستفزة، وقد تكون تلك الحركة تعبير عن رفض للآخر، سواء كان هذا الآخر أمريكيا أو يهوديا.
ولكن كيف ما كان الحال، ما قام به وزير التواصل يعتبر تواصلا مرفوضا وإهانة للأمريكيين و اليهود على حد سواء.