رجّحت الولايات المتحدة، الإثنين، أن تكون الرصاصة التي قتلت الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة أطلقت من موقع إسرائيلي، مشدّدة على عدم وجود ما يدعو للاعتقاد بأنها قُتلت بشكل متعمد، فيما دان الفلسطينيون “محاولات لحجب الحقيقة” في القضية.
كما نددت عائلة الصحافية الفلسطينية-الأمريكية بنتائج التحقيق قائلة في بيان “بالنسبة لإعلان وزارة الخارجية الأمريكية اليوم 4 تموز/يوليو بأن الاختبار الذي أجري للرصاصة التي قتلت شيرين أبو عاقلة، وهي مواطنة أمريكية، لم يكن حاسما بشأن مصدر السلاح الناري الذي أطلقت منه، لا يسعنا أن نصدق الأمر”.
وقالت الخارجية الأمريكية إن الرصاصة التي قتلت الصحافية لا تتيح التوصل إلى “استنتاج نهائي” في ما يتعلق بمصدر الرصاصة التي قتلتها في 11 أيار/مايو وتسلمتها من السلطات الفلسطينية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس أن “خبراء بالستيين خلصوا إلى أن الرصاصة متضررة بشكل كبير ما حال دون التوصل إلى استنتاج نهائي”، بعد “تحليل جنائي شديد التفصيل” بمشاركة خبراء من الخارج.
واتّهمت السلطة الفلسطينية وقناة الجزيرة إسرائيل بقتل ابو عاقلة في 11 ايار/مايو خلال مداهمة القوات الاسرائيلية منزل أحد المطلوبين في جوار مخيم جنين.
وقُتِلت أبو عاقلة التي كانت تعمل لدى قناة “الجزيرة” القطريّة منذ 25 عاما إثر إصابتها برصاصة في الرأس أثناء تغطيتها عمليّة عسكريّة إسرائيليّة عند أطراف مخيّم جنين شمال الضفّة الغربيّة.
وقال المنسّق الأمني الأمريكي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية إن الطرفين أتاحا الاطلاع الكامل على تحقيقاتهما الخاصة في الأسابيع الأخيرة.
وأعلنت الخارجية الأمريكية أنه بناء على نتائج التحقيقين “خلص المنسق الأمني الأمريكي إلى أنه من المرجح أن تكون أبو عاقلة قتلت بإطلاق نار من موقع للجيش الإسرائيلي”.
وشددت على أن “المنسق الأمني الأمريكي لم يجد ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الأمر متعمد بل جاء نتيجة ظروف مأسوية خلال عملية للجيش الإسرائيلي ضد فصائل تابعة لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني”.
والإثنين، جاء في بيان للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالعربية أفيخاي أدرعي “تم إخضاع الرصاصة لاختبار بالستي في مختبر الطب الشرعي بحضور هيئات مهنية إسرائيلية وممثلين محترفين عن USSC (المنسق الأمني الأمريكي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية)، من أجل تحديد السلاح الذي أطلقت منه. تم إجراء الاختبار في إسرائيل بحضور ممثلين عن USSC في كافة مراحله”.
وفي بيان نادر صدر في يوم العيد الوطني الأمريكي في الرابع من تموز/يوليو شددت الخارجة الأمريكية على أن الولايات المتحدة “تواصل التشجيع على التعاون بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في هذه القضية الهامة وتقدّم مجددا أصدق التعازي لعائلة أبو عاقلة”.
“غير مقبول”
بدوره، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ في تغريدة أن “حكومة الاحتلال تتحمل مسؤولية اغتيال شيرين أبو عاقلة وسنستكمل إجراءاتنا أمام المحاكم الدولية، ولن نسمح بمحاولات حجب الحقيقة أو الإشارات الخجولة في توجيه الاتهام لإسرائيل”.
وقال النائب العام أكرم الخطيب، في بيان، “ما صرح به الجانب الأمريكي بشأن نتائج الفحص الفني من وجود أضرار بالغة في المقذوف الناري حالت دون التوصل الى نتيجة واضحة بشانه، فإن النيابة العامة تؤكد عدم صحة ذلك وتستغرب ما ورد في البيان كون أن التقارير الفنية الموجودة لدينا تؤكد أن الحالة التي عليها المقذوف الناري قابلة للمطابقة مع السلاح المستخدم”.
وأضاف البيان “من غير المقبول ما ورد من تصريح الجانب الأمريكي بعدم وجود أسباب تشير أن الاستهداف كان متعمداً، سيما وأنهم كانوا على اطلاع بمجمل تحقيقات النيابة العامة التي أكدت مسألة التعمد في القتل”.
من جهتها، حضّت حركة حماس على إجراء تحقيق دولي واعتبرت أن التحقيق الأمريكي ينطوي على “انحياز فاضح” للرواية الإسرائيلية.
في المقابل أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد عن أسفه لمقتل أبو عاقلة “المأساوي” وشدد على أن التحقيق الإسرائيلي خلص “بشكل قاطع إلى عدم وجود نية متعمّدة لإيذائها”.
وجاء في بيان للبيد أن إسرائيل ستواصل “إحباط الإرهاب حيثما كان”، مع التأكيد على “حرية العمل الصحافي”.
وفي 24 حزيران/يونيو خلصت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى أن الصحافية الفلسطينية قُتلت بنيران القوات الاسرائيلية، فيما استبعد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أن يكون العيار الناري الذي أصابها متعمّدا معتبراً أن التحقيق الأممي “لا أساس له”.
“تحقيق مستقل”
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تعهّد في حزيران/يونيو محاسبة المسؤولين عن مقتل أبو عاقلة، وقال “نتطلع الى تحقيق مستقل وموثوق به. وعندما يحصل هذا التحقيق، سوف نتبع الحقائق حيثما تقودنا. الأمر بهذا الوضوح”.
وتابع بلينكن الذي كان قد تحادث هاتفيا مع عائلة أبو عاقلة “أنا أشجب بشدة خسارة شيرين. لقد كانت صحافية مميزة، ومواطنة أمريكية”.
وفي 13 أيّار/مايو، شارك آلاف الفلسطينيّين في القدس الشرقيّة في تشييع أبو عاقلة، إلا أن مشاهد مهاجمة الشرطة الإسرائيليّة لموكب تشييعها أثارت تنديدا كبيرا عالميا، إذ حاول عناصرها منع المشيّعين من رفع الأعلام الفلسطينيّة أو إطلاق شعارات وطنيّة.
وكاد نعش أبو عاقلة يسقط أرضًا من أيدي المشيّعين بعد تعرّضهم للضرب بالهراوات من جانب عناصر الشرطة الإسرائيليّة الذين اعتقلوا بعضهم.
ودعا عشرات من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين مكتب التحقيقات الفدرالي “أف بي آي” لإجراء تحقيق للسعي الى التوصل لنتيجة محايدة في مقتلها.