تخليدا لليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، نظّمت جمعية ماما عائشة للأعمال الاجتماعية بقصر الثقافة بعين السبع بمدينة الدار البيضاء يوم السبت 16 من دجنبر الجاري، ندوة ثقافية حول موضوع “العنف ضد المرأة”.
وقد ساهم في تأطير النقاش مجموعة من الفعاليات الثقافية والمدنية بالمدينة من دكاترة ، شعراء ، شواعر ، أدباء، إعلاميين وفنانين تشكيليين إضافة إلى فاعليين جمعويين ،والذين أجمعوا على أن ظاهرة العنف ضد المرأة تعرف تناميا ملحوظا يقتضي تضافر جهود كل الغيورين والمهتمين بقضية المرأة من أجل مواجهته والحد منه لاستعادة الدور الريادي للمرأة.
افتتحت الندوة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، ثم النشيد الوطني لتليها كلمة ترحيبية من رئيسة الجمعية السيدة حمري عائشة أو كما يُطلق عليها ” ماما عائشة “، إذ رحّبت فيها بالمشاركين في الندوة وكذا بالحضور الكريم.
وشكرت الجميع على تلبية الدعوة لأجل مناقشة موضوع يمس من يمثل نصف المجتمع .نشط اللقاء الاستاذ مصطفى شوقي والذي بدوره رحب بكل المشاركين والحاضرين كما ذكَّر بالسياق الذي جاء فيه هذا النشاط وكذا الأهداف المرجوة منه، وعلى رأسها مد جسور التواصل مع المرأة ومع كل المهتمين بقضايا المرأة.
تطرق الدكتور نبيل الصافي في تدخله على التعريف بظاهرة العنف وشدد على كلمة العنف ، معناها ومقصدها وانواعها اللفظي والمعنوي وخاصة على العنف بين الذكر والأنثى وخاصة بين الزوجين .كما أشار أن أساس العنف ضد النساء هو الصراع بين الجنسين الذي يبنى على النظرة الدونية للآخر وعلى غياب التربية والأخلاق.
ليخلص في النهاية الى أن العنف ظاهرة سلبية تفقد جمالية الحياة وتنقص من رونق سيرورة الكون.
بعد ذلك تناول الكلمة الصحافي بوشعيب الحمراوي حيث تطرق في مداخلته للواقع الذي تعيشه فيه المرأة والذي يتمثل في تهميش المرأة داخل المجتمع وهضم حقوقها إضافة الى غياب الاهتمام الوطني والحقوقي بها دون تناسي الفهم الخاطئ لبعض النصوص الدينية والذي يعمق الهوة بين المرأة والرجل وبين المرأة والمراة .
كما أشار الى العنف الرقمي وما يفرزه من مآسي اجتماعية، وما تتعرض له المرأة من مختلف أشكال الابتزاز والممارسات المهينة والحاطة بالكرامة الإنسانية المبنية على التفاهة والسخافة والتي أصبحت تجعل من جسد وشخصية المرأة أكثر إثارة منها.
في مداخلةالدكتور سعدأبونار ركزعلى أسباب العنف وجدوره وأشكاله ، فقدعدّد مجموعة من الأسباب والعوامل المؤدية للعنف، أولها العادات والتقاليد التي لازالت تؤثر في شخصية الانسان بالاضافة الى التنمر والمضايقات في العمل بالاضافةالى التمييز في الحقوق والواجبات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية حيث يزيد كل هذامن تعميق ظاهرة العنف وانتشارها.
واعتبر أن العنف بكافة أنواعه وتجلياته عنفا كونيا لا يقتصر على مجتمع بعينه، وحمّل مسؤولية انتشاره للعامل الرقمي بكافة أنواعه وللأسرة التي تخلّت عن دورها في التربية خاصة الأم التي اعتبرها الأساس الأكبر في بروز الظاهرة،إضافة إلى تراجع دور المدرسة التي كانت فيما مضى مجالا للتربية والتعليم.
للحد من انتشار ظاهرة العنف اقترح مايلي: -التكفل بالنساء ضحايا العنف، وتمكينهن ودمجهن عن طريق الدعم النفسي والاجتماعي.
– التغلب على القصور في أساليب التنشئة الاجتماعية -القضاء على هيمنة القيم للأخلاقية ، إضافة إلى منع اختلالات تنموية تكرّس مزيدا من الفقر والتهميش.
الدكتور أبونار يدعو المرأة الى عدم الاستسلام و إذكاء الوعي لدى النساء، واعتبار التربية مدخلا أساسيا عبر جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية: الأسرة والمدرسة والإعلام. وشدد على أهمية التغيير الشامل لأن معالجة الظاهرة تقتضي ربطها بما هو تاريخي وسياسي وديني واقتصادي، لأن الفصل بينها وبين باقي القضايا فصل اعتباطي لما يجب أن لا ينفصل. ونوّه في المقابل إلى ضرورة توفير بيئة حاضنة ملائمة من خلال النهوض بالتنمية، وتوفير بناء ديمقراطي حقيقي يمكّن النساء من التأثير على صناعة القرار ويضمن الكرامة للمرأة كما للرجل.
وبعد انتهاء المداخلات تم فتح باب النقاش، والذي تميز بتفاعل قوي؛ حيث أجمع الحاضرون و الحاضرات على خطورة العنف الذي أصبح ظاهرة مقلقة بات معها التعاون وتنسيق الجهود الميدانية مع مختلف الفاعلين والمهتمين للمساهمة في الحد من ظاهرة العنف.
تخلل الندوة ق راءة بعض القصائد من شعراء مرموقين كالجزار الأنيق وحسن ميري وعبد الكبير صابر وكذا الزجالة فتيحة بلالي.
كما تم توزيع شواهد المشاركة على المتدخلين والتدخلات تقديرا على استجابة الدعوة والمشاركة في إثراء نقاش له راهنيته. وختم اللقاء بنقاش حول لوحة للفنان التشكيلي علي برجى والتي لها علاقة وطيدة بموضوع الندوة كما تمت المشاركة جماعيا في اتمام رسم لوحة معبرة تخص الموضوع ذاته.