“للمواطنين والمواطنات حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام”. هكذا نص الفصل الـ27 من الدستور المغربي لسنة 2011، على أهمية الحق في الحصول على المعلومات وتعزيز مبدأي الشفافية والمسؤولية.
وسيمكن نشر القانون رقم 31:13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، بتاريخ 12 مارس 2018، المغرب من استكمال شروط الانضمام إلى مبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة، وإعداد خطة عمل وطنية في هذا الإطار، عبر تأسيس لجنة الحق في الحصول على المعلومات الموكل لها ضمان حسن ممارسة هذا الحق الدستوري.
قانون للحصول على المعلومات أم لحجبها؟
في هذا السياق، نبه دليل الترافع حول حرية التعبير والحق في الحصول على المعلومات، الذي أصدرته منظمة أنترنيوز، بشراكة مع المعهد المغربي لتحليل السياسات، والمنتدى المغربي للصحفيين الشباب، إلى أن القانون رقم 31:13 “يحجب المعلومات عن الصحافيات والصحافيين”، كونه لايمكنهم من الحصول على المعلومات بصفتهم المهنية، “فالصحافي أثناء مباشرته البحث عن المعلومات، يطلبها بصفته مواطنا وليس بصفته صحافيا مهنيا”.
وعدّ الدليل تنصيص القانون، على “احترام الآجال القانونية للحصول على المعلومات، 20 يوم عمل في الحالات العادية، و3 أيام في الحالات الاستعجالية، آجال لا تأخذ بعين الاعتبار طبيعة العمل الصحافي، مما يتعين ضرورة مراجعتها”، ويوصي بدلا من ذلك بـ “اعتماد آجال 10 أيام كاملة للرد على طلبات الحصول على المعلومات”.
تجاهل طلبات الحصول على المعلومات والرهان على القضاء الإداري
ياسر المختوم، صحافي استقصائي مغربي سلك طريق الوصول إلى المعلومات أكثر من مرة فوجده مليئا بالعراقيل، يقول “بعد حوالي سنة على دخول قانون الحق في الحصول على المعلومات حيز التنفيذ، خضت تجربة عملية لاختبار مدى التزام المؤسسات الحكومية به، حيث تقدمت بطلب إلى وزارة الاقتصاد والمالية، للحصول على معلومات (في يوليوز 2020) تتعلق بمداخيل وموارد صندوق “كوفيد-19″، ثم تقدمت بطلبين إلى وزارة الصحة (في7 و28 شتنبر 2020)، أحدهما للمطالبة بالحصول على تفاصيل صفقات “كورونا” التي أبرمتها الوزارة خلال الجائحة”.
أول صحافي لجأ إلى القضاء الإداري، لاستكمال مسطرة النفاذ إلى المعلومة يضيف شارحا، “كان ملفتا للانتباه أن الطلبات الثلاثة كان مصيرها “التجاهل”، بعد انقضاء الآجال القانونية المحددة، لأقرر اللجوء إلى القضاء الإداري، حيث وضع دفاعي شكايتين، في مواجهة رئيس الحكومة ووزيري الصحة والاقتصاد والمالية”.
عن مآل الشكايات الثلاث يقول ياسر المختوم، “الشكاية الموجهة ضد وزارة المالية، لم تبث المحكمة في جوهر الموضوع، وتوقفت في حكمها الابتدائي، عند الشكل (احترام الإجراءات الإدارية)، وقالت إنني لم أقدم ما يفيد بتقديم شكاية إلى وزير المالية، عقب تجاهل طلبي، بينما منطوق الحكم الابتدائي نفسه، يؤكد تقديم شكاية إلى لجنة الحق في الحصول على المعلومات”.
وبخصوص الشكايتين ضد وزارة الصحة أردف المتحدث عينه، “قضت المحكمة برفض الطلب، على اعتبار أن المعطيات التي طلبتها، كانت موضوع للبحث من طرف لجنة تقصي الحقائق في مجلس النواب، بينما الصادم، وكما يؤكد ذلك مجلس النواب في موقعه الإلكتروني، أن تاريخ قبول المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول صفقات وزارة الصحة خلال الجائحة وبداية أعمالها، هو يوم الثلاثاء 1دجنبر 2020، وهو تاريخ لاحق لانتهاء آجال رد الوزارة على طلبي للحصول على المعلومة”.
واعتبر المختوم “الرهان كبير على القضاء الإداري، فهو اليوم أمام امتحان أو تمرين ديمقراطي، ليكون فاعلا أساسيا في مسار تنزيل مقتضيات قانون الحق في الحصول على المعلومة، وتفعيل أحد الحقوق والحريات الأساسية التي نص عليها دستور 2011”.
وزاد، “بخصوص الآجال القانونية للرد، قد تكون عادية ومقبولة في الحالات العادية سواء المتعلقة بطلبات المواطنين الخاصة بالحصول على معلومات، وأيضا بالنسبة للصحافيين الذين يشتغلون في مجال الصحافة الاستقصائية، أما بالنسبة لعمل الصحافي المرتبط بالأجناس الصحافية الأخرى من دون التحقيق، فلا يمكن أن يكون اللجوء للقانون ذو جدوى، بحيث لا يمكن أن ينتظر الصحافي آجال الرد، وفي حالة رفض طلبه، فهذا معطى أساسي، يقدم صورة عن مدى التزام المؤسسات والإدارات العمومية بالقانون، ومن المهم إخبار القارئ بذلك”.
الصحافي الاستقصائي ذاته يعتبر، “قانون الحصول على المعلومات مهم بالنسبة للصحافيين، غير أنه في حاجة للمراجعة، وفي حاجة لتطبيق سليم وتأويل ديمقراطي لبنوده، فالمادة 7 منه المتعلقة بالاستثناءات مثلا، قد تصبح الملاذ الآمن لرفض أي طلب للحصول على المعلومات، وهذا ما اتضح من خلال الممارسة العملية”.
في الحاجة إلى مراجعة القانون بما يضمن دعم الصحفيين في جهودهم الاستقصائية
بسمة أوسعيد مديرة مشروع “الحق في الحصول على المعلومات كآلية للترافع، والشفافية، والحكامة الجيدة”، بجمعية سمسم مشاركة مواطنة، وهي من إحدى الجمعيات الرائدة في مجال تتبع تنفيذ قانون الحق في الحصول على المعلومات بالمغرب، ترى أن “هذا الحق من أهم الحقوق، التي تمت دسترتها في الفصل 27 من الدستور تنزيلا لمقتضيات الفصل 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكذا المادة 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي ألزمت الإدارات العمومية بضرورة تمكين المواطنين من الحق في الحصول على المعلومات، واتخاذ التدابير الكفيلة لممارستهم لهذا الحق”.
حسب المتحدثة، “تواجه الممارسة العملية لهذا الحق تحديات كبيرة سواء بالنسبة للعمل الصحفي، أو المجتمع المدني، أو البحث العلمي، وأول تحد يواجه طالبي المعلومات هو أن طلبات الحصول على المعلومات يجب أن تقدم بصفة فردية، إذ لا يسمح القانون للهيئات الاعتبارية، مثل الجمعيات أو الصحافيين بصفتهم المهنية، بتقديم الطلبات”.
وخلصت أوسعيد إلى أنه، “بات من الضروري مراجعة هذا القانون بما يضمن دعم الصحفيين في جهودهم الاستقصائية، من خلال توفير بيئة قانونية مشجعة وآليات شفافة للحصول على المعلومات التي يحتاجونها لأداء دورهم في مراقبة الشأن العام، وترسيخ ثقافة النشر الاستباقي للمعلومات”.
هذا العمل أنجز في إطار مسابقة طلاب الجامعات العربية، ضمن ملتقى أريج السابع عشر تحت عنوان “صحافة بلا قيود”.