يُشرّفني اليوم أن اناقش تقرير “مراسلون بلا حدود” لحرية الصحافة لعام 2024، والذي حمل أخبارًا إيجابية للمغرب، حيث ارتقى ترتيبه بشكل لافت ليحتل المرتبة 129، متقدمًا على عدد من الدول العربية، بما في ذلك الجزائر التي تراجع ترتيبها.
يُمثل هذا التقدم إنجازًا هامًا و عظيما للمغرب، ويعكس جهود المملكة الشريفة في تعزيز حرية الصحافة وفتح المجال أمام الصحفيين لممارسة مهنتهم بحرية أكبر.
و يعزى هذا التقدم، في نظرنا، إلى عدة عوامل، أهمها:
- غياب الاعتقالات الجديدة للصحفيين: يُعدّ هذا مؤشرًا هامًا على التزام المغرب بحرية التعبير واحترام مهنة الصحافة،
- انفتاح أكبر على الصحافة المستقلة: تُشجع المملكة على تنوع الأصوات وتُتيح للصحفيين المستقلين فرصة التعبير عن آرائهم دون خوف أو قيود
- تعزيز الإطار القانوني المنظم لحرية الصحافة: تُواصل المملكة جهودها لتطوير منظومة قانونية تُعزز حرية الصحافة وحقوق الصحفيين.
و بالتالي، يُمثل تقدم المغرب في مجال حرية الصحافة مصدر إلهام للدول العربية الأخرى، ويُشجعها على اتخاذ خطوات مماثلة لتعزيز حرية التعبير واحترام مهنة الصحافة.
اما بخصوص قرب انقراض الصحافة المستقلة لدى الجارة الشقيقة فان تقرير “مراسلون بلا حدود” يثير القلق بشأن الوضع المتدهور لحرية الصحافة بالجزاير حيث باتت الصحافة المستقلة مهددة بالانقراض.
و ثمة مؤشرات كثيرة على تراجع حرية الصحافة في الجزائر منها :
- تشديد القيود على الوصول إلى المعلومات: تُمارس السلطات الجزائرية ضغوطًا على الصحفيين لتقييد حصولهم على المعلومات، مما يُعيق عملهم ويُحد من قدرتهم على إطلاع الرأي العام على الحقائق
- التضييق على الصحفيين المنتقدين: يواجه الصحفيون الذين ينتقدون حكومة بلد المليون شهيد، أو يطرحون قضايا حساسة مضايقات وتهديدات، مما يخلق جوًا من الخوف والترهيب
- غياب الإرادة السياسية لتعزيز حرية الصحافة: تُظهر السلطات الجزائرية ضعفًا في الالتزام بحرية الصحافة، مما يُعيق أي تقدم حقيقي في هذا المجال.
و المغرب يستطيع باذن الله، تحسين موقعه في سلم حرية الصحافة، فرغم التقدم المُحقق، لا يزال هناك مجال لتحسين موقع المغرب في سلم حرية الصحافة، وذلك من خلال:
١ تعزيز حماية الصحفيين من الاعتداءات والمضايقات: يجب على السلطات المغربية اتخاذ خطوات حاسمة لحماية الصحفيين من أي اعتداءات أو مضايقات، وضمان محاسبة الجناة.
٢ ضمان حرية الوصول إلى المعلومات: يجب على المغرب توسيع نطاق حرية الوصول إلى المعلومات لضمان حصول الصحفيين على المعلومات التي يحتاجونها لممارسة عملهم بحرية.
٣ مكافحة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة: يجب على المغرب اتخاذ خطوات فعالة لمكافحة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة على الإنترنت، وضمان بيئة إعلامية صحية وامنة.
ختاما، يمكن القول ان تقدم المغرب في مجال حرية الصحافة خطوة إيجابية نحو تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في المملكة الشريفة. و يُشجع هذا التقدم الدول العربية الأخرى على اتباع نفس النهج، ويُؤكد على أهمية حرية الصحافة في بناء مجتمعات حرة وديمقراطية.
*كاتب، استاذ باحث، خبير الرقمنة و الذكاء الاصطناعي
المعهد العالي للاعلام و الاتصال، الرباط