تشهد مواقع التواصل الاجتماعي منذ انفجارها العظيم ظواهر دخيلة على المجتمع المغربي من قبل من يدعون بـ”المؤثرين” ، فعند إبحارك في المواقع المذكورة يفاجئك أشخاص يقدمون الكلام النابي والساقط كمحتوى، أو فيديوهات لـ تبادل السب والشتم في معطيات شخصية وأسرية، أو تسويق توجهات نحو الانحلال الأخلاقي عبر مواقف مصطنعة أو متفق عليها من أجل “البوز“
وأعاد انتشار هذه الظواهر بشكل فج مؤخرا النقاش حول ضرورة تدخل السلطات لتقنين نشاط هؤلاء الذي باتوا يسيطرون على مواقع التواصل الاجتماعي وتتهافت عليهم الشركات من أجل الترويج لسلعها ومنتجاتها، حيث طالبت العديد من الأصوات بإقرار قانون يجرم تقديم “المحتوى الهابط”
ودعا مهتمون إلى وضع ضوابط قانونية في ما يتعلق بعمل مثل هؤلاء النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، تجنباً لمزيد من التجاوزات التي لا يمكن التحكم فيها من دون وجود قوانين تنظم هذا النشاط، وما جعل المطالب ترتفع بقوة تزايد عدد هؤلاء وتسللهم نحو عدة مجالات مثل الإعلام والصحافة والتمثيل والغناء والفن بصفة عامة
وفي حين تعتبر جهات أخرى أنه يجب احترام حرية نشاطهم ما داموا لا يرتكبون أي جرائم، بينما يقول آخرون، إن التخوف يعود إلى وجود عدد من الأشخاص “المهمشين” و”غير المهمين” وفي بعض الأحيان “المجرمين” بين هؤلاء النشطاء، مما يجعل محتوى ما يقدمونه على مواقع التواصل الاجتماعي غير قيم ومهلك، كما يفتح المجال لتسلل النصابين والمحتالين الذين يعرضون أموالاً طائلة على هؤلاء من أجل الترويج “المخادع” لمنتجاتهم الصورية
خطوة محمد المهدي بنسعيد المباركة
وفي هذا النطاق، كشف وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، عن الإجراءات التي يقوم بها المغرب من اجل مواجهة ما أصبح يعرف بـ”فوضى مواقع التواصل الاجتماعي”، وعلى رأسها “التيكتوك”
وقال بنسعيد، قبل أيام قليلة ،خلال مشاركته في الجلسة الأسبوعية لمجلس المستشارين، “الحكومة تعمل ليس فقط على التيك توك وإنما على كل الوسائط، ونعمل من خلال تكتل مع مجموعة من الدول العربية من أجل أن يكون لنا محاور والتواصل مع مالكي تلك الوسائط من أجل التعبير عن الإشكالات التي نعاني منها، والتي تمس قيمنا، و المقبول والغير مقبول”
وأضاف الوزير، جوابا على سؤال متعلق بالإجراءات المتخذة للحد من السلبيات المتزايدة لـ “التيك توك” في بلادنا، قدمه فريق التجمع الوطني للأحرار، “هناك عائق موجود وهو مفهوم حرية التعبير والقيم بالنسبة لهذه المقاولات (صاحبة الوسائط)”
وتابع، “اليوم فتحنا النقاش، ونريد أن نقوي موقعنا في اطار التكتلات الإقليمية لنمتلك قوة سياسية اقتصادية اثناء الحوار معهم”
بخصوص “التيكتوك”، كشف الوزير، “فتحنا معهم الحوار، ومن الممكن ان يتم فتح مكتب هنا في المغرب، وفي هذا الإطار سنحاول التدخل من اجل اطلاعهم على مفاهيم الثقافة المغربية”
من جهته، أشار المستشار التجمعي مولاي عبد الرحمان ابيلا، إلى السلبيات التي يحملها هذا الموقع، مشيرا إلى عدد من الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول في مواجهته، والتي وصلت في بعض الحالات إلى الحد نهائيا من إمكانية الوصول إليه
“التيك توك يتحدى علمانية تونس و”ديموقراطيتها”
وموازاة مع تحرك سلطاتنا التنفيذية والقضائية في أفق محاصرة هذه المحتويات الهابطة، أقرت عدة دول تدابير مماثلة في نفس الاتجاه ومنها السلطات التونسية التي أصدرت أوامر بملاحقة صناع المحتوى “الهابط و الخادش” للأخلاق على تطبيقي “تيك توك” و”إنستغرام” واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، بعد تداول محتويات معلوماتية تتعارض مع الآداب العامة والظهور بوضعيات مخلة بالأخلاق الحميدة و منافية للقيم المجتمعية
وقالت وزارة العدل التونسية ، في بيان له ، إنّها أذنت للنيابة العامة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد كل من يتعمدّ إنتاج أو عرض أو نشر بيانات أو بث صور ومقاطع فيديو تحتوي على مضامين تمس القيم الأخلاقية
وأوضحت الوزارة أن تحرّكها جاء إثر انتشار ظاهرة تعمد بعض الأفراد استخدام شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة “تيك توك” و”إنستغرام” لعرض محتويات معلوماتية من شأنها التأثير سلبا على سلوكيات الشباب الذين يتفاعلون مع هذه المنصات، وذلك من أجل التصدي لهذه الممارسات
وفي الفترة الأخيرة، تصاعدت في تونس الدعوات لحظر تطبيق “تيك توك”، بعد انتشار مضامين اعتبرت لا أخلاقية وضارة بالقيم الاجتماعية وتحرض على العنف، خاصة في ظل الإدمان المتزايد للمراهقين على هذا التطبيق
و تعالت الانتقادات مؤخرا ضد صنّاع المحتوى، بعد انتشار مقاطع فيديو غير أخلاقية وتحوّل تطبيق تيك توك إلى منصة للسب والشتم ووسيلة للتسول، وسط مطالبات للدولة بالتدخل والقيام بدورها الرقابي من أجل محاربة المحتوى السيئ والحفاظ على الذوق العام
ويذكر أن عدد مستخدمي “تيك توك” في تونس، يبلغ 5.3 مليون شخص (من أصل حوالي 12 مليون نسمة) ،بعد أن كان في حدود مليون شخص قبل نحو عام ونصف، وفق ما أفادت به مؤسسة “ميديا نت” الخاصة مطلع العام الحالي
أقوال وحكم عن الحياء
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (مَن قَلَّ حَيَاؤُه قَلَّ وَرَعُهُ، ومَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ).
قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (لَا خَيْرَ فِيْمَنْ لَا يَسْتَحِي مِنَ النَّاسِ).
قال الأصمعي رحمه الله تعالى: (مَنْ كَساهُ ثَوبُ الحيَاءِ، لم يَرَ النّاسُ عُيُوبَهُ).
قال الحكماء: (القناعةُ دَليلُ الأمَانةِ، والأمَانةُ دَليلُ الشُّكرِ، والشُّكرُ دَلِيلُ الزّيادةِ، والزّيادةُ دليلُ بقاءِ النّعمةِ، والحياءُ دَليلُ الخَيرِ كُلِّهِ).
قال الحسن رضي الله عنه: (أربعٌ مَنْ كُنَّ فيه كان كاملاً، ومَن تعلّق بواحدة منهنّ كان مِن صالحي قومه: دينٌ يُرشِدُه، وعقلٌ يُسَدِّدُهُ، وحَسَبٌ يَصُونهُ، وحَيَاءٌ يَقُودُهُ).
قال الحكيم: (الحياءُ حَسَنٌ وفي النّسَاءِ أَحْسَنُ).
قال بعض الأدباء: (مَنْ عَمِلَ فِي السِّرِّ عَمَلًا يَسْتَحِي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَلَيْسَ لِنَفْسِهِ عِنْدَهُ قَدْرٌ).